خبر : كلمة المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة

الأحد 05 نوفمبر 2023 11:05 ص بتوقيت القدس المحتلة

كلمة المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة
دائرة شؤون اللاجئين -5/11/2023- كلمة استهلالية من غريتا غونارسدوتير، مديرة المكتب التمثيلي للأونروا في نيويورك

السيدة الرئيسة،

المندوبون الموقرون،

إنه لشرف لي أن أقدم لكم، نيابة عن المفوض العام للأونروا، تقريره السنوي عن أعمال الوكالة.

يشارك المفوض العام حاليا بشكل كامل في استجابة الأونروا للكارثة الإنسانية في غزة ويعبر عن أسفه لعدم تمكنه من مخاطبتكم شخصيا اليوم.

أنتقل الآن إلى كلمة المفوض العام.

           

كلمة المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني

السيدة الرئيسة،

المندوبون الموقرون،

تأتي هذه الدورة للجنة الرابعة في وقت تتجه فيه أنظار العالم إلى إسرائيل وفلسطين.

وكما قلت لمجلس الأمن الدولي يوم الاثنين:

"كانت الأسابيع الثلاثة الماضية مروعة. تقريبا جميع الناس في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة والمنطقة ككل بات في حالة حداد.

إن الهجمات المروعة التي شنتها حماس في إسرائيل بتاريخ 7 تشرين الأول / أكتوبر كانت صادمة. 

إن القصف المتواصل الذي تشنه القوات الإسرائيلية على قطاع غزة أمر مروع."

دخلت إلى غزة قبل يومين للمرة الأولى منذ بدء هذا النزاع.

كان اليوم الذي قضيته مع فريق الأونروا على الأرض من أكثر الأيام حزنا في مسيرتي الإنسانية التي استمرت 30 عاما.

زرت مدرسة تستضيف آلاف النازحين. كان المكان مكتظا. كان مستوى الضيق والظروف المعيشية غير الصحية لا تحتمل ولا تطاق. كان الجميع يطلبون الماء والطعام. بدلا من التواجد في المدرسة للتعلم، كان الأطفال يطلبون رشفة من الماء ورغيف خبز. لقد كان شيئا مفجعا وحزينا.

المدرسة التي زرتها تضررت من القصف. قتل شخص واحد وأصيب 80. بالأمس، تعرضت أربع مدارس في غزة، تؤوي ما يقرب من 20,000 نازح، للإصابة خلال عمليات القصف التي أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 23، وإصابة ما لا يقل عن 35.

ومنذ بداية الحرب، تأثر ما يقرب من 50 مبنى وأصول تابعة للأونروا، وأصيب بعضها بشكل مباشر.

انتقلت عائلات بأكملها إلى ملاجئنا على أمل أن تكون آمنة، في مبنى للأمم المتحدة، تحت علم الأمم المتحدة.

وفي تبادلي للأحاديث مع العاملين في غزة، أفادوا بأن الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية، آخذة في الانهيار. وبدأت تنفد مخزونات الوقود، والدواء، والغذاء، والماء.

إن حرمان مجموعة كاملة من السكان من العناصر الأساسية للبقاء هو عقاب جماعي. إنه انتهاك للقانون الإنساني الدولي.

بدأت شوارع غزة تفيض بمياه الصرف الصحي، مما سيتسبب في مخاطر صحية هائلة في وقت قريب جدا.

ويؤدي انقطاع الاتصالات المتكرر إلى تفاقم الذعر والضيق بين المدنيين.

السيدة الرئيسة،

لقد فقدنا 72 من زملائنا في الأونروا خلال أقل من شهر.

وهو أكبر عدد من العاملين في مجال الإغاثة الذين قتلوا في صراع في مثل هذا الوقت القصير في تاريخ الأمم المتحدة.

مثل معظم سكان غزة، فقد موظفونا أقاربهم، وأصدقائهم، وجيرانهم، وهم أنفسهم مشردون مع عائلاتهم.

ومع ذلك، يحضر ما لا يقل عن 5000 من زملائي في الأونروا في غزة يوميا للعمل وإدارة 150 مأوى للأونروا. إنهم يبقون ثلث مراكزنا الصحية مفتوحة ويديرون 80 فريقا صحيا متنقلا.

وكذلك يدعمون دخول القوافل الإنسانية وتخزين المعونة وتوزيعها.

كما يوزعون القليل من الوقود المتبقي لنا على المستشفيات والمخابز والملاجئ.

زملائي في الأونروا هم بصيص أمل لقطاع غزة بأكمله، بصيص نور بينما تغرق البشرية في الظلام.

لكنهم لن يتمكنوا قريبا من العمل إذا لم نتصرف بشكل حاسم الآن.

