مقال : قانون الدولي ام شريعة غاب

الخميس 01 أغسطس 2019 12:30 م بتوقيت القدس المحتلة

قانون الدولي ام شريعة غاب
دائرة شؤون اللاجئين - 1/8/2019 
 الكاتب: سمير عباهره
في خطابه الذي القاه امام مجلس الامن في جلسته الشهرية ممثلا للولايات المتحدة كشف جيسون غرينبلات عن موقف بلاده فيما يتعلق بحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي حيث اكد ان الصراع لن يحل على اساس "الاجماع الدولي" ومرجعيات الامم المتحدة بل خارج اطار القانون الدولي وبمعايير امريكية اسرائيلية معتبرا ان الاجماع الدولي يعيق التوصل الى تسوية للصراع وادعى انه لم يتحقق توافق دولي في الحلول المطروحة لتسوية الصراع. هكذا تريد الولايات المتحدة وضع القانون الدولي وقرارات الشرعية جانبا في طرحها لحل الصراع من خلال صفقة القرن التي باتت كافة تفاصيلها واضحة للعيان.

وجهة الغرابة في الموضوع يكمن في ادعاء غرينبلات بعدم وجود توافق دولي في مسألة حل الصراع والوصول الى تسوية عادلة مع ان غالبية دول العالم ترى انه لا سبيل الا حل الدولتين بما فيها بعض القوى العظمى وهذا هو قمة الاجماع والتوافق الدولي. هذا التحول في المواقف الامريكية بتجاوز القانون الدولي يجعل من التوصل الى تسوية امرا في غاية الصعوبة واصبح تسويق المواقف الامريكية مجرد ذريعة يتمسك بها الجانب الامريكي لتمرير صفقة القرن.

ربما نجحت الولايات المتحدة في تفكيك التوافق الدولي في بعض جزئياته وجر بعض الدول الى معادلة التسوية الامريكية الجديدة لكن هذه الدول لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة وبقي التوافق الدولي في مسالة انهاء الصراع قائما وفق تصورات الغالبية العظمى من الدول والتي ترى ان حل الصراع يجب ان يستند الى حل الدولتين واقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وانسحاب اسرائيل الكامل من الاراضي التي احتلتها عام 1967.

موقف الولايات المتحدة داخل مجلس الامن فجر مفاجأة حقيقية واصابت اعضاء المجلس بنوعا من الذهول حيث اجمع كافة الحضور على ضرورة التمسك بالقانون الدولي ولا فان العالم ذاهب الى متاهة عندما تسود شريعة الغاب مكان القانون الدولي ووجهوا انتقاداتهم لموقف الولايات المتحدة حتى ان مندوب المانيا وجه كلامه الى غرينبلات قائلا " بأن القانون الدولي ليس صحن مقبلات لتأخذ منه ما تريد وتترك منه ما لا تريد".

وهنا نريد ان نطرح تساؤلا فيما اذا كان القانون الدولي صالحا لكل زمان ومكان ام انه يستخدم لخدمة مصالح الدول الكبرى وفي مقدمتهم الولايات المتحدة. لماذا تم اللجوء الى القانون الدولي عندما كان يخدم مصالح الولايات المتحدة في كثير من الازمات التي حسمتها الولايات المتحدة لصالحها من خلال طرحها في مجلس الامن وتطبيق مواد القانون الدولي عليها والتصويت عليها والامثلة كثيرة ومتعددة.

لماذا توجهت الولايات المتحدة الى مجلس الامن لاصدار قرار بفرض عقوبات على كوريا الشمالية عندما كانت تقوم بتجارب نووية. وكم من قرار اتخذ بحق العراق اثناء غزوه للكويت ومن من قرار تم اتخذه في مجلس الامن من اجل تدمير ترسانة سوريا من الاسلحة الكيميائية ولماذا توجهت الولايات المتحدة الى مجلس الامن من اجل اتخاذ عقوبات على ايران وليبيا وصربيا، اليست هذه القرارات صدرت بموجب القانون الدولي؟؟؟

القانون الدولي ليس انتقاءً يستخدمه متى يشاء البعض ويرفضونه متى يشاؤون فاما يصار الى احترام هيئة الامم المتحدة وميثاقها ومبادئها وقوانينها ورفض سياسة الكيل بمكيالين التي تعرض المؤسسة الدولية الى حالة من الانهيار واذا ما فشلت هذه المؤسسة في الحفاظ على ميثاقها فليصار الى حلها على غرار عصبة الامم المتحدة.

لا تتوفر نتائج حالياً