news_article_91106_37511_1558676401 إزالة الصورة من الطباعة

كلمة المفوض العام امام اعضاء مجلس الامن التابع للأمم المتحدة

دائرة شؤون اللاجئين -24/5/2019- سيدتي الرئيسة،

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

الأعضاء المبجلون لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة،

السيدات والسادة،

اسمحوا لي أن أشكركم على دعوتي لمخاطبة مجلسكم الموقر. إنه لشرف خاص أن أفعل ذلك من غزة.

أود أن ابدأ حديثي بالتعبير عن تقديري الخالص للدول الأعضاء في الأمم المتحدة – الدول التي تستضيف لاجئي فلسطين والدول المانحة على حد سواء – على الثقة الاستثنائية وعلى الدعم الذي يقدمونه للأونروا منذ بداية عملياتها في العام 1950.

لقد عملنا سويا على تحقيق تقدم بارز على صعيد العديد من الأهداف الرئيسة للتنمية المستدامة من أجل لاجئي فلسطين، وتحديدا في التعليم والصحة وأبعد من ذلك، وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم.

ولم يكن الدعم المقدم منكم لافتا بأكثر مما كان عليه في عام 2018، وذلك عندما واجهت وكالتنا أكبر أزمة تمويلية لها على الإطلاق. لقد كانت أزمة وجودية بحق. لقد قامت اثنتان وأربعون دولة مختلفة ومؤسسات من كافة أرجاء العالم – بما في ذلك أندونيسيا سيدتي الرئيسة – بزيادة تبرعاتها للأونروا في العام الماضي، ونحن من جهتنا قمنا باتخاذ عدد من التدابير الصعبة وقمنا بتقليل النفقات بمقدار 92 مليون دولار. ومن خلال تضافر هذه الجهود، استطعنا في السنة الماضية أن نتغلب بنجاح على عجز غير مسبوق بقيمة 446 مليون دولار.

وإننا مدينون على وجه الخصوص لقيادة الأمين العام السيد أنطونيو غوتيريش ولعائلة الأمم المتحدة كلها، حيث وقفوا بحزم مع الأونروا في كل خطوة على الطريق خلال تلك الأوقات العصيبة للغاية.

وقد أصبح الاتحاد الأوروبي أكبر مانح منفرد للأونروا في عام 2018، وأود أن اقدم تحية خاصة أيضا لألمانيا والمملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة والسويد والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت واليابان والنرويج والعديد غيرها، بمن في ذلك أعضاء دائمين وغير دائمين في مجلس الأمن وذلك على تبرعهم السخي للغاية في العام الماضي.

إن هذه الأفعال قد كانت حيوية من أجل فتح 715 مدرسة تديرها الأونروا من أجل أكثر من نصف مليون طالب وطالبة في الضفة الغربية –بما فيها القدس الشرقية – وغزة والأردن ولبنان وسوريا.

منذ عام 1950، تخرج أكثر من مليوني طالب من مدارس الأونروا التي تم تحقيق المساواة فيها على صعيد النوع الاجتماعي والتي عملنا من خلالها على إدخال برنامج حقوق الإنسان وحل النزاعات والتسامح إليها كبرنامج فريد في المنطقة.

إن الدعم السخي للمانحين قد حافظ أيضا على خدمات الرعاية الصحية الأولية لثلاثة ملايين مريض وذلك من خلال شبكتنا البالغ عددها 140 مركز صحي وأيضا - وعلى الرغم من الضغوط الحادة – خدماتنا الطارئة لمليون ونصف لاجئ، موجودين بشكل رئيسي في غزة والضفة الغربية وسوريا.

وفي الوقت الذي يواجه لاجئو فلسطين فيه غيابا شبه تام لأفق سياسي، فإنني مقتنع وبشدة بأن المحافظة على خدمات الأونروا تعد مساهمة حاسمة على صعيد الكرامة الإنسانية والاستقرار الإقليمي.

******

متحدثا إليكم من غزة، فإنه يتوجب علي أن ألفت انتباه المجلس العاجل والمتجدد للوضع اليائس بازدياد والذي يواجهه سكان القطاع – حيث أن أكثر من 1,3 مليون شخص منهم هم لاجئون من فلسطين.

إن زيارتي الحالية قد عرضتني مرة أخرى لرؤية مدى الصعوبة الشديدة التي خلقتها المواجهات المسلحة المتعاقبة والحصار والعنف. وتعمل الأونروا إلى جانب شركائنا في الأمم المتحدة والمجتمع المدني من أجل معالجة هذه الأزمة الإنسانية.

