خبر : كلمة المفوض العام للأونروا أمام مجلس الأمن

الخميس 18 أبريل 2024 08:48 ص بتوقيت القدس المحتلة

كلمة المفوض العام للأونروا أمام مجلس الأمن
دائرة شؤون اللاجئين -18/4/2024- 
 

السيد الرئيس،

السادة أعضاء المجلس الكرام،

يشهد الوقت الحاضر تغييرات مزلزلة في منطقة الشرق الأوسط.

وفي قلب هذه المنطقة، تمثل وكالة الأمم المتحدة للاجئي فلسطين (الأونروا) قوة استقرار.

في غزة، تشكل الوكالة العمود الفقري للعملية الإنسانية، حيث تقوم بتنسيق وتقديم المساعدات المنقذة للحياة.

وخارج غزة، دافعت الوكالة لعقود طويلة عن التنمية البشرية للاجئي فلسطين في كافة أنحاء المنطقة.

واليوم، تجري حملة خبيثة لإنهاء عمليات الأونروا، مع ما يترتب على ذلك من آثار خطيرة على السلام والأمن الدوليين.

وهذا هو السياق الذي يُطلب فيه من مجلس الأمن النظر في التحديات الوجودية التي تواجه الوكالة.

 

السيد الرئيس،

لقد أدت ستة أشهر من القصف المتواصل والحصار القاسي إلى تحويل غزة لدرجة لا يمكن التعرف عليها.

تم تحويل المنازل والمدارس والمستشفيات إلى أنقاض، ولا يزال الآلاف من الناس تحتها.

يتحمل الأطفال وطأة هذه الحرب.

لقد أصبح أكثر من 17,000 شخص منفصلين عن عائلاتهم، وتُركوا ليواجهوا أهوال غزة وحدهم.

يقتل الأطفال، ويصابون، ويتضورون جوعا، كما ويحرمون من أي أمان جسدي أو نفسي.

وعبر قطاع غزة، هناك مجاعة من صنع الإنسان تشتد وطأتها على السكان.

في شمال القطاع، بدأ الرضع والأطفال الصغار يموتون بسبب سوء التغذية والجفاف.

وعلى الجانب الآخر من الحدود تقبع المساعدات الغذائية والمياه النظيفة في الانتظار.

لكن الأونروا مُنعت من تقديم هذه المساعدات ومن إنقاذ الأرواح.

يحدث هذا الانتهاك على الرغم من الأوامر المتتالية التي أصدرتها محكمة العدل الدولية بزيادة تدفق المساعدات إلى غزة ـ وهو ما يمكن القيام به إذا توفرت الإرادة السياسية الكافية.

أنتم تتحلون بالقدرة على إحداث الفرق.

 

أعضاء المجلس الكرام،

تحظى ولاية الأونروا بدعم الأغلبية الساحقة من الدول الأعضاء.

ومع ذلك، فإن الوكالة تتعرض لضغوط هائلة.

فهي تواجه حملة لإخراجها من الأرض الفلسطينية المحتلة.

وفي غزة، تسعى حكومة إسرائيل إلى إنهاء أنشطة الأونروا.

ويتم رفض طلبات الوكالة لإيصال المساعدات إلى الشمال بشكل متكرر.

ويُمنع موظفونا من حضور اجتماعات التنسيق بين إسرائيل والجهات الفاعلة في المجال الإنساني.

والأسوأ من ذلك هو أن مباني الأونروا وموظفيها قد تم استهدافهم منذ بداية الحرب.

حيث قُتل 178 من موظفات وموظفي الأونروا.

وتعرض أكثر من 160 مبنى للأونروا، يستخدم معظمها كمراكز إيواء، للأضرار أو للتدمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص.

وقد تم استخدام المباني التي أخلتها الوكالة لأغراض عسكرية من قبل القوات الإسرائيلية، وحركة حماس، والجماعات الفلسطينية المسلحة الأخرى.

