أطفالنا.. في دائرة الاستهداف الإسرائيلي إزالة الصورة من الطباعة

أطفالنا.. في دائرة الاستهداف الإسرائيلي


أطفالنا.. في دائرة الاستهداف الإسرائيلي

دائرة شؤون اللاجئين – 13/10/2015 – (تقرير: سهاد أبو كميل) ثلث الشهداء الذين ارتقوا خلال الهبّة الشعبية التي انطلقت نصرة للمسجد الأقصى المبارك، وتنديدا بممارسات الاحتلال، وعربدة مستوطنيه منذ مطلع الشهر الجاري كان من الأطفال.

سبعة من حصيلة 27 شهيدا حتى اللحظة هم من الأطفال، لم تأبه قوات الاحتلال لطفولتهم المسلوبة، وشقاوتهم المبررة، فأصبح استهدافهم سياسة اتبعتها القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، لزرع الخوف في نفوسهم، ولتحطيم آمالهم في التطلع إلى غدٍ أفضل.

ممارسات الجنود وشرطة الاحتلال واستفزاز المستوطنين واقتحامات وتدنيس المسجد الأقصى لم يترك مجالا لهذه الفئة العمرية  للتفكير، وهو ما انعكس عمليا على كيفية استيعابهم لهذه الأحداث، والتعامل مع الاحتلال وفق المعطيات المطروحة.

 ورغم اقرار الكنيست الإسرائيلية مؤخرا، بالقراءة الأولى قانون 'تشديد العقوبات' ضد راشقي الحجارة، وملقي الزجاجات الحارقة تجاه المستوطنين وقوات جيش الاحتلال بالضفة الغربية والقدس، إلا أن ذلك لن يثنيهم عن مواصلة النضال.

دكتور علم الاجتماع في جامعة النجاح ماهر أبو زنط تحدّث عن الموضوع، لـ'وفا'، وقال إن السبب الرئيس في استهداف الاحتلال بشكل مباشر للأطفال والفتية هو إضعافهم، وقتل روح الدفاع عن وطنهم، بالإضافة إلى أنهم ينظرون إلى هذه الفئة بأنها الحلقة الأضعف، ويسهل السيطرة عليهم سواء بأسرهم، أو قتلهم.

وفي معرض رده عن دوافع هؤلاء الأطفال والفتية في مواجهة الاحتلال، قال أبو زنط: 'إن هذا الجيل الصاعد يتابع الأحداث عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، ما يدفعهم إلى حشد طاقة هائلة من الاندفاع، وعدم الصمت، والمضي قدما في مواجهة مباشرة مع الاحتلال، خاصة وأنه لم يعايش الانتفاضتين الأولى والثانية، وعليه فهو يندفع وبقوة نحو مواجهة الاحتلال، في تجربة 'تعد الأولى بالنسبة لهم'.

وعقّب أبو زنط على تذرع إسرائيل بحجج واهية لقتل هؤلاء الأطفال، بقوله: دولة الاحتلال لا تحتاج إلى تبرير لاستهدافها لأبناء شعبنا من مختلف الأعمار، فرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أصدر أوامره بتصفية كل من يحاول رشق جنوده بالحجارة، وهو ما دفعهم إلى استهدافهم بنية القتل دون الاصابة، رغم أن كثيرا منهم لم يقوموا بأي عمل ضدهم، كما حدث مع الطفل عبيد الله الذي استشهد برصاصة مباشرة بالقلب في مخيم عايدة ببيت لحم.

وعن الروايات الإسرائيلية المغلوطة في تبريرها لاستهدافهم، أوضح أن حالة الهلع والخوف لدى جنود الاحتلال هي السبب في اختلاق روايات زائفة لاستهدافهم، متطرقا إلى اطلاق النار المباشر على الشابة إسراء عابد، رغم عدم حيازتها لأي سلاح - كما تدعي سلطات الاحتلال، قائلا:' كانوا سبعة مدججين بالسلاح، ويرتجفون، ويصيحون كما تبين من الفيديو، والفتاة لم يكن بحوزتها أي شيء يشكل خطرا عليهم- كما يدعون'.

عميد كلية التنمية الاجتماعية والأسرية بجامعة القدس المفتوحة د. عماد اشتية أكد أن الاحتلال يستهدف وبصورة متعمدة الأطفال، لإضعاف هذه 'الهبة الشعبية'.

وبيّن أن هناك تصعيدا خطيرا لدى القيادة العسكرية الإسرائيلية والمستوطنين في كيفية التعاطي مع راشقي الحجارة من قبل الأطفال والشبان، مستغربا كيف يمكن أن يقابل الحجر بإطلاق نار مباشر!

ولفت إلى أن حالة من الهوس والفزع تسود الشارع الإسرائيلي سواء على المستوى العسكري أو على مستوى المستوطنين، مشيرا إلى أنهم يرون أي شخص من 'قوميات' أخرى يشكل خطرا عليهم، بمجرد تواجده في أي مكان.

وأوضح اشتية أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تعمل على تبرير سلوك مؤسستها العسكرية وسلوك مستوطنيها في ممارساتها تجاه الفلسطينيين، ولكن خلال توثيق ما جرى بحق الشهيد فادي علون والفتاتين إسراء عابد وشروق دويات عبر فيديوهات مسجلة، دحض كل مزاعم الاحتلال في تبرير استهدافهم، ولم تعد هذه الوسائل قادرة على فبركة الأخبار سواء على الصعيد المحلي أو الخارجي.

