خبر : كلمة السيد فيليب لازاريني المفوض العام وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) في الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة العادية (159) لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري

الأربعاء 08 مارس 2023 10:41 م بتوقيت القدس المحتلة

كلمة السيد فيليب لازاريني المفوض العام وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) في الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة العادية (159) لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري
دائرة شؤون اللاجئين -8/3/2023- 

السيد الرئيس،

معالي السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية،

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

السيدات والسادة،

كل الإمتنان لإتاحة الفرصة لي مجدداً لأثير محنة اللاجئين الفلسطينيين.

يعقد اجتماع وزراء الخارجية هذا إزاء الخلفية المأساوية للزلزال المدمر في تركيا وسوريا.

وللاجئون الفلسطينيون الذين يعيشون في الجزء الشمالي من سوريا عانوا من خسائر في الأرواح، ومن النزوح، وهم في رعب مهول ممّا ينتظرهم من حرمان وفاقة.

وإنّه لفي أوضاع بهذه الفداحة الكارثية، ليرى المرء الالتزام الحقيقي للحكومات والشعوب تجاه الإنسانية.

ولا يتألق سوى أولئك الذين يقفون بجانب الناس المتضررين.

ولقد تألقت المنطقة العربية بتضامنها.

وكانت فرق عمل الأونروا في حلب واللاذقية في اليوم التالي للزلزال.

فوزعت الأغذية، وقدمت الخدمات الطبية والدعم النفسي لمئات اللاجئين الفلسطينيين ممّن تدمرت منازلهم كليا أو تدميرا شديداَ.

وتحولت العديد من مدارسنا في المنطقة لمساكن مؤقتة.

كما وينعقد هذا الاجتماع وسط تدهور خطير للغاية في الوضع الأمني عبر الضفة الغربية والقدس الشرقية.

ونشهد مستويات صادمة من العنف وتصريحات تثير ذات القدر من الصدمة.

يوم الخميس الماضي، زرت مخيم عقبة جبر للاجئين في أريحا الذي شهد في اليوم السابق للزيارة اندلاع العنف المسلح بالقرب من مدرستين للأونروا.

رَوَى المعلمون لي قصصاً عن الأطفال المرعوبين إذ يحاولون هم إبقائهم داخل المدرسة بغرض حمايتهم.

السيدات والسادة،

تقترب وكالة اللاجئين الفلسطينيين من السنة الـ 75 عاما على إنشائها.

لم يشعر اللاجئون الفلسطينيون بالضعف قط كشعورهم به اليوم، وذلك في ظل تضاؤل الاهتمام بهم عالمياً، وتغير الديناميات الإقليمية، وتزايد الدعوات الصريحة لتقويض حقوقهم ووضعهم كلاجئين.

وهذا يستدعي التفكير في مستقبل ملايين اللاجئين الفلسطينيين، الذين ما فتئ العديد منهم يعيش في ظروف صعبة للغاية وفي وضع قانوني غير مستقر.

وإذ نقترب من هذه الذكرى الرصينة جداً، فإن للأونروا الكثير مما يدعو للفخر.

طلاب لامعون في مدارسها، ومؤشرات صحية ممتازة، ومعدلات تطعيم عالمية، وأكثر من ذلك بكثير.

ولكن في صميم عمل الأونروا هناك نزاع لم يحل، وهو من أطول النزاعات في التاريخ الحديث.

وينتظر اللاجئون الفلسطينيون حلا عادلا ودائما. 

لم تكن هناك حاجة أعظم قط للتضامن العربي مع اللاجئين الفلسطينيين، والمنطقة تشهد حلقة جديدة مثيرة للقلق من العنف والانهيار الاجتماعي والاقتصادي.

والتفكير في مستقبل اللاجئين الفلسطينيين لابد من أن يكون جزءا لا يتجزأ من أي نقاش أو مبادرة بشأن الطريق إلى السلام. سواء كانت هذه النقاشات جديدة أو يتم إحياؤها.

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

قدمت خدماتنا خط الحياة لواحدة من أكثر المجتمعات تهميشا في المنطقة.