لقد تم احتلال مقر رئاسة الوكالة عسكريا، وظهرت مزاعم عن وجود أنفاق تحت مرافقنا.

وروى موظفو الأونروا الذين اعتقلتهم قوات الأمن الإسرائيلية روايات مروعة عن سوء المعاملة والتعذيب أثناء الاحتجاز.

 

السيد الرئيس،

نطالب بإجراء تحقيق مستقل واحقاق المساءلة عن التجاهل الصارخ للوضع المحمي بموجب القانون الدولي للعاملين في المجال الإنساني، والعمليات، والمرافق.

إن عدم القيام ذلك من شأنه أن يشكل سابقة خطيرة ويعرض العمل الإنساني في جميع أنحاء العالم للخطر.

 

أعضاء المجلس الكرام،

أن الوضع في الضفة الغربية المحتلة هو أيضا مثير للقلق الشديد.

فالهجمات اليومية التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون، والتوغلات العسكرية، وتدمير المنازل والبنية التحتية المدنية، تشكل جزءاً من نظام مجهز بشكل جيد للفصل والقمع.

كما أن الحيز التشغيلي للأونروا آخذ في التقلص، مع التدابير التعسفية التي تفرضها إسرائيل لتقييد وجود الموظفين وتنقلهم.

وكذلك أصبح من الصعب بشكل متزايد إبقاء مدارسنا ومراكزنا الصحية مفتوحة ومتاحة.

وتجري حالياً إجراءات تشريعية وإدارية لطرد الأونروا من مقرها في القدس الشرقية وحظر نشاطها على الأراضي الإسرائيلية.

 

السيد الرئيس،

في خضم هذه التحديات، برزت في شهر كانون الثاني/يناير ادعاءات خطيرة ضد أفراد من موظفي الأونروا في غزة.

وقد شعرت بالفزع من هذه الادعاءات وقمت على الفور بإنهاء خدمات الموظفين المعنيين.

وأصدر الأمين العام أوامره بإجراء تحقيق من خلال مكتب خدمات الرقابة الداخلية.

وبالتوازي مع ذلك، تقوم مجموعة مراجعة مستقلة بتقييم كيفية التزام الأونروا بالحياد - وهو مبدأ أساسي يوجه عملنا.

وعلى الرغم من هذه الإجراءات السريعة والحاسمة، فلا يزال قدر كبير من التمويل من الجهات المانحة معلقا.

وهذا له آثار تشغيلية خطيرة ويقوض الاستدامة المالية للوكالة.

تأكدوا من أننا لا نزال ملتزمين بشدة بتنفيذ توصيات لجنة المراجعة وتعزيز الضمانات والتدابير الحالية ضد انتهاكات الحياد.

 

أعضاء المجلس الكرام،

كما أبلغت الجمعية العامة في شهر مارس/آذار، فإن الدعوات المطالبة بإغلاق الأونروا لا تتعلق بالالتزام بالمبادئ الإنسانية.

تهدف هذه الدعوات إلى إنهاء وضع اللاجئين لملايين الفلسطينيين.

كما تسعى إلى تغيير المعايير السياسية القائمة منذ فترة طويلة للسلام في الأرض الفلسطينية المحتلة والتي حددتها قرارات الجمعية العامة وهذا المجلس.

إن الاتهامات بأن الأونروا تتعمد إدامة وضع اللاجئ هي اتهامات كاذبة وغير صادقة.

فالوكالة موجودة لأن الحل السياسي غير موجود.

وهي موجودة عوضاً عن دولة يمكنها تقديم الخدمات العامة الحيوية.

لقد حاول المجتمع الدولي منذ فترة طويلة احتواء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، بدلاً من حله.

وفي كل مرة يحدث فيها تصعيد يتم اللجوء للتأييد الشفوي لحل الدولتين في الوقت الذي تفقد فيه الأرواح والأمل.

