'لو عكا بتخاف من الموج.. ما سكنَت عَ الشَط'

الأحد 10 أكتوبر 2010 11:52 م بتوقيت القدس المحتلة

'لو عكا بتخاف من الموج.. ما سكنَت عَ الشَط'

 

تقرير -  علي عبيدات

عَكا ويافا ولِفتا، ثلاث مناطق فلسطينية، عَكس من خلالها الفنان رائد كبها الأوضاع في فلسطين، ودقَ من خلالها ناقوس الخَطر على ما تتعرض له المدن الفلسطينية في الداخل من تهويد وطمس للمعالم العربية.

ويسلط كبها الضوء عبر فيلمه 'هاي بلادي وهاي الدار'، الذي عرض أمس في إطار فعاليات مهرجان القصبة السينمائي الدولي الخامس في مدينة رام الله، على مدينتين فلسطينيتين تتعرضان للتهويد وطمس المعالم، وعلى قرية فلسطينية مهجرة هي لِفتا.

ويعرض الفيلم الوثائقي الدرامي الملحمي الغنائي، كما وصفه منتجوه، حقباً مهمة من تاريخ المدن عكا ويافا ولِفتا، يرويها كبها نَفسه، مستعينا بصور فوتوغرافية أرشيفية، ومستخدما العديد من الأغاني الشعبية والفلكلورية.

رحلة شاقة وشيقة، يبدأها كبها للبحث عن عروس بحر يافا وعكا، التي تاهت منذ احتلال المدينتين في العام 1948، ليتوقف في بلدة لِفتا المهجرة في القدس المحتلة، موجها الدعوة للفلسطينيين في كل مكان للمشاركة في حفل حناء هذه العروس.

ويدمج مخرج الفيلم والشريك في إنتاجه د. ناظم شريدي، بين حقبات تاريخية مهمة، عبر الأغاني والأهازيج والصور، وبين الواقع الموجود على الأرض الآن، عبر تجوال الفنان كبها، في أزقة هذه المناطق وحديثه مع ناسها.

وأخذ الفيلم المشاهد في رحلة إلى بحر عكا، وتجول معه على أسوارها، وغنى 'ع عكـا خدني معَك.. عالبحر ودّيني'، واستمع لقصص صمود عكا في وجه نابليون، وأطلّع على تاريخ شخصياتها من الشهداء محمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي، إلى الأديب غسان كنفاني ورئيس منظمة التحرير الأول أحمد الشقيري.

وتفاعل جمهور القصبة مع أغنية 'من سجن عكا وطلعت جنازة'، ولامست حكايا المجازر الصهيونية والتشريد والتهجير جرحا يأبى أن يندمل، ولا زال ينزف مع كل عملية تهويد وطمس للمعالم العربية في عكا وغيرها.

'لو عـكّا بتخاف من الموج ما سكنت ع الشَط'، جملة أراد كبها من خلالها التدليل على صمود أهل عكا في وجه التهويد وطمس المعالم، مطالبا بالوقوف إلى جانب أهلها، الذين تخلل الفيلم شهادات حية لهم، مشيراً إلى ضرورة دعم صمودهم.

ومن سجن عـكا إلى أرض البرتقال الحزين، إلى يافا حيث القصص ذاتها والتاريخ يروي ذات الحكاية، وأحياء كاملة تتعرض للطمس والاختفاء، حيث لم يتبق في يافا إلا مسجد حسن بيك الكبير، شاهدٌ على عروبتها.

ويرفع كبها من على منبر حسن بيك الكبير الأذان، ويلفت الانتباه إلى ما تواجهه المدينة من هجمة واسعة على عروبتها ولغتها وهويتها، ويعود مطالبا بضرورة الاهتمام بها وأحياء أزقتها وحاراتها، ودعم أهلها في وجه التهويد.

ومن صوت هدير الموج في عـكا ويافا إلى هديل العصافير في لِفتا المهجرة، حيث البيوت المدمرة، والأحلام المبعثرة، والحكايا الكثيرة، والمعاناة الكبيرة التي أجبرت أهلها على الرحيل قبل أعوام طويلة، لكن الذكريات لم تزل عالقة في أزقتها.

ويأخذ الفيلم المشاهد إلى زنازين الأسر، عبر الأسير المحرر محمد العيساوي، الذي قضى في السجن ثماني سنوات، يخرج بعدها متجولا في شوارع لفتا، ويروي حكاية الأسر، وعيون المتدينين اليهود المستجمين في عين لفتا ترقبه.

ومن الأسر إلى الحواجز والجِدار، ينتهي الفيلم، موجها رسالة إنعاش للذاكرة الفلسطينية، وإنذارا للدفاع عن عروبة المدن والقرى الفلسطينية، والمحافظة على هويتها.

وعلق العيساوي على الفيلم قائلا: 'الفيلم عمل وطني خالص، وتصوير حقيقي للظروف الصعبة التي نعيشها، التقيت رائد كبها في حفل تحرري، وأحببت أن أشاركه هذا العمل'.

من جانبه، أشار مخرج العمل د. شريدي إلى أن الفيلم يختصر تاريخ العشرات من المدن والقرى الفلسطينية، والهدف الرئيس منه هو إنعاش الذاكرة الفلسطينية، وللتدليل على أن شعبنا لا زال موجودا في قراه ومدنه ولن ينسى.

وأكد المخرج الذي عمل في السينما منذ العام 1980، وأخرج فيلم 'نداء الجذور' ومسلسل 'صيف فلسطين الحار'، أن عرض الفيلم في رام الله بالضفة الغربية، جاء تأكيدا على أن رام الله هي عكا ويافا، ولا فرق بين الفلسطينيين في كل مكان.

وعن استخدام الأغاني والأهازيج الشعبية في الفيلم، قال الفنان كبها: 'وضعنا لكل مشهد أغنية مناسبة، قصائد فدوى طوقان، أهازيج الحناء، أغاني الأسر، من سجن عكا، لأن الفيلم يروي حكاية تراثية وتاريخية'.

وأضاف:'الفيلم وثائقي درامي غنائي ملحمي، يروي الماضي والحاضر والمستقبل، ونسلط الضوء من خلاله على الوضع المأساوي الذي يعيشه الفلسطينيون في القدس والضفة والداخل، من خلال العديد من الصور والروايات'.

ولفت كبها النظر إلى أن الفيلم الذي عرض أمس لأول مرة، بحضور العديد من الشخصيات، يتقدمهم أمين سر منظمة التحرير ياسر عبد ربه، والسفير التونسي شكيب الذوادي، سيعرض في العديد من المدن والقرى الفلسطينية، وعلى العديد من الفضائيات العربية.

وعلق السفير الذوادي على الفيلم قائلا: 'الفيلم يبقي الذاكرة الفلسطينية العربية حية، وينمي الحس الوطني لدى الشباب، هذا الجيل الذي لم يعايش مرحلة النكبة والتهجير، وفاتته الكثير من المشاهد التي يجب أن لا ينساها'.

وأضاف: 'الفيلم يدمج جيدا بين الرواية التي كان يقدمها كبها، والأغاني الشعبية والتراثية التي كان يؤديها، وبين المشاهد الواقعية للحاضر، والأرشيفية المصورة للماضي، وهو فيلم بسيط وواقعي، وكان رائعا من الناحية الفنية'.

ـ

 

 

لا تتوفر نتائج حالياً