خبر : تصريحات المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني خلال المؤتمر الصحفي في جنيف

الأحد 17 ديسمبر 2023 09:34 ص بتوقيت القدس المحتلة

تصريحات المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني خلال المؤتمر الصحفي في جنيف
دائرة شؤون اللاجئين -17/12/2023- مساء الخير وشكرا لوجودكم هنا.

لقد وصلت إلى جنيف مساء الثلاثاء قادما مباشرة من غزة.

كانت تلك زيارتي الثالثة منذ بدء الحرب. اليوم نحن نقترب من اليوم السبعين لهذه الحرب، وفي كل مرة أعود فيها، أعتقد بأنها لا يمكن أن تزداد سوءا.

لكنني في كل مرة أشهد المزيد من البؤس والحزن والأسى وأشعر أن غزة لم تعد حقا مكانا صالحا للسكن.

في هذه الزيارة مكثت في رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، بالقرب من الحدود مع مصر.

لقد أصبحت رفح الآن مركز النزوح لسكان غزة. إنها المكان الذي فر إليه أكثر من مليون شخص إلى المحافظة، ومعظمهم تنقلوا أكثر من مرة منذ بداية الحرب.

لقد تضاعف عدد سكان رفح أربع مرات بين عشية وضحاها.

وهي تقليديا مكان كان يعيش فيه أشد الناس فقرا في قطاع غزة، ويفتقر إلى البنية التحتية والأساسيات. وأنا أقول هذا، لأنه ليس المكان المناسب لاستضافة أكثر من مليون شخص، وبالتأكيد ليس استضافة قطاع غزة بأكمله.

يتم دفع الناس الآن إلى هذه المنطقة، التي لا تمثل من حيث المساحة، أكثر من ربع مساحة قطاع غزة.

إن أحد مستودعات الأونروا التي تحولت إلى ملجأ قد أصبحت الآن مسكنا لأكثر من 30,000 شخص. لقد هذا هو المكان الذي زرته، حيث تعيش العائلات في مساحات صغيرة لا يفصلها سوى البطانيات أو الأغطية البلاستيكية منذ بداية الحرب. لكن ما تغير مقارنة بزيارتي الأخيرة، هو أنه بينما كان لدينا في السابق ملاجئ مكتظة، فإن أكثر من مليون شخص يعيشون الآن في مباني الأمم المتحدة، وعندما زرت هذا المستودع، كان لدينا عشرات الآلاف من الأشخاص في الخارج. وذلك في الواقع امتداد للاكتظاظ الذي يحدث في المستودع.

إن المحظوظين هم أولئك الذين لديهم مكان داخل مرافقنا، خاصة الآن بعد أن بدأ الشتاء. لكن الآخرين ليس لديهم مكان يذهبون إليه على الإطلاق، إنهم يعيشون في العراء، في البرد، في الوحل وتحت المطر.

إن كل مكان تنظر إليه مزدحم بملاجئ مؤقتة. وفي كل مكان تذهب إليه، يكون الناس يائسين وجائعين ومرعوبين.

الناس – وهذا أيضا شيء جديد تماما – يوقفون شاحنات المساعدات، ويأخذون الطعام، ويأكلونه على الفور. إن هذا هو مدى يأسهم وجوعهم. لقد شاهدت هذا بأم عيني. فقط لإعادة الشرح، لأنه من الصعب فهمه، بسبب ضخامة الاحتياجات، وبسبب المساعدات القليلة التي تتدفق إلى غزة. لقد أصبح من الصعب أكثر فأكثر الوصول إلى ملاجئنا، المكتظة، لأنه يوجد في الخارج عشرات الآلاف من الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة لنفس نوعية الاحتياجات. كما أنهم يحتاجون إلى الإمداد والمساعدة.

إن هذا لا علاقة له بتحويل المساعدات. بل إن هذا له علاقة باليأس التام الذي يعبر عنه الناس في قطاع غزة.

الجوع شيء لم يعرفه الناس في غزة من قبل. لكن الجوع ظهر الآن خلال الأسابيع القليلة الماضية ونحن نلتقي بالمزيد والمزيد من الأشخاص الذين لم يأكلوا لمدة يوم أو يومين أو ثلاثة أيام. وهذا هو السبب في أننا نرى الناس يوقفون الشاحنات في بعض الأحيان، ويقومون بتفريغها وتناول الطعام في موقعها.

