192153 إزالة الصورة من الطباعة

"تأميم" أراض للكنيسة الأرثوذكسية: إحكام سيطرة بزعم الحماية

دائرة شؤون اللاجئين - عرب 48- 5/11/2018 - تواصل الحكومة الإسرائيلية مخططاتها للسيطرة على ما تبقى من أراضي الكنيسة الأرثوذكسية في القدس المحتلة. وصعدت المؤسسة الإسرائيلية عملها من أجل مصادرة الأراضي التابعة للكنيسة في القدس أو التي تسربت بصفقات مشبوهة لجهات خاصة، بزعم "حماية" مبان أقيمت عليها يسكنها إسرائيليون، وادعت أن "البطريركية الأرثوذكسية في القدس باعت هذه الأراضي لمقاولين إسرائيليين".

وأعلنت وزيرة القضاء الإسرائيلية، أييليت شاكيد، قبل أيام، أنها ستسعى إلى سن قانون يهدف إلى "تأميم" أراض تابعة للكنيسة الأرثوذكسية في القدس، وذلك وفق مخططات إسرائيل للسيطرة على تلك الأراضي.

وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها تستهدف إسرائيل أراض وعقارات تابعة للكنيسة لصالح مقاولين إسرائيليين أو مؤسساتها المختلفة، فقد شهدت يافا واللد أيضا مخططات سابقة ومشابهة بموجبها سُربت مساحات واسعة من الأراضي الوقفية وعدد من العقارات التابعة للكنيسة.

وتهدف إسرائيل من وراء هذه المخططات إلى الهيمنة على هذه الأراضي التي استأجرتها "كيرن كييمت ليسرائيل" من الكنيسة لمدة 99 عاما، بعد بناء مبان أنشأها مقاولون إسرائيليون يسكنها إسرائيليون منذ فترة طويلة.

وفي خضم هذه المعركة على الأرض، تشكل حراكا وطنيا يضم العديد من شرائح المجتمع الفلسطيني في شطري الخط الأخضر، للدفاع على ما تبقى من أراضي فلسطين التاريخية، والتي باتت مطمع المستوطنين أكثر من أي وقت مضى.

قضية عربية ونضال شعبي

وحاور "عرب 48 " النائبة عن التجمع الوطني الديمقراطي في القائمة المشتركة وعضو حراك "الحقيقة الأرثوذكسيّة"، نيفين أبو رحمون، حول هذه القضية.

 لماذا برزت الآن قضية الأوقاف الأرثوذكسية في القدس؟

أبو رحمون: نحن نتحدث عن قضيّة هامّة جدا، قضيّة الأوقاف الأرثوذكسية كقضية عربيّة هامة تندرج ضمن النضال العربي الفلسطيني أمام الاحتلال الذي يحاول انتزاع الملكية والسيادة عن أملاك الكنائس. النضال حول الأوقاف الأرثوذكسية هو نضال طويل بدأ منذ ثلاثين عاما أمام الإدارة اليونانية من جهة وأخرى أمام الاحتلال.

 كيف يمكن التصدي لهذه المخططات الإسرائيلية؟

أبو رحمون: هناك نضال شعبي لعشرات السنوات ومنذ سنة تم تنظيم حراك "الحقيقة الأرثوذكسية" وهو حراك شعبي ضد تسريب الأوقاف الأرثوذكسية، وكان العديد من المظاهرات الشعبية بالإضافة إلى العمل القضائي حول تسريبات عينية.

 ما هو النجاح التحصيلي لنضالكم؟ هل إرجاع الأراضي أم تقليل الضرر قدر الإمكان؟

أبو رحمون: نجاح نضالنا هو بتحويل هذا النضال إلى نضال شعبي عام، وأن تتبنى المركبات السياسية الفلسطينية هذا النضال والتعامل معه بجدية مطلقة. النضال كان، لغاية الآن، بهدف إرجاع ما يمكن إرجاعه قضائيا وهذا ممكن بالإضافة إلى النضال الشعبي الذي يبادر إلى تعميم حالة وعي حول القضية، وبالتالي يقلل الضرر والاستمرار في التلاعب بمصير الكنيسة ومستقبلها.

هل تعتبرون هذه صفقة مدبرة بين المقاولين والسلطات الإسرائيلية لتصفية الأراضي لصالح إسرائيل؟

أبو رحمون: نحن نعتبر أن ما يقوم به ثيوفيلوس هو بمثابة شراكة مع الاحتلال في تثبيت الاستيطان وتهويد الأرض. هو يتعامل مع أصحاب الكنيسة الحقيقيين كغرباء، وهم أصحاب البلاد، هو من يساهم في انتزاع السيادة الفلسطينية عن الكنيسة كمعلم من معالم فلسطين، وبطبيعة الحال هذا يؤدي إلى تصفية الأراضي والأملاك لصالح الجانب الإسرائيلي. ومن جهتنا، نرى أن الحل هو تحرير الكنيسة من هذه المنظومة الفاسدة واستعادة السيادة الفلسطينية على الكنيسة.

بين فكي الدولة والمقاولين يخسر الفلسطيني أرضه وبيته... ما العمل وكيف نحافظ على الأرض والأملاك؟

أبو رحمون: لا تعويض عن الأرض والأملاك. عندما نتحدث عن الأوقاف نتحدث عن الهوية والوجود والمستقبل، وبالتالي التعويض الوحيد هو انضمام الجميع والتعامل مع قضية الأوقاف كقضية وطنية لا تقل أهمية عن قضايا وطنية أخرى.

