إزالة الصورة من الطباعة

مشروع برنادوت

بعثة الكونت فولك برنادوت

20/5/201948

الكونت (فولك برنادوت) سياسي سويدي, ودبلوماسي دولي وهو رئيس مؤسسة الصليب الأحمر السويدي الذي نقل عرض الاستسلام الالماني للحلفاء سنة ,1945 عينته الأمم المتحدة وسيطاً لها لحل قضية فلسطين في 20 مايو أيار عام 1948 بعد وقف القتال بموجب الهدنتين الأولى والثانية.وبعد أن درس برنادوت القضية درساً وافياً, قدم للأمم المتحدة تقريراً أوصى فيه بضم منطقة النقب الفلسطينية ومساحتها (ثلاثة ملايين فدان) إلى العرب.‏ 

فاغتالته العصابات الإسرائيلية الارهابية في ايلول من نفس العام 1948 في أحد شوارع القدس المحتلة وفي القطاع الغربي المحتل من المدينة المقدسة وذلك لأنه عارض ضم بعض الأراضي الفلسطينية إلى الدولة اليهودية المقترحة في قرار التقسيم الذي صدر في 29 تشرين الثاني .1947‏ 

مشروع برنادوت:

شعرت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29-11-1947 لم يتضمن حلاً مقبولاً للصراع العربي -الصهيوني بل زاد من حدة الصدامات بين الجانبين العرب أصحاب البلاد واليهود المستجلبين من انحاء المعمورة, ومع اقتراب نهاية الانتداب البريطاني واعتزام الحركة الصهيونية إقامة كيانها في فلسطين ازداد توتر الأوضاع وخاصة بعد أن تصاعدت الصدامات واحتدمت المواجهة بين العصابات الصهيونية المسلحة بالأسلحة البريطانية وشعب فلسطين العربي الذي هب للدفاع عن عروبة بلاده.‏ 

كل ذلك دعا الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى عقد دورة استثنائية واتخاذ عدد من القرارات ومنها القرار رقم 186 الصادر بتاريخ 14-5-1948 وهو يقضى فيما يقضى بالآتي.‏ 

تفوض الجمعية العامة للأمم المتحدة وسيطاً تابعاً للأمم المتحدة في فلسطين تختاره لجنة من الجمعية العامة مؤلفة من ممثلي الصين وفرنسا واتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية (الاتحاد السوفياتي) والمملكة المتحدة (بريطانيا) والولايات المتحدة الأميركية (طبعاً) ويمارس المهام التالية:‏ 

استعمال مساعيه الحميدة لدى السلطات المحلية والطائفية في فلسطين في سبيل إيجاد تسوية سلمية للوضع المستقبلي في فلسطين وطلبت الجمعية العامة من الوسيط المقترح أن يرفع تقارير شهرية عن تقدم مهمته أو كلما رأى ذلك ضرورياً إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة لرفعها إلى اعضاء الأمم المتحدة.‏ 

وبناء على توصية اجتماعية من اللجنة التي عينتها الأمم المتحدة اختير الكونت فولك برنادوت من السويد في 22-5-1948 ليكون الوسيط الدولي المطلوب, وهو ابن برنادوت 1895-1948 ضابط سويدي كان يترأس آنذاك لجنة الصليب الأحمر في بلاده السويد, وقد استطاع أن يحقق الهدنة الأولى في فلسطين في 11-6-1948 ثم بدأ ينفذ المهمة التي اوكلتها إليه الأمم المتحدة.‏ 

تمكن برنادوت بعد مساعٍ لدى الجانبين العربي صاحب البلاد منذ آلاف السنين واليهود الإسرائيليين المستجلب كمهاجر إلى فلسطين العربية تمكن من الدعوة إلى مفاوضات جرت في جزيرة (رودس) في نهاية عام 1948 وبعد اتصالات مكثفة بالجانبين توصل إلى مجموعة من المقترحات حول مستقبل الوضع في فلسطين وقد قدمها في 27-6-1948 وجاءت متضمنة النقاط التالية:‏ 

