خبر : تقرير: عنف المستوطنين أداة إسرائيل للاستيلاء على أراض في الضفة

الأحد 14 نوفمبر 2021 11:55 ص بتوقيت القدس المحتلة

تقرير: عنف المستوطنين أداة إسرائيل للاستيلاء على أراض في الضفة
دائرة شؤون اللاجئين -14/11/2021- قال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بيتسيلم"، إن المستوطنين يمارسون عنفهم بحق الفلسطينيين بدعم تام من إسرائيل، كجزء من استراتيجيّة نظام الأبرتهايد السّاعي إلى قضم مزيد من الأراضي الفلسطينيّة لاستكمال عمليّة الاستيلاء الجارية.

وأوضح مركز "بيتسيلم" في تقرير صحفي، أن إسرائيل تستولي على أراضي الفلسطينيّين بطرق علنيّة ورسميّة حازت على تصديق المستشارين القضائيّين والقضاة، بينما المستوطنون الرّاغبون هُم أيضا بالاستيلاء على أراضٍ لأجل تحقيق أهدافهم، يستخدمون بمبادرة منهم ولأسباب تخصّهم، العُنف ضدّ الفلسطينيّين.

وأشار إلى أن إسرائيل تتيح للمستوطنين المُكوث في أراضٍ سُلبت من الفلسطينيّين بالعُنف وعوضا عن إخلائهم تمنح سُلطاتها الدّعم لعشرات البؤر و"المزارع" الاستيطانيّة، وهذه لا تختلف عن مستوطنات أخرى "رسميّة" سوى في أنّها أقيمت من دون ترخيص رسميّ من الحكومة أو خطّة تسمح بالبناء في تلك الأراضي.

وبيّن المركز أن من أشكال هذا الدّعم، الايعاز للجيش بحماية البؤر الاستيطانيّة وفي حالات أخرى تموّل حماية خاصّة لها؛ وشقّت لها الشوارع ومدّت لبعضها شبكات الكهرباء والماء؛ وقدمت لها الدعم عبر قنوات عدّة منها وزارات الحكومة وقسم الاستيطان في المنظمة الصهيونيّة العالميّة والمجالس الإقليميّة في الضفة الغربيّة؛ تمنح أفضليّات لمشاريع اقتصاديّة، من ضمنها منشآت زراعيّة ودعم مزارعين جدد ورعي القطعان وتخصّص لهُم حصص المياه وتمنحهم حماية قانونية ضد الالتماسات التي تطالب بإخلائهم.

ولفت المركز إلى أن من بين أشكال الدعم، عزم إسرائيل على تطبيق القانون الإسرائيليّ في البؤر الاستيطانيّة مستقبلا، وحتى أنّها التزمت بذلك أمام المجتمع الدوليّ.

وأوضح "بيتسيلم"، أن طريقة تسوية الاعتداءات الجسديّة على الفلسطينيّين، شجع المستوطنين على الاستمرار بها، حتى أصبح منذ وقت طويل جزءا لا يتجزّأ من روتين نظام الاحتلال في الضفة.

ويشمل عُنف المستوطنين الضرب ورشق الحجارة والتهديد والوعيد وإحراق الحقول وإتلاف الأشجار وشتّى المزروعات وسرقة الثمار وإطلاق النيران واستهداف المنازل وتخريب المركبات، والقتل أحيانا.

وبين التقرير أن مستوطني "المزارع" دأبوا في السّنوات الأخيرة على طرد الرّعاة والمزارعين الفلسطينيين من حقولهم ومن المراعي وإبعادهم عن مصادر المياه التي اعتادوا على الاستفادة منها جيلا وراء جيل، وفوق ذلك يقومون باستفزازات يوميّة بقصد خلق مناوشات عنيفة ويتفننون في دبّ الذعر بين مواشي الفلسطينيين والتسبّب في فرارها وتشتيتها.

وأشار التقرير، إلى أن الجيش يمنع عن الدخول في مواجهات مع المستوطنين المعتدين، رغم أنّه من الناحية القانونيّة يمتلك الجنود صلاحيّة توقيفهم واعتقالهم بل يقع هذا عليهم كواجب أيضا، لكن الجيش يفضل إخراج الفلسطينيين بالذات من أراضيهم الزراعيّة أو من المراعي عوضا عن مواجهة المستوطنين؛ ويلجأ في ذلك إلى إصدار أوامر تعلن الموقع "منطقة عسكريّة مغلقة" وتسري فقط على الفلسطينيّين أو يقوم الجنود بتفريقهم باستخدام قنابل الغاز المسيل للدّموع وقنابل الصّوت والرّصاص المعدنيّ المغلّف بالمطّاط وحتى الرّصاص الحيّ، وفي بعض الأحيان يشارك الجنود أنفسهم في الهجمات التي يشنّها المستوطنون على الفلسطينيّين أو يقفون جانبا موقف المتفرّج دون التدخّل لمنع الاعتداء.