هل سنرى حراكات وخطوات احتجاجية أخرى للتصدي لتسريب أوقاف الكنيسة؟

أبو رحمون: حراكنا في الحقيقة مستمر. وهناك حديث سياسي في اللجنة الوزارية على القضية، مؤخرا، ما يؤكد أن هذه القضية هامة جدا وتتطلب منا بذل جهود مشتركة وأهمها ملاحقة ثيوفيلوس قضائيا وشعبيا، وقريبا ستكون لنا خطوات احتجاجية أخرى حول آخر التطورات سنعلن عنها لاحقا. ومن جهتي سأقوم بمتابعة القضية برلمانيا أيضا.

هل هناك وعي كاف لدى أبناء شعبنا في مثل هذه القضايا؟

أبو رحمون: هذه القضية تحتاج إلى التفاف شعبي واسع. أدعو من خلالكم الجميع لحمل هذه القضية وأن يكونوا ضمن هذا الحراك الشعبي الهام. عندما نتحدث عن أوقاف وأملاك الكنيسة الأرثوذكسية فإننا نتحدث عن الجسم الثاني بعد ما يسمى "الكيرين كييميت" من حيث ملكية الأرض. هذا يعني أننا نتحدث عن معظم فلسطين التاريخية التي لا يمكن التساهل فيها.

صفقات وتسريبات

وقال الناشط زاهي خازن من حراك "الحقيقة الأرثوذكسية" لـ"عرب 48" إن "القضية الأرثوذكسية ابتدأت في العام 1534 م عندما أحضرت الدولة العثمانية رهبانا من اليونان وأعطوهم السلطة والسيطرة على الكنيسة الأرثوذكسية المشرقية العربية الوطنية. ثم منعوا رسامة رهبان عرب حتى لا يتسنى لهم الترقية بالهرم الكنسي، بما معناه أقصوهم من الرتب والإدارة الكنسية، حتى تحولت البطريركية الأرثوذكسية المقدسية إلى إرث يوناني بحت".

وأضاف أن "الأتراك أغلقوا المؤسسات الكنسية في التجمعات العربية، وأهملوا أبناء الطائفة العرب وعملوا على إبعادهم عن كنائسهم وهجرها، كما أنهم منعوا الصلاة باللغة العربية ومنعوا تعليم أبناء الطائفة الدين المسيحي وغيرها من القوانين والنهج العنصري. بعد وعد 'بلفور' بإقامة كيان لليهود في فلسطين جرى إدراج الكنيسة الأرثوذكسية وأوقافها لتخدم هذا المشروع الصهيوني والبريطاني، وتم التحالف مع الرهبان اليونان الغرباء عن الوطن والشعب الفلسطيني، وشملهم بمخطط تهويد فلسطين".

وأشار خازن إلى أنه "جرى تسريب الأوقاف الكنسية والأرثوذكسية الفلسطينية بشكل خاص وبطرق مختلفة منها البيع المباشر وغير المباشر والتأجير لمئات السنين وخصوصا في القدس".

وعن استهداف الحكومة الإسرائيلية للأوقاف الأرثوذكسية في القدس، قال إن "إسرائيل والرهبان الغرباء من اليونان يقومون بتنفيذ مخطط تهويد الأوقاف، وذلك بدفع رشاوى، والتي لها إسقاطات مختلفة مخالفة للقانون الكنسي والمدني والتفريط بالإرث التاريخي الذي ليس له أي ثمن حقيقي".

وأكد أن "هذه الصفقات نرفضها جميعا، جملة وتفصيلا، وهي تتم بالخفاء. أبناء الطائفة العربية يتصدون لهذا التسريب والتهويد من خلال اعتراضات ومسيرات شعبية مختلفة ومطاردة الرهبان الغرباء من اليونان وأولهم البطريرك ثيوفيلوس الثالث الجالس على رأس الكنيسة، إضافة إلى مطالبته بإلغاء الصفقات والتسريبات بالأوقاف واستعادتها للكنيسة والوطن الفلسطيني. كما أعلن عن البطريرك ثيوفيلوس في مؤتمر وطني جماهيري في مدينة بيت لحم حضره ممثلون عن غالبية أطياف أبناء الكنيسة بأنه يسرب ويبيع الأوقاف ضمن مشروع تهويد الأرض الفلسطينية وخصوصا تهويد القدس، وجرى رفع دعوى قضائية لدى المدعي العام في رام الله ضد البطريرك ثيوفيلوس شخصيا".

وختم خازن بالقول إن "حراك الحقيقة الأرثوذكسية يواصل عمله في الدفاع عن الأوقاف. نحن مجموعة وطنية يشارك فيها أبناء المجتمع بجميع أطيافه السياسية والاجتماعية، من مسلمين ومسيحيين من مختلف الطوائف. ونؤكد على موقف المؤسسات الوطنية التي ترى بتسريب الأوقاف الأرثوذكسية بأنه مشروع سياسي تشارك فيه عدة دول مع الرهبان الغرباء من اليونان وأولهم البطريرك ثيوفيلوس، وأن هذه مؤامرة على فلسطين بمشاركة إسرائيل وأميركا واليونان وبريطانيا وجهات مرتشية في السلطة الفلسطينية والأردن".