اسمحوا لي أن أكون واضحا – إن السماح بدخول حفنة من القوافل عبر معبر رفح لا يشكل عملية إنسانية ذات مغزى ومجدية، كما أنها لا تتناسب مع التحركات المكوكية السياسية والدبلوماسية المكثفة التي تجري.

كيف يتم فرض حصار شبه كامل لمدة أسبوعين، ثم رفعه قليلا للسماح بتدفق شحيح للمساعدات، وعدم السماح بدخول الوقود؟

إن النظام القائم للسماح بدخول المساعدات إلى غزة محتوم بالفشل ما لم تكن هناك إرادة سياسية لجعل تدفق الإمدادات مجدي، بما يتناسب مع نطاق وحجم احتياجات أكثر من مليوني شخص.

ومن واجبي أن أوجه انتباه هذه الجمعية إلى أن الجوع واليأس والشعور بالتخلي يتحولان إلى غضب ضد المجتمع الدولي. ولا يستطيع سكان غزة أن يفهموا كيف يمكن للعالم أن يشاهد هذه المأساة تتكشف دون حماية المدنيين ومساعدتهم.

أخشى أن يتحول غضبهم قريبا نحو الأمم المتحدة والأونروا. في غزة، يُعرف المجتمع الدولي باسم الأونروا.

يحذر زملائي في غزة من انهيار النظام العام-لقد رأينا بداية ذلك عندما اقتحم عشرات الأشخاص مستودعات الأمم المتحدة في اليوم الذي شهد الانقطاع التام للاتصالات.

ونتوقع المزيد من هذه الحوادث إذا لم ترق الأمم المتحدة إلى مستوى توقعات الناس بأنها ستحميهم وتساعدهم. إن انهيار النظام العام سيجعل من الصعب للغاية، إن لم يكن من المستحيل، بالنسبة لنا مواصلة العمل. كما أنه سيجعل من المستحيل جلب وإدخال القوافل.

أقول هذا وأنا أدرك تماما أن الأونروا هي شريان الحياة الأخير للشعب الفلسطيني في غزة.

السيدة الرئيسة،

هناك مشكلة تتشكل خارج حدود قطاع غزة.

تعاني الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، من التوترات، حيث وصل العنف إلى مستويات غير مسبوقة لم نشهدها في السنوات الـ 15 الماضية.

أدت الهجمات المتزايدة للمستوطنين والقيود المفروضة على الحركة إلى نزوح أكثر من 800 شخص في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر / تشرين الأول. 

ويقوم الجيش الإسرائيلي بعمليات توغل يومية في مخيمات اللاجئين.

وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فإن العدد الإجمالي للفلسطينيين الذين قتلوا على أيدي القوات الإسرائيلية أو المستوطنين منذ 7 أكتوبر هو 123، بما في ذلك 34 طفلا.

تتحول مظاهرات الشوارع إلى عنف متزايد.

إن القيود المفروضة على التنقل عبر الأراضي المحتلة تقوض بشدة قدرة الأونروا على تقديم الخدمات.

وعلى طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، تم الإبلاغ عن اشتباكات منتظمة وخسائر في صفوف المدنيين. 

الوضع داخل العديد من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يغلي منذ سنوات.

تسبب النزاع الأخير بين الفصائل الفلسطينية في مخيم عين الحلوة للاجئين في نزوح 4,000 شخص وجعل مدارس الأونروا، التي توفر التعليم لنحو 6,000 طفل، غير صالحة للاستخدام.

جاء ذلك في سياق المصاعب الاقتصادية التي لم يسبق لها مثيل للاجئين الفلسطينيين، الذين ليس لديهم أي آفاق اقتصادية في البلاد.

هناك مثال واضح من عملياتنا يجسد اليأس بشكل جيد: في يوليو، أعلنت الأونروا عن 13 وظيفة شاغرة لوظائف عمال البيئة الصحية.

تلقينا ما لا يقل عن 37,000 طلب، بما في ذلك من اللاجئين الحاصلين على شهادات جامعية.

وهذا يدل على ضآلة الفرص المتاحة للاجئي فلسطين ليعيشوا حياة كريمة ويحصلوا على الفرص.

أما في سوريا،

يواجه اللاجئون الفلسطينيون كارثة تلو الأخرى.

لقد تحملوا الحرب الأهلية، والأزمات الاقتصادية، والزلزال المدمر، وهم الآن معرضون للمزيد من حالة عدم الاستقرار مع تزايد عدد التقارير عن الضربات على مواقع الجهات الفاعلة المختلفة على الأراضي السورية مع زيادة التوترات في المنطقة.

أما في الأردن،

تجري احتجاجات واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد تضامنا مع سكان غزة.

تحدث هذه الاحتجاجات على خلفية ارتفاع معدلات الفقر والبطالة. وهذا له أكبر الأثر على الفئات الأكثر ضعفا - اللاجئون الفلسطينيون من سوريا وأولئك الذين جاءوا من غزة في عام 1967.