وإنني أفكر هنا بقضايا مثل نقص حرية الحركة أو الفرص الوظيفية، علاوة على الصدمة العميقة التي خلقتها العديد من الإصابات والجرحى جراء الحروب المتكررة وأيضا جراء ما أصبح يعرف باسم "مسيرة العودة الكبرى". لقد أصيب الآلاف من الشباب بجراح فيما قضى المئات منهم منذ آذار 2018، بمن في ذلك 14 صبي وفتاة تتراوح أعمارهم بين 11-16 سنة كانوا يدرسون في مدارس الأونروا.

ومثلما فعلت في السابق، فإنني أعيد هنا التأكيد على دعوتي لاحترام القانون الإنساني الدولي والتنديد باستهداف المدنيين. إن هذا يشمل الصواريخ المنطلقة من غزة والتي أدت إلى وقوع خسائر بشرية في الأرواح وإصابات في إسرائيل.

لقد تأثرت كل عائلة في غزة، ويتحدث الناس عن مستوى اليأس الذي فاق كل شيء معروفا لديهم في السابق، وتحديدا على صعيد ما تطلق عليه فرقنا الصحية بأنه "تدهور وبائي لظروف الصحة النفسية". وبعد معاينة العديد من الأمثلة القوية خلال زيارتي اليوم، فإنه يبدو أنه من الأهمية بمكان أن يتم تمكين الأونروا والجهات الأخرى الفاعلة ذات العلاقة من تعزيز قدراتها في مجال الصحة النفسية والتي هنالك حاجة ماسة لها.

إن مستويات الفقر في أوساط لاجئي فلسطين لا تزال تواصل الارتفاع، وهم يعتمدون على الأونروا من أجل تلبية احتياجاتهم الغذائية على وجه التحديد. ومن أجلهم ومن أجل استقرار غزة، فإن علينا ضمان أن عملياتنا لتوزيع الغذاء لمليون شخص لا تتعرض لأي انقطاع.

وفي الوقت الذي نتحدث فيه، فإنه لا يتوفر للأونروا من المال لتشغيل وإدارة عملياتها إلا ما يكفي لمنتصف شهر حزيران. وعندها فإننا سنبدأ بملامسة الأرقام السالبة ومواجهة فجوة تمويلية. ومن الأهمية بمكان أيضا تجنب انهيار شريان الحياة الغذائي وإنني أناشد هنا شركائنا بالعمل بشكل نشط على حشد الجهود دعما لجهودنا في سبيل تأمين التمويل المطلوب.

وإنه ضروري أيضا وبشكل مماثل أن تستطيع الأونروا فتح السنة الدراسية القادمة في آب وأيلول. ونحن اذ نعكف حاليا على إعادة تأهيل عدد كبير من المدارس، إلا أننا بحاجة للتمويل من أجل ضمان أن التعليم بحد ذاته يمكن أن يتم توفيره.

لا شيء يديم الأمل والفرص بشكل فاعل أكثر من التعليم الذي يتم توفيره داخل غرفنا الصفية. وإنني متأثر للغاية بالشجاعة التي أظهرها طلبتنا في التغلب على الشدائد التي واجهتهم في سعيهم في دراستهم. إننا بحاجة لأن نماثل هذه الشجاعة بمقدرتنا على حشد الدعم المالي المطلوب.

وفي غزة لوحدها، يدرس 280,000 صبي وفتاة في مدارسنا. وفي ضوء كافة النقاشات بخصوص عدم ترك أي أحد ورائنا منسيا، وبخصوص حماية تعليم اللاجئين والمحافظة على الاستقرار الإقليمي، فإننا بحاجة لأن نعمل سويا من أجل الإبقاء على مدارس الأونروا مفتوحة وآمنة.

*****

إن الأونروا تواجه احتياجات هامة في الضفة الغربية أيضا، بما في ذلك القدس الشرقية. إن لاجئي فلسطين في الضفة الغربية يواجهون عواقب متعددة للاحتلال المستمر، مثل هدم المنازل والإخلاءات، وذلك مع ارتفاع أرقامها بشكل كبير منذ بداية 2019، علاوة على القيود المفروضة على الحركة وعنف المستوطنين.

