خبر : كلمة المفوض العام خلال جلسة إحاطة طارئة لمجلس الأمن الدولي حول "الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية"

الأربعاء 01 نوفمبر 2023 09:57 ص بتوقيت القدس المحتلة

كلمة المفوض العام خلال جلسة إحاطة طارئة لمجلس الأمن الدولي حول
دائرة شؤون اللاجئين -1/11/2023- السيد الرئيس،

أعضاء المجلس الكرام،

كانت الأسابيع الثلاثة الماضية مروعة. تقريبا جميع الناس في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة والمنطقة ككل بات في حالة حداد.

إن الهجمات المروعة التي شنتها حماس في إسرائيل بتاريخ 7 تشرين الأول / أكتوبر كانت صادمة. 

إن القصف المتواصل الذي تشنه القوات الإسرائيلية على قطاع غزة أمر مروع.

مستوى الدمار لم يسبق له مثيل، والمأساة الإنسانية التي تتكشف تحت أعيننا لا تحتمل.

تم دفع مليون شخص، يشكلون نصف سكان غزة، من شمال قطاع غزة نحو الجنوب في ثلاثة أسابيع.

ومع ذلك، لم يكن جنوب القطاع بمنأى عن القصف، حيث قتل العديد من الناس. 

لقد قلت مرات عديدة وسأقولها مرة أخرى "لا يوجد مكان آمن في غزة."

والآن، يتلقى المدنيون الباقون في الشمال إخطارات إجلاء من القوات الإسرائيلية، تحثهم على التوجه جنوبا لتلقي مساعدات إنسانية شحيحة.

لكن الكثيرين، بمن فيهم النساء الحوامل والأشخاص ذوو الإعاقة والمرضى والجرحى، غير قادرين على التنقل.

ما حدث وما زال يحدث هو نزوح قسري.

ويوجد الآن أكثر من 670,000 نازح في مدارس ومباني الأونروا المكتظة.

إنهم يعيشون في ظروف مروعة وغير صحية، مع محدودية الطعام والماء، وينامون على الأرض بدون مراتب، أو في الخارج، في العراء.

يتحول الجوع واليأس إلى غضب ضد المجتمع الدولي، وفي غزة، يعرف المجتمع الدولي باسم الأونروا.

السيد الرئيس،

نحو 70 بالمائة من القتلى المبلغ عنهم هم من الأطفال والنساء.

ذكرت منظمة إنقاذ الطفولة أمس أن ما يقرب من 3,200 طفل قتلوا في غزة في ثلاثة أسابيع فقط. وهذا يفوق عدد الأطفال الذين يقتلون سنويا في جميع أنحاء مناطق النزاع في العالم منذ عام 2019.

هذا لا يمكن أن يكون "أضرار جانبية."

ولم تنج الكنائس والمساجد والمستشفيات ومنشآت الأونروا، بما في ذلك تلك التي تؤوي النازحين.

لقد قتل وجرح عدد كبير جدا من الأشخاص أثناء سعيهم إلى الأمان في الأماكن التي يحميها القانون الإنساني الدولي.

إن الحصار الحالي المفروض على غزة هو عقاب جماعي.

أسبوعان من الحصار الكامل تلاهما مساعدات هزيلة الأسبوع الماضي يعني أن:

- الخدمات الأساسية تنهار.

- نفاد الأدوية.

- نفاد الغذاء والماء.

- نفاد الوقود.

بدأت شوارع غزة تفيض بمياه الصرف الصحي، مما سيتسبب في مخاطر صحية هائلة في وقت قريب جدا.

وفي آخر ضربة، أدى انقطاع الاتصالات خلال نهاية الأسبوع إلى تفاقم حالة الذعر والضيق لدى الناس. 

أما الانقطاع فقد عنى:

- عدم تمكن الناس من التواصل مع أحبائهم داخل غزة لمعرفة من مات ومن هو على قيد الحياة.

- عدم معرفة إذا كانوا سيحصلون على الخبز من الأونروا.

- الشعور بأنهم مهجورون ومنفصلون عن بقية العالم.

