خبر : خطاب المفوض العام للأونروا امام اللجنة الخاصة السياسية وتصفية الاستعمار، الرئاسة العامة للأمم المتحدة

الثلاثاء 13 أكتوبر 2020 12:45 م بتوقيت القدس المحتلة

خطاب المفوض العام للأونروا امام اللجنة الخاصة السياسية وتصفية الاستعمار، الرئاسة العامة للأمم المتحدة
دائرة شؤون اللاجئين -13/10/2020- 
 

سيدي الرئيس،

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة، المندوبون الموقرون،

إنه لمن دواعي سروري أن أقدم تقريري السنوي للجمعية العامة عن أعمال الأونروا من أجل لاجئي فلسطين في الشرق الأوسط. ووفقا للممارسة المتبعة، وفي الوقت الذي يقدم التقرير المكتوب بين أيديكم وصفا للاتجاهات والأحداث التي جرت عام 2019، فإن عرضي التقديمي سيزودكم بالمستجدات على الوضع الراهن.

لقد توليت وظيفتي كمفوض عام في الأول من نيسان، مباشرة بعد أن أطلقت الأونروا استجابة سريعة وبعيدة المدى لمنع انتشار كوفيد-19 مع المحافظة في الوقت نفسه على خدمات التعليم والصحة والإغاثة التي تقدمها الوكالة للملايين من لاجئي فلسطين، يشملون من هم في 58 مخيما مكتظا بالسكان في المنطقة.

إن مرونة الأونروا وقدرتها على تعديل الطريقة التي تعمل بها استجابة لفيروس كوفيد-19 بين عشية وضحاها تقريبا قد أثارت إعجابي حقا: فقد تحول موظفو الأونروا إلى التطبيب عن بعد، وتوصيل الأغذية والأدوية إلى المنازل، والتعلم عن بعد.

واليوم، وبعد ستة أشهر من فترة ولايتي ومن الوباء، لا تزال أولويتنا هي منع انتشار كوفيد-19 مع ضمان استمرار خدماتنا الحيوية دون انقطاع.

إن هذا أكثر أهمية الآن بعد أن بدأت الموجة الثانية تنتشر بقوة في جميع المجتمعات المضيفة ومجتمعات اللاجئين على حد سواء. بين أشهر تموز واليوم، ارتفع العدد الإجمالي للاجئي فلسطين المصابين من أقل من مئتي حالة إلى أكثر من عشرة آلاف في الأسبوع الماضي. بالإضافة إلى الأزمة الصحية، فإن كوفيد-19 يطلق العنان أيضا لجائحة وحشية من الفقر المدقع يجعل لاجئي فلسطين يشعرون بانعدام الأمل.

 

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

لقد شهدت الأسابيع القليلة الماضية تطورات سياسية جديدة في المنطقة. ورحب الأمين العام بالاتفاق بين إسرائيل وبين دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين وبتعليق الضم.

تحدث هذه التطورات الإقليمية في الوقت الذي يعاني فيه لاجئو فلسطين في الأراضي الفلسطينية المحتلة من الحصار والظروف غير المؤاتية للعيش في غزة، ويعانون من الصعوبات والقيود المفروضة على حريتهم في التنقل في الضفة الغربية، التي تشمل القدس الشرقية. ولم ينته الصراع المدمر في سوريا، فيما يغرق لبنان في أسوأ أزمة منذ عقود، وينزلق الأردن في أزمة اقتصادية حادة. إن لاجئي فلسطين يعيشون في كل هذه الأماكن ولم يسلموا منها.

وبالنسبة للعديد منهم، فإن الحراكات الإقليمية المتغيرة هي مصدر عدم اليقين والضيق. إنهم بحاجة إلى الطمأنينة. إنهم بحاجة إلى تذكير بأن مهام ولاية الأونروا ووضع وحقوق ورفاهية لاجئي فلسطين لا تزال دون تغيير، على الرغم من التطورات السياسية التي يرونها تحدث من حولهم.

