خبر : كلمة السيد فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، في الدورة 162 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري

الأربعاء 11 سبتمبر 2024 09:59 ص بتوقيت القدس المحتلة

كلمة السيد فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، في الدورة 162 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري
دائرة شؤون اللاجئين -11/9/2024- معالي السيد الرئيس،

معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية،

أصحاب السمو والمعالي والسعادة،

لقد كانت الأشهر الأحد عشر الماضية من الحرب مؤلمة وقاسية على الناس في غزة.

فقد تعرضوا خلال هذه الشهور لتكرار الصدمات القديمة المتمثلة بالتهجير القسري وانفصال العائلات.

أحد عشر شهراً من التحمل لصدمات جديدة تمثلت بالجوع الشديد وعودة الأمراض الفتاكة مثل شلل الأطفال.

اليوم أصبحت غزة مكانًا يرعب حتى أكثر العاملين خبرة في المجال الإنساني.

لقد تحولت لأرض قاحلة وغير صالحة للحياة البشرية.

ومع ذلك، لا يزال مليونا شخص محاصرين هناك.

وتقريبًا يتركز جميع السكان حاليًا في حوالي 10 بالمائة من مساحة هذا الشريط الضيق من الأرض.

كما تعيش مجموعات كبيرة من الناس اليائسة وسط أنهار من مياه الصرف الصحي وأكوام من القمامة، حيث تتواجد بجانبهم الجرذان، والصراصير، والثعابين، والعقارب.

يعاني كل فرد منهم من الإرهاق، والمرض، حيث تجاوزوا منذ فترة طويلة حدود قدرتهم على التحمل.

وهذا هو منتهى اللاإنسانية.

أصحاب السمو والمعالي والسعادة،

أخشى أنه إذا ما استمر هذا الظلام أن نفقد الإحساس بمعاناة المدنيين في غزة وأن نبدأ بإدارة ظهورنا لمحنتهم، وهذا هو الافتقار للتعاطف والرحمة الذي سمعنا عنه من قبل.

 وإذا أصبح من المتعب أن نسمع ما يحدث في غزة، فكيف لنا أن نستوعب كم هو مُضنٍ العيش هناك؟

فهذه الأزمة لا تؤثر فقط على الفلسطينيين في غزة.

بل تمتد آثارها لتطالنا جميعًا.

لقد كانت الدول العربية من أوائل الدول التي أدركت هذا الواقع والتي تحركت بناءً على ذلك.

وتمثلت أحد أكثر التحركات تأثيرا في تقديم دعمكم السياسي والمالي الاستثنائي للأونروا.

فقد تلقت الوكالة ما يقارب 200 مليون دولار أمريكي من الشركاء العرب منذ بدء الحرب.

وهذا أدى لتمكين الوكالة للاضطلاع بمهامها كعمود فقري للعملية الإنسانية في غزة، حيث قدمت المساعدة المنقذة للحياة للملايين، بما في ذلك دعم حملة التطعيم المستمرة للسيطرة على انتشار مرض شلل الأطفال.

يجب أن تتواصل جهودنا وكذلك تضامننا وبلا انقطاع.

فأكثر من 600,000 من الفتيات والفتيان أصبحوا خارج المدارس ويعيشون بين الأنقاض.

لا يمكن لهذه المنطقة أن تتحمل خسارة جيل بأكمله، الأمر الذي من شأنه أن يزرع بذور المزيد من الكراهية والتطرف.

وما من مسألة ملحة كإعادة الأطفال إلى التعلم ولذلك ينبغي أن نستنفر جهودنا جميعا لتحقيقها.

يواجه لاجئو فلسطين في جميع أنحاء المنطقة تحديات استثنائية ويعولون على استمرار كرمكم الاستثنائي.

أصحاب السمو والمعالي والسعادة،

لقد أصبحت الوكالة هدفا لهجمات شعواء ومتواصلة.

ففي غزة، قتل 214 من موظفي الأونروا.

وتضررت أو دمرت أكثر من ثلثي مباني الأونروا.

أما في الضفة الغربية المحتلة - والتي تطبق عليها حالة تصاعد العنف - فإن حيز ومساحة عمليات الأونروا آخذة في التقلص.

حيث يسعى مشروع قانون في الكنيست الإسرائيلي إلى طرد الوكالة من مبانيها التي مضى على وجودها أكثر من 70 عاما، وإلغاء امتيازاتها وحصاناتها، وتصنيفها كمنظمة إرهابية.

إنه لأمر غير مسبوق وغير معقول أن تحاول دولة عضو في الأمم المتحدة تصنيف هيئة تابعة للأمم المتحدة وتحظى بتفويض من الجمعية العامة، كمنظمة إرهابية.

ولكن الأونروا ليست وحدها التي تتعرض للهجوم.

ففي جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، يتم التخلص التدريجي من هيئات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية من خلال عدم تجديد التأشيرات.

وتهدف حملة تفكيك الأونروا، وإبعاد كيانات مجتمع الأنشطة الإنسانية الأوسع، إلى تجريد الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين، وتغيير المعايير الراسخة للحل السياسي من جانب واحد.

أصحاب السمو والمعالي والسعادة،

أود أن أختتم كلمتي بثلاثة مناشدات.

أولا، أكرر دعوتي للدول العربية للحفاظ على تضامنها مع الأونروا وتقديم الدعم المالي والسياسي اللازم للوكالة.

لقد تجلى مثل هذا التضامن في بيان مبادرة الالتزامات المشتركة بشأن الأونروا، وهي مبادرة قادتها كل من الكويت والأردن وسلوفينيا، ووقعت عليها 123 دولة، بما في ذلك معظم الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية.

ثانيا، أحثكم على حماية دور الأونروا الآن أو في سياق الانتقال السياسي.

فوقف إطلاق النار في غزة أمر حتمي.

وإن للأونروا دور حاسم تقوم به خلال المرحلة الانتقالية الطويلة والمؤلمة التي ستعقب ذلك حتماً.

وتتمثل الميزة الأبرز للوكالة في مجالي التعليم والرعاية الصحية الأولية.

وفي ظل غياب دولة مكتملة الأركان، فإن الأونروا هي الوحيدة القادرة على تلبية احتياجات التعليم والرعاية الصحية للاجئي فلسطين.

وأخيرا، يجب رفض محاولات إغلاق الأونروا وتهميشها بأقوى العبارات السياسية.

إنني أناشدكم لتقديم الدعم في التصدي للجهود الرامية إلى تفكيك الوكالة، وتشويه سمعتها، وإنهاء عملياتها في الأرض الفلسطينية المحتلة.

فهذه الجهود لا تشكل تهديدًا للاجئي فلسطين فحسب، بل وأيضا لمنظومة الأمم المتحدة، والنظام المتعدد الأطراف، وآفاق الحل السياسي.

واليوم، يواجه الفلسطينيون مستقبلا غامضا أكثر من أي وقت مضى.

ولا يمكننا أن نفشل في مسعانا الجماعي لضمان حل عادل وسلمي لمحنتهم.

شكرا لكم.

لا تتوفر نتائج حالياً