خبر : كلمة المفوض العام خلال المؤتمر الدولي

الأربعاء 17 نوفمبر 2021 11:54 م بتوقيت القدس المحتلة

كلمة المفوض العام خلال المؤتمر الدولي
دائرة شؤون اللاجئين -17/11/2021- 
 

أصحاب السعادة،

أود أن أعرب عن خالص امتناني لكل فرد منكم لوجودكم معنا اليوم.

فحضوركم، كما أشار الأمين العام فى كلمته، بمثابة شهادة على التزامنا المشترك بصيانة حقوق اللاجئين الفلسطينيين وتنميتهم البشرية.

وأود أن أوجه شكراً خاصاً لنائب رئيس الوزراء ووزير خارجية الأردن، معالي السيد أيمن الصفدي، ووزيرة خارجية السويد، معالي السيدة آن لينده، على دورهما القيادي في جمعنا معاً في هذه اللحظة الحاسمة في تاريخ الأونروا.

 

أصحاب السعادة،

نجتمع اليوم في وقت تتبنى فيه الأونروا رؤية طموحة يسرني أن أستعرضها أمامكم.

رؤيتنا هي تقديم خدماتنا بما يتماشى مع عصرنا.

وهي تستند إلى الالتزام بأن "لا يتخلف أي لاجئ فلسطيني عن الركب".

إنها تتعلق بضمان أن تستمر خدمات الأونروا في مرافقة جميع اللاجئين في رحلتهم التحولية نحو الاعتماد على الذات.

رؤيتنا ستضمن للاجئين الفلسطينيين ألا يفوتهم قطار التحول الرقمي العالمي.

وهذا يعني، في مدارسنا وفي مراكز التدريب المهني لدينا، أن نطور محو الأمية الرقمية بالشكل الذي يسمح للأطفال والشباب بالانخراط الكامل في الثورة التكنولوجية التي نشهدها اليوم.

ربما سمعتم عن لؤي البسيوني - الذي ذهب من مدرسة للأونروا في غزة ليصبح مهندساً ناجحاً في وكالة ناسا.

نحن نريد أن يذهب العديد من اللاجئين الفلسطينيين الشباب الآخرين من الأونروا إلى وكالة ناسا، أو من الأونروا إلى البحوث الطبية، أو من الأونروا إلى أية فكرة ريادية مبتكرة توسع حدود الإمكانات البشرية.

هذا الرهان على الفرص الرقمية ليس حلماً كاذباً: فمن مركز لتكنولوجيا المعلومات تابع للأونروا في غزة، يقدم اللاجئون الفلسطينيون بالفعل خدمات تكنولوجيا معلومات عالية الجودة إلى قائمة متنامية من العملاء في جميع أنحاء العالم، خدمات تم تطويرها فى مكاتب الاونروا فى غزة.

ونريد أيضاً أن نبني على استجابتنا للجائحة، عندما تمكنت الأونروا من التحول بسرعة إلى حلول لتقديم الخدمة عن بعد وتجنب حدوث انقطاع كبير في الخدمات.

نحن نريد توسيع استخدام الأدوات الرقمية لاستكمال وإثراء الخدمات المقدمة وجهاً لوجه. بهذه الطريقة، ستكون الخدمات الصحية، على سبيل المثال، أكثر أماناً وأسرع ويصبح الوصول إليها أسهل من خلال المنصات الرقمية.

يتعلق هذا التحول أيضاً بجعل ممارسات الإدارة لدينا أكثر شمولاً وانفتاحاً وتقبلاً للأصوات الجديدة من جميع فئات موظفينا.

وهذا يعني كسر الحواجز في جميع أنحاء الوكالة لتلبية الاحتياجات المحددة بشكل أفضل، وبالتحديد تلك المتعلقة بالصحة النفسية والإعاقة والعنف الجنسي.

إن التحديث يدفع جهودنا للبحث عن علاقات تمويل جديدة.

والتحديث يشكل ركيزة لطموحاتنا وجهودنا الرقمية في حشد التمويل لتوسيع قاعدة المانحين لدينا من خلال المؤسسات المالية العالمية والإقليمية والقطاع الخاص وبنوك التنمية.