لقد تغلغل شعور عميق بالهجران واليأس في العديد من المناقشات الأخيرة التي أجريتها مع لاجئي فلسطين الشباب. أسمع عن اندفاع متجدد نحو قوارب الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط الذي ينتهي بشكل مأساوي بانتظام. ويقوم فريقي أيضا بالإبلاغ عن زيادة انتشار عمالة الأطفال، وزواج الأطفال، وزيادة عدد الأسر التي تقول إنها تعيش على وجبة واحدة يوميا أو حتى بدون وجبة.

إن اليأس وفقدان الأمل يصنعان خليطا خطيرا في منطقة شديدة التقلب، خاصة بالنسبة للشباب، الذين يشعرون بشكل متزايد بأنهم محرومون ومحاصرون.

إن اليأس يعد تهديدا للسلام والاستقرار.

ومعالجة هذا الأمر يتطلب وجود أونروا مستقرة ويمكن التنبؤ بها تساهم في الحفاظ على الإحساس بالحياة الطبيعية، ولو كان ذلك فقط من خلال التقديم الثابت للخدمات الحيوية. إن الصحة والتعليم من حقوق الإنسان الأساسية وركائز أساسية للعيش حياة كريمة. وهذه من بين البرامج الرئيسية للأونروا.

إلا أن الفقر المتزايد يقود عددا متزايدا من اللاجئين إلى الاعتماد فقط على خدمات الأونروا. إنهم يطلبون منا بذل المزيد في وقت لا نعرف فيه ما إذا كنا سنتمكن من المحافظة على خدماتنا الأساسية من شهر لآخر.

والمحافظة على جودة الخدمات تتطلب موارد كافية. والانتقال للحديث عن مالية الأونروا وإبلاغكم أنها لا تزال في حالة سيئة لا يشكل مصدر سرور بالنسبة لي.

وسأركز أولا على موازنة برامجنا الرئيسة، التي تعد العمود الفقري للوكالة. إن فجوة الأونروا التمويلية فيها تبلغ اليوم 130 مليون دولار.

وبالإضافة إلى موازنتنا البرامجية الأساسية، فإننا نناشد أيضا دعم استجابتنا لفيروس كوفيد-19. يعد هذا الدعم ضروريا لتوفير الحماية الكافية لموظفينا الصحيين أثناء الجائحة، لكي يتمكنوا من المحافظة على الرعاية الصحية الأولية المنقذة للحياة، التي تشمل المطاعيم والرعاية الصحية للأم والطفل. وهنالك حاجة ماسة أيضا لأموال إضافية للمحافظة على نهج مختلط للتعليم ولمعالجة التأثير الاجتماعي والاقتصادي الشديد لجائحة كوفيد-19. لقد أطلقنا مؤخرا مناشدة بمبلغ 95 مليون دولار أمريكي، وإنني أدعو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى توفير التمويل بسخاء كما فعلوا في مناشدتنا السابقة بشأن كوفيد-19.

كما تحتاج الأونروا أيضا إلى 40 مليون دولار أمريكي لمواصلة عملياتها الإنسانية، التي تشمل المساعدات الغذائية والنقدية لأكثر من 1,4 مليون لاجئ متضررين من الصراع قادمين من سوريا أو يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة. واليوم، هناك حاجة ماسة إلى 15 مليون دولار أمريكي من هذا المبلغ للمحافظة على خط إمدادات الغذاء في غزة لأكثر من مليون لاجئ.

إن الأولوية لدي الآن هي جمع الأموال اللازمة للحفاظ على جميع خدماتنا الأساسية. سيؤثر عدم جمع الأموال اللازمة على رواتب 28,000 موظف وموظفة وعلى تقديم الخدمات الحيوية، بما في ذلك تعليم أكثر من نصف مليون فتاة وصبي. إن من شأن وضع كهذا أن يجبرني على العودة إليكم للحصول على المشورة بشأن أي أجزاء من ولاية الأونروا يتعين أن يتم تحديد أولوياتها.

وسويا، بمقدورنا أن نتجنب هذا.

