خربة يرزا .. وجود بقوة الحياة

الجمعة 18 فبراير 2011 10:28 م بتوقيت القدس المحتلة

خربة يرزا .. وجود بقوة الحياة

 

يرزا (السفوح الشرقية) - جميل ضبابات

دائرة شؤون اللاجئين - كما لو كانوا يلملمون شتات أشجار حطمتها ريح عاتية، كان بعض أفراد عائلات رعوية في خربة نائية يلملمون بقايا ألواح حديدة أطاحت بها جرافات الاحتلال الإسرائيلي.

وبعد أقل من 24 ساعة من قيام الجيش بهدم المساكن في خربة يرزا في سفوح الضفة الشرقية، كان حسن خالد محمود وهو احد الرعاة الذين هدمت مساكنهم ما يزال تحت الصدمة.

وقال محمود الذي يسكن هو وعدد من أشقائه في المنطقة المعزولة 'كنت أرعى الغنم، جاؤوا مثل القدر المستعجل، هدموا كل شيء وانسحبوا'.

وفي احدث عملية تدمير وتخريب، هدم الجيش إضافة إلى يرزا قبل أيام خربة طانا وهي منطقة روعوية يعش سكانها ذات الظروف.

وأمضى سكان يرزا أمسهم يحاولون إصلاح ما أمكن إصلاحه من حظائر مهدمة لحشر المواشي فيها..هكذا فعل محمود وبعض جيرانه.

وتشهد مناطق مختلفة من الضفة الغربية عمليات هدم من أقصى جنوب الخليل حتى شمال جنين، ويتذرع الاحتلال الإسرائيلي دائما بحجة البناء غير مرحض ومقام في مناطق عسكرية مغلقة.

وأشارت تقارير لمنظمات دولية إلى تصاعد عمليات الهدم التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة الضفة الغربية وغور الأردن.

وقال مخلص مساعيد وهو شاب يدير شؤون الخربة: 'الجيش يريد إخلاء المنطقة بأي وسيلة..غير صحيح أنهم يريدون المنطقة لهذا السبب (..) إنهم يريدون تحويلها لمنطقة تدريب'.

وقال رئيس الحكومة سلام فياض خلال زيارته لطانا بعد هدمها: 'سياسة التدمير والتخويف الإسرائيلية هدفها دفع أبناء شعبنا إلى الهجرة. هذه هي المرة الرابعة التي يتم بها هدم الخيم والبركسات في خربة طانا'.وفي يرزا ظهرت امرأة قالت إنها شهدت على احتلال الجيش الإسرائيلي للخربة عام 1967 ومنذ ذلك اليوم والجيش يحاول إخلاء المنطقة.

ومن وسط يرزا يمكن مشاهدة معسكرات تدريب للجيش الإسرائيلي في كل الاتجاهات، ويمكن مشاهدة آليات عسكرية تطوي الأرض وراءها مسرعة نحو الثكنات.

ويستخدم الجيش المناطق حول يرزا لإجراء تدريبات عسكرية، وقبل أعوام قتل شقيق مخلص بينما كان يرعى المواشي بجانب الخربة.

وتسيطر إسرائيل على كل المنطقة الغورية وتمنع في معظمها باستثناء بعض القرى البناء والتعمير وتنفيذ مشاريع بنية تحتية.

 وتبلغ مساحة الأغوار 1303 كيلومتراً مربعا، ومحاطة من الغرب والجنوب بسلسلة من الجبال، ويرزا ذاتها أقيمت على إحدى الربوات الجميلة التي تنبت فيها أشجار البلوط.

وتمتد الأغوار على مسافة 120 كيلومتراً، بعرض أحيانا يصل إلى 15 كيلومتراً، ينتهي شرقاً عند ضفاف نهر الأردن الذي لا يسمح للمزارعين الفلسطينيين الاستفادة من مياهه منذ عام 1967.

وعمل الاحتلال الإسرائيلي على زعزعة الوجود الفلسطيني في السفوح، وأخلى مضارب رعوية كانت قائمة قبل الاحتلال.

وقال سكان خربة يرزا إن الجبال التي تقع إلى الشرق منهم كانت عامرة بالمضارب لكن الجيش أخلاها بنفس الطريقة التي يحاول فيها الآن إخلاء خربتهم.

وعلى امتداد الغور، هنا؛ عند كل مضرب رعوي هامشي، تظهر مكعبات إسمنتية وضعت وكتب عليها باللغة العربية: ممنوع الدخول، منطقة عسكرية مغلقة، وبوجود هذه المكعبات على الطرقات الترابية التي تقود إلى المضارب تكون كل المناطق المحتملة لسكان الرعاة مناطق محرمة، يحظر الدخول إليها تحت طائلة القوانين العسكرية الإسرائيلية.

وقال مساعيد: 'هذه الأراضي مملوكة للمواطنين وبعض المنازل بنيت قبل العام 67 .. لماذا هدموا المسجد؟ انه قديم ومبني قبل أن يأتوا إلى هذه الأرض'.

وكان الجيش هدم المسجد في المرة السابقة، لكن الجرافات قامت هذه المرة بهدم أرضيته التي أعاد السكان إصلاحها مرة ثانية.

وأضاف مساعيد: 'وصلوا إلى القرية فجأة، وصلت ثلاث جرافات وجيش وأشخاص بلباس مدني، هدموا كل شيء أمامهم، هدموا مخازن للأعلاف وحتى أنهم هدموا ما تبقى من المسجد'.

لكن لماذا لم يزر أي مسؤول حكومي يرزا التي تعرضت أمس للهدم مرة أخرى؟!..سؤال لم يجد له سكان الخربة التي لا يتعدى سكانها 60 فردا جواب!!

ورغم أنها قضية وجود كما قالت الحكومة أكثر من مرة التي وجهت جزء من جهودها لـ'تعزيز الوجود الفلسطيني في الغور'.. الآن إن مسؤوليها غابوا أمس كما قال السكان.

 فقد تعرضت المنطقة على مدار العام الماضي لعمليات هدم متكررة.. ولم يثن ذلك الجيش الإسرائيلي عن متابعة الهدم.

وقال رئيس المجلس: 'لم يزرنا أي مسؤول، بقيت هناك حتى ساعات المساء، لا اعرف لماذا لم يهتموا؟! الحكومة ساعدتنا من قبل، لكن هذه المرة لم يأت أحد منهم!'.

يردد المعنى ذاته محمود، ويقول:'لم يأت أي مسؤول، ربما لم يعرفوا أو ربما يعرفون، ليس هنا استثمارات، ليس هنا استثمارات'.

وقال فياض خلال زيارته لطانا: 'ونحن هنا لنرد على هذه الممارسات من خلال إعادة بناء ما يدمره الاحتلال، وتعزيز صمود أبناء وبنات شعبنا في هذا الجزء من وطنهم، وتأكيداً على حقهم في الحياة والبقاء والبناء إلى أن نصل في النهاية إلى دولتنا المستقلة على كامل الأرض المحتلة عام 1967 في قطاع غزة، والضفة الغربية وعاصمتها القدس الشرقية'.

ويظهر سكان يرزا إصرارا حادا على البقاء والبناء مرة ثانية. وكانت الحكومة ذاتها قامت ببناء كل ما تم هدمه سابقا في يرزا والمناطق القريبة منها.

وقال مساعيد: 'الآن سنحصي ما خسرناه وسنحاول إيجاد البديل..سنتوجه للمسؤولين لكننا لن نرحل لن نرحل'.

لا تتوفر نتائج حالياً