والآن، اسمحوا لي أن أقول بضع كلمات عن السلامة في غزة. حتى هذا اليوم، هنالك 135 موظفا من موظفي الأونروا قتلوا منذ بداية الحرب.

وقد سمعتموني أقول عدة مرات: لم يسلم أي مكان، ولا حتى الأماكن التي ينبغي عادة أن تحميها قوانين الحرب.

لقد شعرت بالرعب الشديد بالأمس عندما رأيت شريط فيديو متداولا لمدرسة تابعة للأونروا يتم تفجيرها في شمال غزة.

إن المدارس والمرافق الطبية ومرافق الأمم المتحدة ليست ولا ينبغي أبدا أن تكون هدفا. لسوء الحظ، في غزة، أصبحت في كثير من الأحيان كذلك.

لقد سجلنا، منذ بداية الحرب، عندما يتعلق الأمر بمباني الأمم المتحدة (الأونروا) حوالي 150 حالة تعرضت فيها مبانينا للقصف بشكل مباشر أو غير مباشر. وقد أدى ذلك إلى مقتل أكثر من 270 شخصا وإصابة أكثر من 1,000 آخرين.

لم يكن أمام بعض الناجين في تلك الأماكن خيار سوى البقاء في هذه الملاجئ، على الرغم من حقيقة أنهم تعرضوا للقصف. لماذا؟ فقط لأنه، مرة أخرى، لا يوجد مكان يذهبون إليه على الإطلاق في قطاع غزة. واسمحوا لي أيضا أن أقوم بالتذكير، فيما يتعلق بالأمم المتحدة، بأننا نواصل مشاركة إحداثيات جميع مواقعنا مع جميع أطراف النزاع. الجيش الإسرائيلي وحكومة الأمر الواقع في غزة على حد سواء.

والآن، اسمحوا لي أيضا أن أسلط الضوء على أن الناس في غزة يعتقدون أن حياتهم ليست متساوية مع حياة الآخرين، ولديهم شعور بأن حقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي لا تنطبق عليهم في الواقع.

هنالك شعور وإحساس عميق وعميق بالخيانة. وهناك شعور بأن المجتمع الدولي قد تخلى عن الناس.

في الواقع، مثل أي شخص آخر، يتوق الناس في غزة إلى الأمان والاستقرار. إنهم يتوقون فقط للحياة، وهم يريدون فقط أن يعيشوا حياة طبيعية، لكنهم بعيدون جدا الآن عن هذه الحياة الطبيعية.

ما لا يزال يصدمني هو المستويات المتزايدة باستمرار من التجريد من الإنسانية، والافتقار إلى التعاطف والإنسانية. ومن حقيقة أن الناس يمكن أن يضحكوا ويهتفوا ويسخروا من أي نوع من الأخطاء التي نلاحظها في هذه الحرب.

في حين أن ما يحدث في غزة يجب أن يثير غضب أي شخص، وينبغي أن يجعلنا جميعا نعيد التفكير في قيمنا.

أعتقد أن هذه أيضا لحظة نجاح أو انهيار لنا جميعا ولإنسانيتنا المشتركة.

بما أننا هنا معكم يا أعضاء وسائل الإعلام. اسمحوا لي أن أشكركم وزملائكم في المنطقة وخارجها على تغطية ما يمر به سكان غزة. ولكن ليس فقط سكان غزة، بل أي شخص في المنطقة، لأنه يؤثر بالفعل على أي شخص في المنطقة وخارجها.

كما تعلمون جميعا، يتم خوض هذه الحرب أيضا على شاشات التلفزيون وعبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، إنها أيضا حرب إعلامية.

إنني أشعر بالرعب من حملات التشهير التي تستهدف الفلسطينيين وأولئك الذين يقدمون المساعدة لهم.

وفي هذا الصدد، فإنني أطلب منكم مساعدتنا في التصدي للمعلومات الخاطئة وعدم الدقة. أعلم أن بعضكم يتحقق باستمرار عن الحقيقة، إن التحقق من الحقيقة أمر أساسي إذا ما أردنا معلومات دقيقة.