 

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

إن أحد أهدافي في هذا الإيجاز اليوم يتمثل في إشراككم، بصفتكم أعضاء في الجمعية العامة، والحصول على دعمكم الكامل، لجعل الموارد لموازنتنا البرامجية أكثر قابلية للتنبؤ وعلى المستوى الذي يتناسب مع المسؤوليات التي عهدتم بها إلى الأونروا من خلال ولايتها، التي تم تمديدها في كانون الأول 2019.

إن نفقات الموازنة البرامجية للأونروا يمكن التنبؤ بها. ولكن التمويل كان دائما غير متوقع، مع عدم وضوحه لأكثر من بضعة أسابيع. أن هذا أمر غير مستدام.

يؤدي عدم القدرة على التنبؤ بالتمويل إلى أزمات تدفق نقدي مستمر ونقص هيكلي في التمويل. يحدث هذا على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الأونروا لإبقاء النفقات تحت السيطرة من خلال إدخال تدابير الكفاءة، وفي بعض الأحيان، التقشف. وحتى الآن، قللت الأونروا من الآثار السلبية للتقشف على جودة خدماتها إلى حد ملحوظ، إلا أن هناك حد لما يمكن للوكالة أن تفعله.

إن أزمة التدفق النقدي المستمر ونقص التمويل الهيكلي تزعج لاجئي فلسطين وموظفي الأونروا والحكومات المضيفة. وهذا يضيف طبقة من انعدام الأمن في منطقة متقلبة بالفعل.

والوكالة وشركاؤها ينفقون الكثير من الوقت والجهد على إدارة الأزمة المالية. والخبر السار هو: أنه يمكن تجنبها.

 

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

على مدار الأشهر القليلة الماضية، عملت على إشراك المضيفين والمانحين وعلى المستويات العالية وشجعت على اتباع نهج استشرافي واستراتيجي يضع الوكالة على أساس سليم بشكل معقول للوفاء بمهام ولايتها بفعالية.

ولتحقيق ذلك، ينبغي أن يكون هناك اتفاق من قبل الدول الأعضاء على توفير مستوى الموارد المطلوبة لدعم تنفيذ ولاية الأونروا بالكامل وزيادة إمكانية التنبؤ بالموارد من خلال التمويل متعدد السنوات. وبدوري، فإنني ملتزم بتطوير وتقديم إستراتيجية طويلة المدى للأونروا بميزانية متعددة السنوات. كما سأستمر في بذل الجهود لتوسيع قاعدة المانحين للوكالة، واستكشاف الشراكات وسبل التمويل المبتكرة، بما يتماشى مع تقرير الأمين العام للأمم المتحدة لعام 2017 حول تمويل الأونروا.

وفي الوقت نفسه، ستواصل الوكالة السعي لتحقيق أعلى معايير الفعالية والشفافية والمساءلة، بما في ذلك من خلال مبادرات الإدارة التي يتم تعميمها. لقد عززنا بالفعل دور اللجنة الاستشارية، ووظائف الرقابة الداخلية للوكالة، واتخاذ القرارات الإدارية وإطار عمل الوكالة التنظيمي، لا سيما في مجال عمليات التوظيف والاختيار. وستبقى مراعاة المبادئ الإنسانية على قدم المساواة أولوية وقد كثفنا جهودنا بالفعل لدعم الحيادية في جميع أقاليم عملياتنا.

وفي العام الماضي، أكد قرار الجمعية العامة بخصوص مساعدة لاجئي فلسطين على ضرورة استمرار عمل الأونروا، وهنا أقتبس: "أهمية عملها دون عوائق وتقديمها للخدمات، بما في ذلك المساعدة الطارئة، من أجل رفاه وحماية لاجئي فلسطين والتنمية البشرية لهم ومن أجل استقرار المنطقة، إلى أن يتم حل قضية لاجئي فلسطين حلا عادلا".

إن مشاركتكم الدبلوماسية لا غنى عنها لضمان وجود أونروا يمكن التنبؤ بها، ولضمان عدم ترك أي لاجئ من فلسطين متخلفا عن الركب ومن أجل تعزيز التنمية والاستقرار في المنطقة.

إننا ندين بهذا للاجئي فلسطين، وندين به أيضا للمنطقة.

 

شكرا لكم، سيدي الرئيس

لا تتوفر نتائج حالياً