أخيراً، وتمشياً مع العصر واستمراراً في الممارسات السابقة، سنحافظ على الكفاءة التي عرفت الأونروا بها وعلى قيمتها مقابل المال، وهو ما أكدته مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين والبنك الدولي مؤخراً عند تقييمهما لنظامنا التعليمي.

 

أصحاب السعادة،

لتحقيق هذه الرؤية، يتوجب علينا أن نواجه لحظة حقيقة.

إن التهديدات المالية والسياسية ذات الطابع الوجودي بحق تعمل ضد هذه الرؤية.

وإذا لم تعالج هذه التهديدات بشكل حاسم، فإنها ستخلق فراغاً وكارثة إنسانية لا تستطيع هذه المنطقة تحمل تبعاتها.

وكما سمعتم للتو من الأمين العام للأمم المتحدة، فإن الخدمات التي تقدمها الأونروا تمكّن اللاجئين من إنجاز أشياء رائعة، على الرغم من التحديات التي يواجهونها.

وهذه الإنجازات معروفة وتحظى بالاعتراف على نطاق واسع.

مع ذلك، فإن الدعم السياسي شبه الإجماعي لولاية الأونروا لا يترجم إلى دعم تمويلي يتناسب معه.

فقد ركدت الموارد منذ عام 2013، بينما:

  • عانت المنطقة من أزمات ضخمة متعددة،
  • وازدادت احتياجات الأونروا وارتفعت التوقعات منها

نتيجة لذلك، ازدادت الأزمات المالية في تواترها وشدتها.

وهذه الأزمات تتسبب في ضائقة شديدة الوطأة بين اللاجئين والموظفين.

وهي تغذي شعوراً عميقاً بأن المجتمع الدولي يتخلى عنهم.

إن اليأس والغضب يغليان في المخيمات.

في نهاية العام الماضي، تفادت الأونروا بالكاد حدوث انهيار مالي.

وفي الوقت الذي نجتمع فيه اليوم، أواجه نفس حالة عدم اليقين، إذ أنني لا أعرف ما إذا كانت الأونروا ستتلقى تمويلاً كافياً للمحافظة على استمرار جميع الخدمات في تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر.

عملياتنا بأكملها معرضة للخطر.

ويتساءل ما يقرب من 400,000 لاجئ فلسطيني متى سيتلقون مساعداتهم النقدية التي لا يستطيعون تدبر أمور حياتهم بدونها.

ومراكزنا الصحية غير قادرة على تعبئة مخزونها من الأدوية.

وفواتير الإنترنت والكهرباء غير المدفوعة تخاطر بتقويض قدرتنا الأساسية على العمل.

ويجب على موظفينا التعامل مع تجميد استحقاقاتهم وتأخير رواتبهم بينما يُطلب منهم مواصلة عملهم.

إنني أدرك بألم التضحيات التي يُطلب منهم تقديمها.

سيكون للفشل في الحفاظ على الخدمات تأثير كبير على اللاجئين.

وسيترك أكثر من مليوني لاجئ من الفقراء والمتضررين من النزاعات دون مساعدات غذائية ونقدية.

وسيفقد أكثر من نصف مليون فتاة وفتى حقهم في التعليم.

وسيتوقف تعميم التطعيم ضد كوفيد-19 ونحن في خضم الجائحة.

وستتوقف رعاية الأم والطفل.

ويمكن أن ينعكس مسار المكاسب الثابتة التي تحققت في مجال التنمية البشرية.

هذا الوضع ليس بالعادل ولا المستدام.

إن الفشل في الاستجابة إلى حقوق اللاجئين الفلسطينيين وآمالهم وتوقعاتهم لا ينبغي أن يكون خياراً للمعنيين بالسلام والاستقرار.

 

أصحاب السعادة،

يمكن الحفاظ على عملياتنا، التي تشكل شريان حياة للاجئين الفلسطينيين، بتوفير 800 مليون دولار أمريكي كحد أدنى سنوياً، لعدة سنوات مقبلة، مع مراعاة النمو الطبيعي السنوي المتوقع.

وأنا أدعو اليوم أيضاً إلى ضخ رأس مال لمرة واحدة بقيمة 100 مليون دولار أمريكي لإعادة الأونروا وطواقمها إلى كامل قدراتهم.

لقد استنفذت تدابير التقشف وخفض التكاليف أصولنا وخفضت القوى العاملة لدينا إلى الحد الأدنى.