وأتاحت خدماتنا التعليمية والصحية والاجتماعية للعديد من اللاجئين الفلسطينيين الاستمتاع بحياة صحية ومنتجة.

وقد خرّجت مراكزنا المهنية شابات وشبانا وجدوا وظائف برغم ارتفاع معدلات البطالة.

غير أن الأونروا تعاني من نقص التمويل كل عام، وتعيش على التقشف والديون. 

فمواردنا المالية الهشة لا تتيح التحديث والارتقاء الذي نطمح إليه والمطلوب لتحتفظ الوكالة بأهميتها وفعاليتها.

لنأخذ التعليم على سبيل المثال: قبل أن يضرب الزلزال سوريا مباشرة التقيت بشابات وشباب يدرسون في مركزنا المهني في حلب.

طلبوا دورات لتعلم ريادة الأعمال.

وطلبوا فرص تدريب لدى شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وطلبوا تدريب لغوي مكثف ليتاح لهم الاتصال بالعالم عبر الإنترنت.

لم تعد مراكزنا المهنية قادرة على تقديم دورات متطورة، مثل التكويد أو تطوير التطبيقات.

فالمهارات القديمة التي طالما قدمناها أصبحت أقل قدرة على المنافسة في عالم يستند التوظيف فيه على مهارات التكنولوجيا.

غير أنه في غزة، تمكنا بالفعل من تقديم دورات في التكويد وتكنولوجيا المعلومات في مركزنا المهني.

والنتيجة هي جيل من اللاجئين الفلسطينيين الذين يجلسون في مركز لتكنولوجيا المعلومات تابع للأونروا في غزة، تحت الحصار، ويقدمون الخدمات عبر الإنترنت لمكاتب الأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم.

مثال آخر هو الطاقة النظيفة والمتجددة. إذ يدرك طلابنا الفتيان بشكل متزايد الحاجة إلى حلول صديقة للبيئة في مخيمات اللاجئين المتكدسة للغاية.

وغادة هي طالبة في مركز الأونروا المهني في غزة تدرس لتتمكن من وضع أنظمة طاقة شمسية وطاقة بديلة في المصانع والشركات.

إن ما يتلقاه اللاجئون من تعليم جيد في مدارس الأونروا ومراكزها المهنية غالبا ما يكون جواز سفرهم للعمل والاعتماد على الذات.

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

إن مساهمة الأونروا في رفاه اللاجئين الفلسطينيين وفي الاستقرار بالمنطقة لا يمكن المبالغة في الحديث عنها.

وإذ نتطلع إلى المستقبل، يجب أن تحظى الأونروا بالموارد اللازمة لتحديث عملياتها وتعليمها في المدارس ومراكز التدريب التقني والمهني.

فاللاجئون الفلسطينيون الشباب أينما كانوا في حلب أو غزة أو بيروت يستحقون فرصا للازدهار والنجاح.

واللاجئات الفلسطينيات في الضفة الغربية أو الأردن يرغبن في الحصول على تمويل صغير يعينهن على بدء أعمالهن التجارية وتحقيق الاستقلال المالي.

وبوسع دورات التكنولوجيا المتقدمة أن تمكّن الشباب من العمل على الصعيد العالمي كمتخصصي تكنولوجيا، ومبرمجين، ومحللين، ومراقبي جودة، ومديري مشاريع، وهم في منازلهم مع انعدام قدرتهم على السفر بحرية. 

وهذا يفتح لهم آفاقا أكبر وسيساهم بشكل إيجابي في حياتهم وفي المنطقة.

تلتمس الأونروا الالتزام المتجدد من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية بالتنمية البشرية لمجتمعات اللاجئين الفلسطينيين.

فهذا حجر الأساس للاستقرار الإقليمي، وتكرار للجُود والتضامن المعروفة بهما المنطقة العربية.

معا نحتاج إلى جلب المعرفة والموارد والطاقة الإبداعية إلى مجتمعات لاجئي فلسطين في المنطقة.

ومعاً، لا بد من مواصلة الحفاظ على إبقاء الأمل حياً ومتقداً.

لا تتوفر نتائج حالياً