لقد أدى انقطاع الاتصالات إلى تسريع انهيار النظام العام.

دفع الذعر الآلاف من الأشخاص اليائسين للتوجه إلى مستودعات الأونروا ومراكز التوزيع حيث نخزن المواد الغذائية والإمدادات الأخرى التي بدأنا في تلقيها عبر مصر الأسبوع الماضي.

إن المزيد من الانهيار في النظام العام سيجعل من الصعب للغاية، إن لم يكن من المستحيل، على أكبر وكالة تابعة للأمم المتحدة في غزة الاستمرار في العمل. كما أنه سيجعل من المستحيل دخول القوافل.

أقول هذا وأنا أدرك تماما أن الأونروا هي شريان الحياة الأخير المتبقي للشعب الفلسطيني في غزة.

أعضاء المجلس الكرام،

الأونروا تدعوكم لتقديم الدعم لها.

لقد فقدت 64 من زملائي خلال ثلاثة أسابيع. كان آخر فقدان مأساوي منذ ساعتين فقط. لقد قتل سمير، مسؤول الأمن والسلامة في المنطقة الوسطى، مع زوجته وأطفاله الثمانية.

هذا هو أكبر عدد من عمال الإغاثة التابعين للأمم المتحدة الذين قتلوا في صراع في مثل هذا الوقت القصير.

زملائي البالغ عددهم 13،000 في غزة هم من مجتمع يضم 1.7 مليون لاجئ فلسطيني، من بين 2.2 مليون من سكان قطاع غزة.

أولئك الذين هم على قيد الحياة، فقدوا، في الغالب، أقاربهم وأصدقائهم وجيرانهم وشردوا مثل غالبية سكان غزة.

يعيش العديد من زملائي الآن وينامون ويعملون في ملاجئ الأونروا.

ومع ذلك، فإنهم يظهرون تفانيا استثنائيا لقيم الأمم المتحدة. لا توجد كلمات يمكن أن تنصف الآلاف من موظفي الأونروا الذين يواصلون العمل بلا كلل لدعم مجتمعهم.

هؤلاء هم معلمون وأطباء وأخصائيون اجتماعيون ومهندسون وموظفو دعم. هم أمهات وآباء. ولو لم يكونوا في غزة، لكان من الممكن أن يكونوا جيرانكم وأصدقائكم.

هؤلاء الموظفون يديرون 150 مأوى للأونروا.

وهم حريصون على إبقاء ثلث مراكزنا الصحية عاملة ويديرون 80 فريقا صحيا متنقلا.

وكذلك هم يدعمون دخول القوافل الإنسانية وتخزين المعونة وتوزيعها.

كما يوزعون القليل من الوقود المتبقي لنا على المستشفيات والمخابز والملاجئ.

إن زملائي في الأونروا هم بصيص الأمل الوحيد لقطاع غزة بأكمله، وهو شعاع من الضوء بينما تغرق البشرية في أحلك أوقاتها.

لكنهم يفتقدون الوقود والماء والغذاء والدواء ولن يتمكنوا قريبا من الاستمرار بالعمل. 

اسمحوا لي أن أكون واضحا – إن حفنة من القوافل التي يسمح لها بالمرور عبر معبر رفح لا شيء مقارنة باحتياجات أكثر من 2 مليون شخص محاصرين في غزة.

إن النظام القائم للسماح بدخول المساعدات إلى غزة محتوم بالفشل ما لم تكن هناك إرادة سياسية لجعل تدفق الإمدادات مجدي وبما يتناسب مع الاحتياجات الإنسانية غير المسبوقة.

السيد الرئيس،

يوجد في غزة أكثر من 2 مليون شخص، نصفهم من الأطفال.

سكان غزة أناس نابضون بالحياة ومتعلمون يطمحون إلى الحصول على حياة طبيعية، وعائلات، وأطفال، وتعليم، وأحلام بمستقبل أفضل.