  1. ينشأ في فلسطين بحدودها التي كانت قائمة أيام الانتداب البريطاني عام 1922 وفيها (شرق الأردن) اتحاد من عضوين احدهما عربي والآخر يهودي وذلك بعد موافقة الطرفين المعنيين.‏
  2.  تجري مفاوضات يساهم فيها الوسيط لتخطيط الحدود بين العضوين على أساس ما يعرضه هذا الوسيط من مقترحات وحين يتم الاتفاق على النقاط الرئيسية تتولى لجنة خاصة تخطيط الحدود نهائياً.‏ 
  3. يعمل الاتحاد على تدعيم المصالح الاقتصادية المشتركة وإدارة المنشآت المشتركة وصيانتها بما في ذلك الضرائب والجمارك وكذلك الاشراف على المشروعات الانشائية وتنسيق السياسة الخارجية والدفاعية.‏ 
  4. يكون للاتحاد مجلس مركزي وغير ذلك من الهيئات اللازمة لتصريف شؤونه حسب اتفاق الطرفين.‏ 
  5. لكل عضو في الاتحاد الاشراف على شؤونه الخاصة بما في ذلك السياسة الخارجية وفقاً لشروط الاتفاقية العامة للاتحاد.‏ 
  6. تكون الهجرة إلى أراضي كل عضو محدودة بطاقة ذلك العضو على استيعاب المهاجرين, ولأي عضو بعد عامين من إنشاء الاتحاد الحق في الطلب من مجلس الاتحاد إعادة النظر في سياسة الهجرة التي يسير عليها العضو الآخر, ووضع نظام يتمشى والمصالح المشتركة للاتحاد, وفي إحالة المشكلة إذا لزام الأمر إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة.‏ "ويجب أن يكون قرار هذا المجلس مستنداً إلى مبدأ الطاقة الاستيعابية وملزماً للعضو الذي تسبب في المشكلة".‏ 
  7. كل عضو مسؤول عن حماية الحقوق المدنية وحقوق الاقليات على أن تضمن الأمم المتحدة هذه الحقوق.‏ 
  8. تقع على عاتق كل عضو مسؤولية حماية الأماكن المقدسة والأبنية والمراكز الدينية وضمان الحقوق القائمة في هذا الصدد.‏ 
  9. لسكان فلسطين إذا غادروها بسبب الظروف المترتبة على النزاع القائم الحق في العودة إلى بلادهم دون قيد واسترجاع ممتلكاتهم.‏ 

وقد أتبع برنادوت مقترحاته السابقة بملحق تضمن :

رفض العرب ممثلين في الأمين العام لجامعة الدول العربية مقترحات برنادوت هذه وفندوها, وكان الملك عبد الله من اعنف معارضي هذه المقترحات خاصة ما تعلق منها بوحدة أراضي شرقي الأردن وفلسطين في الاتحاد المقترح. كذلك رفضت الهيئة العربية العليا لفلسطين مقترحات برنادوت وقدمت بدلاً عنها ما قدم من مقترحات عربية في مؤتمر لندن لعام .1946بالمقابل رفض زعماء الحركة الصهيونية مقترحات الكونت برنادوت وخاصة تلك التي تتعلق بمدينة القدس ومنطقة النقب.‏ 

وعلى الصعيد الدولي أيدت بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية مقترحات برنادوت في حين عارضها الاتحاد السوفياتي.‏ 

في ضوء ما تلقاه برنادوت من ملاحظات وردود على مقترحاته وما لاحظه من مشاهداته عند زيارته لفلسطين, أعد صيغة معدلة لاقتراحاته عرفت باسم (مشروع برنادوت) بعث به قبل اغتياله إلى الأمين العام للأمم المتحدة, وقد نشر هذا المشروع في 20-9-1948كوثيقة من وثائق الأمم المتحدة وتتلخص خطوطه العامة كالتالي:

  1. يجب أن يعود السلام العام الشامل إلى ربوع الأراضي المقدسة حتى يمكن إيجاد جو من الهدوء تعود فيه العلاقات الطيبة بين العرب واليهود إلى الوجود وينبغي على الأمم المتحدة أن تتخذ كل ما من شأنه إيقاف الأعمال العدوانية في فلسطين.
  2. يجب أن يعترف العالم العربي أنه قد أصبح في فلسطين (دولة يهودية) ذات سيادة تدعى (دولة إسرائيل) وهي تمارس سلطاتها كاملة في جميع الأراضي التي تحتلها.‏ 
  3. يجب قيام هذه (الدولة الإسرائيلية) ضمن الحدود التي نص عليها قرار التقسيم مع التعديلات التالية:‏ 

 رفضت مقترحات برنادوت المعدلة الواردة في مشروعه هذا كما رفضت مقترحاته الأولى من قبل جميع الأطراف الفلسطينية والعربية واليهودية, غير إن الرفض الصهيوني كان أعنف رغم باطلهم ورغم إنهم دخلاء على فلسطين والوطن العربي فقد قامت عصابه (شتيرن) الإرهابية اليهودية باغتيال الوسيط الدولي الكونت برنادوت ومعه مراقب الأمم المتحدة العقيد الفرنسي (انريه سيو) جهاراً وفي وضح النهار يوم 17/9/1948 وحتى قبل إن يقدم برنادوت مشروعه المعدل رسمياً, وقام مساعده (رالف بانش) الأميركي بمتابعة مهمته كوسيط دولي حيث أشرف على اتفاقيات الهدنة الدائمة بين كل من (اسرائيل) من جهة ومصر والأردن ولبنان وسورية من جهة أخرى.‏ 

 لم يكن مشروع برنادوت لإعادة السلام للأرض المقدسة فلسطين حلاً للقضية الفلسطينية, وإنما اتفاقيات عسكرية أساسها وقف إطلاق النار.‏