وهنالك أيضا التوغلات العسكرية المتكررة التي يتم خلالها إطلاق الرصاص الحي، الأمر الذي ينتج عنه في بعض الأحيان سقوط قتلى، ولكن غالبا ما تكون النتائج وقوع جرحى وتدمير الممتلكات في اماكن مكتظة للغاية مثل مخيمات لاجئي فلسطين حيث يتأثر المجتمع بأكمله جراء إطلاق الرصاص الحي واستخدام الغاز المسيل للدموع.

وينبغي علي، على وجه الخصوص، أن ألفت انتباه المجلس إلى الضغوطات المتزايدة التي واجهتها الأونروا نفسها في القدس الشرقية، حيث التهديدات بالتدخل في عملياتنا.

إن التطورات الحالية في الضفة العربية بما فيها القدس الشرقية لن تعمل على إحداث المزيد من عدم الاستقرار للاجئي فلسطين فحسب، بل وأيضا آمالهم وتطلعاتهم بشأن حل الدولتين وبشأن حقوقهم بموجب أحكام القانون الدولي.

*****

سيدتي الرئيسة، وإضافة إلى التعبئة السياسية القوية في عام 2019، فإننا بحاجة إلى 1,2 مليار دولار لكافة عملياتنا في الشرق الأوسط. إن هذا هو المبلغ الذي عملنا بالضبط على جمعه في السنة الماضية. وبعبارة أخرى، فإذا ما تمكن كل مانح من المحافظة على مستوى تمويله في عام 2019، فإنه سيكون بمقدورنا تغطية موازنتنا.

ولذلك فإنني أدعو كافة شركائنا إلى القيام بتكرار تبرعهم السخي والمحافظة على الحراك الناجح الذي تم خلقه في 2018. إن مؤتمر التعهدات المقبل – والذي سيعقد في نيويورك في 25 حزيران – سيكون فرصة هامة في هذا الخصوص. ومن جهتها، ستواصل الأونروا إدارة عملياتها وفق انضباط مالي قوي وبتصميم من أجل تحقيق المزيد من الكفايات.

*****

سيدتي الرئيسة،

أعضاء المجلس،

تستمر الحروب والنزاعات المسلحة والعنف في غياب عمل سياسي فاعل من أجل حلها. إن غياب العمل السياسي – وليس عمل المنظمات الإنسانية – هو الذي يعمل على إدامة النزاعات. ولا شيء اليوم قد يكون أكثر أهمية من جهد متجدد حقيقي وشامل لحل النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

إنني أقول هذا ليس لأن الأونروا قد أوكلت إليها مهمة التعامل مع السياسات في المنطقة. نحن لم نكلف بذلك. بل لأننا وفي كل يوم نتعامل بشكل متزايد مع عواقب إنسانية وبشرية شديدة لهذا النزاع الدائم.

إننا لا نؤمن أن مستقبل لاجئي فلسطين ينبغي أن يتم تأطيره بعشر أو عشرين أو ثلاثين أو أربعين سنة إضافية للأونروا. إنهم بحاجة إلى حل سياسي عادل ودائم، وهم يستحقونه. وإلى ذلك الحين، فإننا عاقدوا العزم على الارتقاء إلى مستوى مهام الولاية التي أولتنا إياها الجمعية العامة للأمم المتحدة.

لدى لقائي بالطلبة اليافعين هنا في غزة، تذكرت مرة أخرى أن جهودنا، مرفقة بدعمكم، تستحق ذلك كل يوم. وفي مثال آخر مبهر للموهبة والتفاني، فقد تم الإعلان عن فوز جميلة أبو جمعة، وهي طالبة تدرس في الأونروا وتبلغ الخامسة عشرة من العمر، بجائزة مسابقة رسائل السلام الملهمة لعام 2019 التي تمنحها دائرة الحدائق الوطنية الأمريكية وحدائق ورود السلام الدولية.

وتحتفى المسابقة برسائل سلام يكتبها الشباب من مختلف أرجاء العالم. وقمت بالأمس بتهنئة جميلة وكنا فخورين للغاية لأن رسالتها للسلام ستعرض في حديقة مارتن لوثر كينج التاريخية الوطنية في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا الأمريكية لمدة عام واحد.

إن هذا هو ما عملتم أنتم، بصفتكم أعضاء في المجلس وفي الجمعية العامة، على السماح بتحقيقه والمحافظة عليه. ولذلك فإنكم تستحقون أعلى درجات التقدير. ومن هنا في غزة، فإنني أناشدكم حماية هذا الجهد الحيوي واستدامة تعبئتكم الجماعية، دعما للكرامة والاستقرار والتعددية القوية.

شكر لك سيدتي الرئيسة.