واليوم، يشعر سكان غزة بأنهم لا يعاملون كالمدنيين الآخرين. يشعر معظمهم بأنهم محاصرون في حرب لا دخل لهم بها! إنهم يشعرون أن العالم يساوي بينهم وبين حماس.

هذا أمر خطير. ونحن نعرف ذلك جيدا من النزاعات والأزمات السابقة. 

يتم تجريد جميع السكان من الإنسانية.

إن الفظائع التي ارتكبتها حماس لا تعفي دولة إسرائيل من التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.

كل حرب لها قوانين، وهذه الحرب ليست استثناء.

قالت حنة آرنت: "إن موت التعاطف البشري هو أحد العلامات الأولى والأكثر كشفا لثقافة على وشك الوقوع في الهمجية."

والآن أكثر من أي وقت مضى، يستحق سكان غزة تعاطفنا.

إن غياب هذا التعاطف سيعمق الاستقطاب في المنطقة ويضعف أي احتمال للسلام.

السيد الرئيس،

وبينما ينصب الكثير من التركيز على غزة، أود أن أكرر أن أزمة أخرى تتكشف في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية.

لقد دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر منذ شهور بشأن العنف المتزايد.

إن ارقام الضحايا من الفلسطينيين هذا العام هي الأعلى منذ أن بدأت الأمم المتحدة بتدوين السجلات منذ عام 2005. قتل ما لا يقل عن 115 فلسطينيا منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، من بينهم 33 طفلا.

تؤثر القيود المفروضة على التنقل في جميع أنحاء الضفة الغربية على خدماتنا، بما في ذلك المدارس والمراكز الصحية.

وفي الوقت نفسه، يزداد الوضع سوءا على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، حيث يتم الإبلاغ عن تبادل منتظم لإطلاق النار وإصابات بين المدنيين.

في الختام،

إنني قلق للغاية بشأن احتمال امتداد هذا الصراع إلى ما وراء غزة ما لم يتم تنفيذ ما يلي:

أولا: يجب التقيد والامتثال الصارم بالقانون الإنساني الدولي.

وهذا يعني أنه يجب حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك مباني الأمم المتحدة والمدارس والمستشفيات وأماكن العبادة والملاجئ التي تستضيف المدنيين في جميع أنحاء قطاع غزة، في الشمال والجنوب، وفي جميع الأوقات.

هذا ليس خيارا؛ إنه التزام.

ثانيا: نحن بحاجة إلى تدفق آمن وكبير ومستمر للمساعدات الإنسانية، بما في ذلك الوقود، إلى قطاع غزة وعبره.

ولهذا نحن بحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية. 

ثالثا: لا تزال الأونروا بحاجة إلى أموال.

لدينا الوجود الضروري والأكبر على أرض الواقع، ويمكننا تقديم الخدمات إذا كان لدينا الوسائل والموارد، بما في ذلك الموارد المالية لدفع رواتب الموظفين على الخطوط الأمامية.

وتلقت الأونروا تبرعات سخية تلبية لندائها العاجل الأولي. ولكن بدون ميزانية أساسية ممولة بالكامل، لا يمكننا دفع الرواتب وتقديم الخدمات.

وأخيرا،

في هذه الأوقات المظلمة، يجب ألا نغفل عن إنسانيتنا.

يجب أن ينطبق تعاطفنا على الجميع. الفلسطينيون والإسرائيليون، اليهود، والمسيحيون، والمسلمون.

يجب اتباع قوانين الحرب من قبل جميع الأطراف، في جميع الأوقات، وفي جميع الأماكن. يجب حماية المدنيين، وإطلاق سراح الرهائن، وتسهيل الاستجابة الإنسانية الحقيقية.

 لقد أصبح وقف إطلاق النار الإنساني الفوري مسألة حياة أو موت للملايين. إن حاضر ومستقبل الفلسطينيين والإسرائيليين يعتمدان عليه.

أحث جميع الدول الأعضاء على تغيير مسار هذه الأزمة والعمل على التوصل إلى حل سياسي حقيقي.

قبل فوات الأوان، شكرا لكم.

لا تتوفر نتائج حالياً