لقد تم إنشاء الأونروا قبل 75 عاما كوكالة مؤقتة.

وهو إجراء مؤقت، في انتظار التوصل إلى حل سياسي لقضية فلسطين.

إذا التزم المجتمع الدولي حقا بالتوصل إلى حل سياسي، فمن الممكن للأونروا استعادة طبيعتها المؤقتة من خلال دعم عملية انتقالية محددة زمنيا، وتقديم التعليم والرعاية الصحية الأولية والدعم الاجتماعي.

ويمكنها القيام بذلك إلى أن تتولى إدارة فلسطينية هذه الخدمات، وتستوعب الموظفين الفلسطينيين في الأونروا كموظفين مدنيين.

 

السيد الرئيس،

سيكون لتفكيك الأونروا تداعيات دائمة.

فعلى المدى القصير، سيؤدي ذلك إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة وتسريع ظهور المجاعة.

وعلى المدى الطويل، ستتعرض للخطر عملية الانتقال من مرحلة وقف إطلاق النار إلى "اليوم التالي" من خلال حرمان السكان المصابين بصدمات نفسية من الخدمات الأساسية.

فهذا سيجعل من المستحيل تقريباً تنفيذ المهمة الهائلة المتمثلة في إعادة نصف مليون فتاة وفتى يعانون من الضيق الشديد إلى عملية التعلم.

إن الفشل في توفير التعليم سوف يحكم على جيل كامل باليأس، مما يؤدي إلى تأجيج الغضب والاستياء ودورات العنف إلى ما لا نهاية.

ولا يمكن أن ينجح الحل السياسي في مثل هذا السيناريو.

 

أعضاء المجلس الكرام،

اسمحوا لي أن أختتم كلمتي بثلاثة نداءات:

أولا: إنني أدعو أعضاء المجلس إلى العمل وفقا لقرار الجمعية العامة رقم 302 وحماية الدور الحاسم للأونروا حاليا وفي إطار المرحلة الانتقالية.

فلطالما كانت الأونروا راعية لحقوق لاجئي فلسطين.

ولا يمكنها أن تتخلى عن دورها المركزي في تقديم الخدمات الحيوية وحماية حقوق الإنسان إلا عندما يتم التوصل إلى حل سياسي.

وحتى ذلك الحين، يجب أن يكون الدعم السياسي من الدول الأعضاء مصحوبا بالتمويل.

ثانيا: أحث أعضاء المجلس على الالتزام بعملية سياسية حقيقية تتوج بحل يمكن أن يحقق السلام للفلسطينيين والإسرائيليين.

ويجب أن تدعم هذه العملية حقوق لاجئي فلسطين وتطلعهم إلى حل عادل ودائم لمحنتهم.

ثالثا: يتعين علينا أن نعترف بأن العملية السياسية وحدها لن تضمن السلام المستدام.

فلا يمكن التئام الجروح العميقة في هذه المنطقة دون تنمية التعاطف ورفض التجريد من الإنسانية المتفشي، سواء في الخطاب السياسي أو في إساءة استخدام التقنيات الجديدة في الحرب.

ويتعين علينا أن نرفض الاختيار بين التعاطف مع الفلسطينيين أو الإسرائيليين؛ أو إظهار التعاطف مع سكان غزة أو مع الرهائن الإسرائيليين وعائلاتهم.

وبدلاً من ذلك، يتعين علينا الإقرار بأن الفلسطينيين والإسرائيليين يتقاسمون تجربة طويلة وعميقة من الحزن والخسارة وينبغي علينا أن نعكس ذلك في أقوالنا وأفعالنا.

وأنهم يستحقون مستقبلاً سلميًا وآمنًا على قدم المساواة.

إنني أحثكم على المساعدة في تحقيق هذا المستقبل من خلال العمل المتعدد الأطراف القائم على المبادئ والالتزام الحقيقي بالسلام.

شكرا لكم جميعا.

لا تتوفر نتائج حالياً