مدارس الخليل.. دروب وعرة وكمائن وبنادق مشرعة

الأربعاء 13 أكتوبر 2010 11:06 م بتوقيت القدس المحتلة

مدارس الخليل.. دروب وعرة وكمائن وبنادق مشرعة

 

تقرير - جويد التميمي

طريق طويلة ومحفوفة بالمخاطر دائما، هي التي يسلكها طلاب مدرسة قلقس الأساسية، الواقعة جنوب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.

ويلعب تلاميذ المدرسة،  كغيرها من المدارس الواقعة في بؤر التوتر في الخليل.. يلعبون لعبة التخفي و 'الغميضة' مع جنود الاحتلال للوصول إلى مدارسهم، ذلك أن هؤلاء الجنود 'الأكثر أخلاقا' بين جنود العالم، والى جانبهم المستوطنين المسلحين بالكراهية، يزاولون صنوفا من الاعتداءات وعمليات الترويع اليومية ضدهم.

وفي الطريق إلى مدرسة قلقس، ومثيلاتها: الإبراهيمية، وقرطبة، والفيحاء، واليعقوبية، في قلب الخليل القديمة ومحيطها، دروب وعرة مليئة بالكمائن والحواجز والبنادق المشرعة.. وتلاميذ في مرمى النيران على الدوام!!

توفير الأمن والحماية لمستوطني مستوطنة 'خارصينا'، واحدة من  الحجج الواهية التي تتذرع بها قوات الاحتلال لتبرير ممارساتها التعسفية والقمعية ضد طلبة مدرسة قلقس المحاصرة بتدابير الإغلاق فيما يشبه السجن.

'مطاردات ساخنة، رصاص في الهواء، محاولات 'اختطاف'، شتائم، وهجمات بالحجارة، جميعها وسائل ضمن رزمة اعتداء طويلة يمارسها الجنود والمستوطنين الإسرائيليين ضدنا' هذا ما يؤكده العديد من تلاميذ مدرسة قلقس في لقاءات منفصلة لـ'وفا'معهم.

ويؤكد الحاج ماجد الأطرش والد احد التلاميذ، انه 'لا يشعر بالألم إلا من هو فيه.. ولا يشعر بالهم إلا من يعتريه، مضيفا أن ذهاب أبناءه إلى المدرسة وعودتهم منها، هو بمثابة مقاومة يومية مستمرة وصراع متجذر منذ نشأة المستوطنة.

ويقول: إن أبنائي الثلاثة يخرجون إلى المدرسة في كل صباح، كما تلاميذ المدارس في أصقاع الأرض، غير انهم يضطرون لاجتياز الحاجز الترابي الأول 'السدة' التي وضعها الاحتلال لمنعهم وبقية التلاميذ والمعلمين من الوصول إلى مدرستهم، وبعد أن يجتازوا الحاجز الأول، ويراقبوا الطريق، ويطمئنوا لخلوها من المستوطنين والجيش، يعبرون الطريق باحتراس ليصلوا ليست إلى المدرسة، إنما إلى حاجز آخر، وآخر في متاهة من الحصار، وهي الحالة المرعبة ذاتها في طريق عودتهم إلى البيت.

ساعات طويلة قضاها أبناء الأطرش مع آخرين من أقرانهم داخل أسوار المدرسة، قبل عدة أيام، اثر هجوم منظم شنه مستوطنو 'خارصينا' ضدهم على مرأى من قوات الاحتلال التي أطبقت من جانبها حصارا على المدرسة.

نعمه موسى (13 عاما)، إحدى تلميذات الصف الثامن الأساسي في مدرسة قلقس، قالت لـ'وفا': يبعد منزلي عن المدرسة ما يقارب ثلاثة كيلو مترات، ويصادفني المستوطنون حينما أسير مع إخواني الثلاثة الصغار في طريقي إلى المدرسة ويتعرضون لنا بالاعتداءات، فقبل يومين كنت خارجة من البيت في تمام الساعة السادسة صباحاً، فإذا بمركبة للمستوطنين المدججين بالسلاح تقف بجانبي فجأة في وسط الطريق، ويبدأ من بداخلها بتصويب الأسلحة نحونا، والتلفظ بألفاظ نابية، والصياح علينا، فولينا هاربين صوب الأراضي الزراعية حتى تمكنا من الفرار والوصول إلى مدرستنا.

وتحدثت بشرى طه، القائم بأعمال مديرة المدرسة، عن معاناة مدرستها بفعل إغلاق الطريق المؤدية إليها وقطعها على التلاميذ والمعلمين.

وقالت: ننقل الكتب الدراسية عبر'السدة' وإدخالها إلى المدرسة، بعد تدابير من المراقبة الدقيقة لتامين المكان.

وتوضح طه، أن عدد التلاميذ في المدرسة يصل إلى (450) طالب وطالبة، يعانون جميعهم جراء هذه الاعتداءات المستمرة من الجيش والمستوطنين، مشيرة إلى أنهم أطلقوا عدة مرات أعيرتهم النارية، وقنابل الغاز، صوب المدرسة والطلاب والمعلمين.

ولفتت طه إلى أن مدرسة جديد سوف تفتح أبوابها لاستقبال الطلاب في المنطقة، خلال الشهرين القادمين، وهي مدرسة للإناث فقط وستزداد بها المعاناة، لان طريقها تستغرق وقتاً أطول للوصول إليها، مما يرشح ازدياد أعداد الضحايا من التلاميذ والمعلمين.

ويقول الطفل امجد غانم (11ربيعاً) نحن نتعرض لاعتداءات المستوطنين باستمرار، فهم يلاحقوننا ويقومون بتصويب أسلحتهم باتجاهنا، ويرشقوننا بالحجارة، كما أنهم حاولوا خطفي لولا أنني تمكنت من الهروب منهم، بينما يشير امجد سلهب، احد تلاميذ الصف العاشر، ويقطن في بطن الوادي الذي تعلوه مستوطنة 'حجاي'، إلى أن المستوطنين يحاولون مراراً وتكراراً صدمه بمركباتهم، وفي أحيان أخرى يسرقون ويفتشون الحقائب المدرسية.

'وفي الطريق إلى قلقس ومدرستها التي تحمل نفس الاسم، ضحايا وعذابات ومهانات كثيرة' يقول الأستاذ إسماعيل أبو تركي، معلم تكنولوجيا المعلومات في المدرسة، ويضيف أن والده أصيب بشلل كامل إعاقة (100% ) اثر إطلاق جنود الاحتلال عليه النار (رصاص دمدم متفجر) عند عبوره الطريق الالتفافي المؤدي الى المنطقة.

ناصر عمرو، مدير مدرسة قلقس للبنين، أوضح أن 'السدة' التي وضعها الاحتلال والتي تشكل عائقا أمام تنقل المواطنين والطلاب، تخضع لحراسة الجنود الدائمة، وهو ما اجبر مواطني المنطقة على استبدال مركباتهم بعربات تجرها الخيول والحمير لقطع الطريق.

لا تتوفر نتائج حالياً