وهذا له تأثير شديد على تقديمنا للخدمات.

فجودة التعلم ليست هي نفسها عندما يكون في الغرفة الصفية الواحدة 25 طفلاً أو ما يصل إلى 50 طفلاً.

والخدمات الصحية ليست هي نفسها عندما لا تستمر الاستشارة بين الطبيب والمريض لأكثر من ثلاث دقائق.

ومعظم أصول تكنولوجيا المعلومات لدينا عفا عليها الزمن.

 

أصدقاء الأونروا،

ترتبط هذه التهديدات المالية بشكل وثيق بالهجمات السياسية الشرسة والمتكررة بتزايد التي تواجهها الأونروا.

نحن بحاجة إلى معالجة هذه الهجمات على حقيقتها.

هدفها؟

محو حقوق أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني مسجل على النحو الذي ينص عليه القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

كيف؟

بإضعاف الوكالة من خلال اتهامات لا أساس لها من الصحة بالتسييس والتحريض.

وهذا أمر ساذج وخطير على السواء.

اسمحوا لي أن أكون واضحاً: بصفتي مفوضاً عاماً وبصفة الأونروا وكالة تابعة للأمم المتحدة، فإننا لا نتسامح مطلقاً مع أية كلمة أو عمل يسعى إلى نشر الكراهية أو التمييز أو العنف تجاه أي فرد أو شعب أو بلد آخر. نائب المفوض العام ستتحدث عن هذه الجهود لاحقا.

ولكن لا يمكن أن يخلو الأمر من المخاطرة تماماً عندما تعمل في سياق أطول صراع غير محلول حتى الآن، وفي بيئة مقسمة وانفعالية للغاية.

ولا توجد أي وكالة تستثمر أكثر من الأونروا في التخفيف من حدة هذه المخاطر.

من المرجح أن تستمر هذه الهجمات، بل وتنمو في شراستها.

إن غياب أفق سياسي وإعياء المانحين ليس عذراً لتحويلنا بعيداً عن ضرورة حماية الفئات الأشد ضعفاً.

إنني آمل أن يتفق الجميع على:

  • الحاجة لضمان قدرة كل لاجئ، أينما كان يعيش، على الوصول إلى التعليم ليصبح مواطناً نشطا وإيجابياً في هذا العالم.
  • وضرورة توفير رعاية الأمومة لأية لاجئة في أي مخيم في لبنان.
  • وضرورة تقديم المساعدات الإنسانية لأسر اللاجئين المعوزين في غزة أو سوريا.

هذه هي ولاية الأونروا. وهذا ما نفعله، لا أكثر ولا أقل.

واسمحوا لي أن أشدد على واقع واضح ولكنه مأساوي: لا أحد يريد أن يكون لاجئاً، من جيل إلى آخر.

لذا نحتاج معاً إلى فعل المزيد لمواجهة هذه الهجمات، وفضح أجنداتها السياسية، وحماية اللاجئين الفلسطينيين من التأثير الخانق لهذه الهجمات.

 

أصحاب السعادة،

إن الأونروا قصة مثيرة للانتباه بحق عن التضامن العالمي في العمل، وهي في الوقت ذاته مثال مأساوي على الدعم المالي غير الفعال وغير الكافي الذي يدفعها إلى حافة الهاوية.

هناك الكثير مما يمكن أن نخسره.

وإذا فشلنا في إيجاد حلول حقيقية الآن وفي المستقبل، فإن المؤسسة ستقفز قريباً جداً فوق حافة الهاوية.

ومن شأن هذا أن يترك خلفه فراغاً غير مستقر.

لا توجد بيئة تحب الفراغ.

ويمكن أن يظهر شيء آخر، شيء يمكن أن يكون له أثر دائم ونهائي على تطلعات اللاجئين الفلسطينيين وعلى المنطقة بشكل أعم.

بالإمكان منع ذلك.

وأنا اليوم أطلب منكم، أنتم ممثلي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، أن تترجموا دعمكم السياسي إلى موارد للأونروا خاضعة للتنبؤ وكافية ومستدامة.

إن دعمكم سيضمن استمرار الأونروا في أن تكون شريان الحياة الموثوق والذي لا بديل له للاجئين الفلسطينيين إلى أن يتم التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم.

لا تتوفر نتائج حالياً