المندوبون الموقرون،

يجب أن نتفق فورا على تدابير عاجلة للتصدي لما ورد وبشكل جماعي. 

أولا، يجب التقيد الصارم بالقانون الإنساني الدولي. يجب حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية بما في ذلك المرافق الإنسانية ومرافق الأمم المتحدة، وخاصة تلك التي تؤوي المدنيين، أينما كانوا، في الشمال والجنوب. ويجب إطلاق سراح الرهائن.

ثانيا، نحن بحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار لأغراض إنسانية، وينبغي أن يكون تدفق المعونة الإنسانية، بما في ذلك الوقود، آمنا، وبدون عوائق، ومجديا، ومستمرا. وينبغي أن تصل المعونة إلى جميع الناس في جميع أنحاء غزة.

ثالثا، لكي تقود الأونروا الاستجابة الإنسانية في غزة، نحتاج إلى موارد مالية كافية.

تلقت الأونروا تبرعات سخية تلبية لندائها العاجل الأولي.

ولكن بدون ميزانية أساسية ممولة بالكامل-العمود الفقري للوكالة - لن نتمكن من دفع رواتب موظفينا، بما في ذلك العاملين في غزة، هذا الشهر وكذلك الشهر القادم.

مع العنف المقلق في الضفة الغربية، والنزاع الذي طال أمده في سوريا، والاستقرار الهش في الأردن، والانهيار القريب في لبنان، حان الوقت للوقوف بحزم مع الأونروا، واحدة من أكثر الكيانات استقرارا في منطقة غير مستقرة.

على مدى السنوات الـ 10 إلى الـ 15 الماضية، شهدنا تخفيض أولوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي من سلم أولويات المجتمع الدولي.

وقد أدى الركود السياسي إلى نقص مزمن في تمويل الأونروا.

في 6 أكتوبر، كانت الوكالة ضعيفة بالفعل لدرجة أنها كانت تتجه نحو الانهيار المالي.

ومع ذلك، منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر، أثبتت الأونروا نفسها كصوت دولي أكثر قوة وموثوقية حول التطورات المأساوية في غزة. ويعود الفضل في ذلك في المقام الأول إلى موظفي الأونروا الذين يواصلون العمل وتقديم التقارير إلينا.

سعت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ووسائل الإعلام، والمحللون السياسيون جميعا إلى الحصول على آراء الأونروا وأرقامها ومشورتها المتعلقة بالسياسات.

وقد أدركوا جميعا أن الأونروا، بفضل أثرها الضخم على المجتمع المحلي، تشكل دعامة لاستقرار المدنيين في غزة، إذا تمكنت من لعب دورها الإنساني بشكل فعال.

ولكن لكي تلعب الأونروا دورها في تحقيق الاستقرار في غزة وخارجها، فإنها تحتاج إلى نموذج مستدام. 

على مدار العامين الماضيين، طُرِحت العديد من الحلول، لكن لم يكن أي منها سيؤدي لتغيير مجريات الأمور التي يحتاجها اللاجئون الفلسطينيون، والدول المضيفة، والمنطقة.

والآن أكثر من أي وقت مضى، أحث الدول الأعضاء بقوة على أن تتقدم وتتحلى بالجرأة وأن تجد حلولا ملموسة لضمان أن تظل الأونروا المستقرة والقابلة للتنبؤ أكبر رصيد للمجتمع الدولي في المنطقة.

السيدة الرئيسة،

في الختام،

بالنظر إلى المستقبل القريب، يجب على المرء أن يعترف بأنه لا توجد عودة إلى الوضع الراهن قبل الحرب والذي غذى الكارثة الحالية.

إن الوضع الراهن لأكبر سجن في الهواء الطلق، لأكثر من مليوني شخص تحت الحصار الجوي والبحري والبري لمدة 16 عاما، لا يمكن تقبله.

الإسرائيليون والفلسطينيون جيران وذي مصائر متشابكة. سيتعين عليهم إيجاد طريقة للتعايش، والإجراءات التي تتخذ اليوم ضد السكان المدنيين في غزة لن تؤدي إلا إلى تسميم ذلك المستقبل المشترك.

لقد أصبح الحل السياسي مسألة حياة أو موت بالنسبة لملايين الناس ويجب أن يعاد إلى الطاولة بحزم.

إن وجود احتمال حقيقي لإقامة دولة فلسطينية وأمن لجميع الناس أمر بالغ الأهمية لتحقيق الاستقرار في الوضع الحالي والتراجع عن حافة الهاوية، قبل فوات الأوان.

وإنني أحث جميع الدول الأعضاء على تغيير مسار هذه الأزمة، وبمساعدتكم، فإن الأونروا مستعدة للقيام بدورها.

شكرا لكم جميعا.

لا تتوفر نتائج حالياً