وتطرّق اشتية إلى العوامل التي تدفع هؤلاء الأطفال إلى المشاركة في مواجهات مع الاحتلال، مشيرا إلى أن الحس والتعبئة الوطنية، ورغبتهم في التخلص من الاحتلال، والبيئة التي ترعرعوا فيها كفيلة في بلورة شخصيتهم بأن يكونوا جزءا من هذه الهبة الشعبية.

وتابع: الصورة الذهنية التي انطبعت إبان الانتفاضة الأولى والثانية لدى شبان الحجارة، دفعهم لأن يكونوا جزءا من هذه الصورة الإيجابية للانخراط بأي مواجهة مباشرة مع الاحتلال.

مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين عايد أبو قطيش قال لـ'وفا'، 'إن الجو العام السائد وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين فيما يتعلق بجعل تعليمات إطلاق النار أكثر مرونة، يجعل سقوط طفل شهيد مسألة وقت'.

وأوضح أن دعوة رئيس بلدية الاحتلال في القدس نير بركات مؤخرا، كل إسرائيلي لديه رخصة لحمل السلاح في القدس أن يحمله بشكل دائم، تحت دعوى مواجهة ما وصفه 'الارهاب' الفلسطيني، دعوة علنية وضوء أخضر لاستهداف الفلسطينيين .

وأشار أبو قطيش إلى أن مبررات الاحتلال لقتل الأطفال ليست جديدة، حيث يتذرعون دائما بأن استهدافهم كان 'دفاعا عن النفس'، موضحا أنه خلال العام الجاري بلغ عدد الشهداء من الأطفال عشرة، مشيرا إلى أنه بلغ عددهم خلال عام 2014 اثنى عشر شهيدا، حيث استشهدوا نتيجة اطلاق الذخيرة الحية تجاههم باستثناء واحد منهم، رغم أنهم لم يشكلوا أي خطر على حياة هؤلاء الجنود.

وبين أن إسرائيل تحاول دائما أن تبرر استهداف جنودها للأطفال، بأنهم كانوا 'يدافعون عن أنفسهم'، موضحا أنه في ظل غياب المساءلة والافلات من العقاب، فهناك دعوة صريحة لفتح النار تجاه المدنيين الفلسطينيين، رغم أن هناك عددا من الحالات كان من الممكن أن يستخدمون فيها وسائل أخرى ليتجنبوا قتلهم.

واعتبر مدير مؤسسة الحق شعوان الجبارين ما يجري بحق أطفال فلسطين، بأنه 'سياسة قتل ممنهجة'، وأن المسألة لا تقف عند استخدام المفرط للقوة، بقدر ما هو قتل متعمد وعدم إقامة وزن للكيان الفلسطيني، سواء كان طفلا أو غيره، وهو ما يفسر سبب ارتفاع عدد الشهداء والإصابات بالأعيرة النارية بحق هؤلاء الأطفال.

وأوضح الجبارين أن هناك سياسة رسمية للإفلات من العقاب، وقرار إسرائيلي بالتعامل مع الفلسطيني إما بالقتل، أو الاعتقال، أو التعذيب، مشيرا إلى أن ذلك يأتي في إطار 'ممنهج، وقصاصا من البشر، ومن الآباء والأمهات كعقاب جماعي، يراد منه جرح الأم في أمومتها'.

وتابع: اسرائيل تتذرع بحجج واهية عند استهدافها للأطفال، فالأطفال لهم حماية خاصة وفقا للمواثيق الدولية،

فبموجب اتفاقية جنيف الرابعة، وخاصة المادة (17) تنادي بإلزام دولة الاحتلال توفير الحماية للأطفال، وكذلك المادة (38) من اتفاقية حقوق الطفل، وهي تستهدفهم لاستهداف المستقبل الفلسطيني، باعتقالهم وتعذيبهم وفرض إقامة جبرية عليهم.

وأشار الجبارين إلى أنه وفقا للمستجدات الميدانية، فمن الجانب السياسي يطالب الرئيس محمود عباس

'بحماية دولية لشعبنا وفق القانون الدولي الإنساني، ومن جانبنا نعمل على توثيق هذه الوقائع والإجراءات، لإرسالها إلى محكمة الجنايات الدولية'.

ويتبين أن افراط قوات الاحتلال في التعامل مع الأطفال خلال المواجهات، والتعمد باستهدافهم بشكل مباشر، جاء نتيجة مصادقة المجلس الأمني السياسي الإسرائيلي 'الكابينيت' في الرابع والعشرين من الشهر الماضي على ألّا يتم التحقّق من كون المتظاهر قاصرا أم لا، وأن يتم إطلاق النار عليه بمجرّد وجود 'خطرا على الحياة'، بغض النظر عن عمر المتظاهر، وأي اعتبار آخر.

وعليه، فأطفالنا وفتيانا وشباننا ونساؤنا وشيوخنا في بؤرة الاستهداف الإسرائيلي، والمجتمع الدولي لا يزال يحتاج مزيدا من الحقائق، لإدانة الدولة التي أجرمت بحق الانسانية على مدار قرابة 6 عقود.