فقط تأكدوا دائما من التحقق من الاتهامات المتكررة، والمبتذلة أحيانا، وفضحها. وبصفتي المفوض العام للأونروا، فقد اختبرت هذا الأمر أكثر من مرة لأن وكالتنا هي أيضا أحد الأهداف في هذه الحرب.

وقبل أن أختتم كلمتي، اسمحوا لي أن أشارككم آخر المستجدات حول الوضع في الضفة الغربية حيث نسجل - ويجب ألا ننسى - أعلى مستويات العنف منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، منذ الانتفاضة الثانية، مع ارتفاع قياسي في عدد القتلى والجرحى والاعتقالات. وبشكل أساسي، لا يوجد يوم واحد دون أن يحدث توغل، أو عملية أمنية، تؤدي إلى قتل الفلسطينيين.

إن الخوف بين السكان في الضفة الغربية آخذ في الازدياد، وقد بدأنا نلاحظ بعض حالات النزوح للفلسطينيين.

كما ينتشر عنف المستوطنين بشكل كبير ومتزايد، ويشمل ذلك استخدام الأسلحة النارية. ونعلم جميعا أن الكثير من الأسلحة قد وزعت الآن في الضفة الغربية.

ولكن أيضا، وهنا لدينا عاصفة كاملة في طور التكوين اقتصاديا وماليا. وهذا يشمل نقص فرص العمل في إسرائيل، وتوقف عرب إسرائيل عن التسوق في الضفة الغربية، ولم تعد هناك حركة من مدينة إلى أخرى، وتواجه السلطة الفلسطينية صعوبات في دفع الرواتب. إنها من الناحية الاقتصادية عاصفة مثالية في طور التكوين في الضفة الغربية.

واسمحوا لي أن أختتم بالمطالب الثلاثة التي شاركتها بالأمس عندما خاطبت المنتدى العالمي للاجئين:

أولا: وقف إنساني لإطلاق النار. وإنني أرحب بالقرار، بدعم من 153 دولة عضو في الأمم المتحدة في الجمعية العامة. لقد حان الوقت الآن لترجمة هذه الدعوة إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية إلى واقع.

ثانيا: يجب رفع الحصار عن غزة، وما نحتاجه اليوم ليس مجرد 100 شاحنة، أو 200 شاحنة. إننا بحاجة إلى تدفق هادف وعلى نطاق واسع وغير منقطع وغير مشروط للسلع الأساسية إلى قطاع غزة. هذه هي الطريقة الوحيدة لعكس التأثير السلبي للحصار.

ونحن، بصفتنا عاملين في المجال الإنساني وحدنا، لن ننجح في تغطية جميع احتياجات السكان اليائسين إذا لم تكن المعابر مفتوحة بشكل صحيح وإذا لم يعد القطاع التجاري إلى غزة بشكل صحيح. لقد حرموا من سبل الوصول الآن طوال 70 يوما.

وأخيرا، علينا أن نتأكد، وأنا أعلم أننا قلناها منذ اليوم الأول، وأعلم أنها دعوة لنا جميعا، ولكن لا يزال ينبغي أن يكون للقانون الإنساني الدولي معنى. يجب أن يكون له معنى في سياق غزة، ولا يمكن إعادة تفسيره فقط "حسب الطلب". إن هذه الحرب لها أيضا قواعد، وقد حان الوقت لتطبيق هذه القواعد بشكل صحيح.

في الختام، في المعاناة لا توجد منافسة على الإطلاق.

وإنني أعتقد أنه في نهاية المطاف في هذه الحرب لن يكون هناك فائزون.

كلما طالت هذه الحرب، كلما كانت الخسارة أكبر، ولكن أبعد من ذلك، كلما تعمق الحزن. لذلك أعتقد، كما يفعل العديد من زملائي، أنه لا يوجد بديل على الإطلاق لعملية سياسية سليمة وحقيقية لإنهاء أطول صراع لم يتم حله في العالم مرة واحدة وإلى الأبد. خمسة وسبعون عاما دون حل، لم تكن أولوية على مدى العقد الماضي. لقد حان الوقت لأن تصبح هذه أولوية مناسبة.

وفي النهاية، يستحق الإسرائيليون والفلسطينيون إقامة الدولة والسلام والاستقرار. السلام والاستقرار، هذا ما تستحقه المنطقة أيضا.

لا تتوفر نتائج حالياً