لا يقف الأمر عند هذا الحد، فبعد أيّ هجوم يشنّه المستوطنون ضدّ الفلسطينيين يعمل جهاز إنفاذ القانون الإسرائيليّ كلّ ما في وُسعه للامتناع عن معالجة الأمر، ويضع العراقيل لتصعيب تقديم الشكاوى، وإذا تمّ تسجيل شكوى وفتح تحقيق، يُسارع إلى طمس الحقائق، وفي حال الاعتداءات المُفرطة في العُنف يتمّ تقديم لائحة اتّهام تشمل تهما بسيطة تافهة، وإذا انتهت محاكمة كهذه بإدانة المستوطن -وهو أمر نادر الحدوث- فتُلقى عليه عقوبة رمزيّة فقط.

ويستعرض تقرير "بيتسيلم" حالات كنماذج تبين كيف يندرج عُنف المستوطنين المنهجيّ والمتواصل ضمن السّياسة الرسميّة للدّولة، ويوضح دور هذا العُنف في إتاحة الاستيلاء على مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيّين سواء أراضيهم الزراعيّة أو مراعيهم.

وأكد الأهالي في الإفادات التي جمعها مركز "بيتسيلم"، أن عُنف المستوطنين هدم أسس معيشة تجمّعات بأكملها وسدّ عليها سُبل كسب الرّزق، وادى إلى انكماش اقتصاد التجمّعات الفلسطينيّة التقليديّ، كتربية المواشي والزراعة الموسميّة، أو هي تخلّت عنه تمامًا تحت وطأة العُنف والترهيب وفي واقع انعدام الخيارات؛ وهي فروع وفّرت لهم في الماضي العيش الكريم من جيل إلى جيل.

وقال "بيتسيلم"، عُنف الدّولة -المنظّم الرسميّ أو غير الرسميّ- هو جزءٌ لا يتجزّأ من نظام الأبرتهايد الإسرائيليّ الطامح إلى تهويد المكان، أي سائر المنطقة الممتدّة بين النهر والبحر. يعتبر هذا النظام الأرض موردا وُجد أساسا لخدمة الجمهور اليهوديّ، ولذلك تخصّص الأرض بشكل شبه حصريّ لاحتياجات البلدات اليهوديّة القائمة من تطوير وتوسيع وإقامة بلدات يهوديّة جديدة، في المقابل اعتاد نظام الأبرتهايد على تشظية المجال الفلسطينيّ وتفتيته، وعلى تجريد الفلسطينيّين من أراضيهم وزجّهم في معازل ضيّقة ومكتظّة.

ومن الأمثلة التي ساقها التقرير حول تسخير عنف المستوطنين للاستيلاء على الأراضي في الضفة، ما يعرف بـ"المزرعة الاستيطانية أم زوكا"، وهي واحدة من ست "مزارع" أنشأها مستوطنون في الأغوار الشمالية خلال السنوات الخمس الأخيرة.

أقيمت هذه "المزرعة" في نهاية عام 2016 في موقع كانت تقع فيه قرية فلسطينية تدعى خربة المزوقح، والتي دمرتها إسرائيل بعد احتلال الضفة الغربية، ووفقا لحسابات مؤسسة "كيرم نفوت" التي أُعدت حسب طلب بتسيلم فإن مستوطني "المزرعة الاستيطانية أم زوكا" استولوا على 14,979 دونما أي نحو ثلثي مساحة المحمية الطبيعية، وقام المستوطنون حتى الآن بفلاحة 99 دونما من هذه المساحة.

وأشار "بيتسيلم" إلى أن عنف المستوطنين تجاه الفلسطينيّين مثله مثل عُنف الدولة- العسكريّ، هو أيضا عُنف منظّم ومُمأسس وهو مدجّج بالوسائل ويطبّق وفقا لاستراتيجيّة محدّدة معيّنة الهدف.

ورأى التقرير أن الجمع بين العُنف الرسميّ وهذا العُنف الذي يبدو في الظاهر "غير رسميّ"، يتيح لإسرائيل أولا أن تحافظ على متّسع للإنكار والادّعاء أنّ "هذه أفعال المستوطنين" وليست أفعال الجيش ولا المحاكم ولا الإدارة المدنيّة؛ وثانيا تحقيق هدف تجريد الفلسطينيّين من أراضيهم.

يذكر أن إسرائيل أقامت في أنحاء الضفة الغربيّة أكثر من 280 مستوطنة يقيم فيها أكثر من 440 ألف مستوطن، تعترف إسرائيل رسميّا بـ138 مستوطنة منها (لا يشمل الأحياء الـ12 التي أنشأتها فوق الأراضي التي ضمّتها إلى القدس)، وهناك نحو 150 بؤرة استيطانيّة لا تحظى باعتراف رسميّ، وما يقارب ثُلث البؤر الاستيطانيّة أقيم خلال العقد الأخير ويسمّى معظمها "مزارع".

وتسيطر المستوطنات في الضفة على مئات آلاف الدّونمات، وهي أراضٍ يُمنع أو يُقيّد دخول الفلسطينيّين إليها. بعض هذه الأراضي استولت عليه إسرائيل بوسائل رسميّة، عبر أوامر عسكريّة أو عبر إعلانها "أراضي دولة" أو "مناطق إطلاق نار" أو "محميّات طبيعيّة" أو عبر الاستيلاء عليها؛ وبعضها الآخر استولى عليها مستوطنون بالقوّة المجرّدة بواسطة عُنف يوميّ يمارسونه ضدّ الفلسطينيّين وممتلكاتهم.

لا تتوفر نتائج حالياً