الفلسطينيون يرثون أرضهم

الثلاثاء 29 مارس 2011 01:06 م بتوقيت القدس المحتلة

الفلسطينيون يرثون أرضهم

 

تقرير اخباري : جالود(نابلس) - جميل ضبابات

كان محمود عباد يعمل كعادته في أرضه مطلع عام 2000، عندما أقعدته رصاصات أطلقها مستوطنون استولوا على أرضه فيما بعد، وهي حلقة في مسلسل طويل خسر الرجل خلاله معظم ما يملك.

وعباد الذي خسر قبل ذلك مساحات واسعة من أرضه، كاد أن يخسر ولديه قبل أسابيع بذات الطريقة، عندما أطلق مستوطنون النار عليهم وهم يعملون في أرضهم.

في جالود التي خسرت معظم أراضيها يبكي الناس سهلهم الذي كان ذات يوم مصدر رزقهم. ومنذ عام 1975 بدأت القرية التي لا يتجاوز عدد سكانها 600 نفر تخسر أرضها سنة بعد سنة.

وذاته عباد وإخوته خسروا 200 دونم، بعضها كانت مزروعة بالزيتون والتين واللوز. وقال الرجل الذي أصيب بشلل بعد إطلاق النار عليه من المستوطنين، انه كان يفلح أرضه كل سنة قبل أن يفقدها.

كانت جالود التي خسرت خلال العام المنصرم 2500 دونم من أراضيها وخسرت من قبل نحو 15 ألف دونم مركزا للزراعة الحقلية قبل نحو 3 عقود.

وقال عباد' كنت أبيع التين والزيت في نابلس.. الآن لم اعد املك شيئا(..) خسرنا كل شي'. يردد المعنى ذاته سكان آخرون في القرية الصغيرة التي تقع أراضيها على تلال وربوات تعتبر الأعلى في ريف نابلس.

ويظهر أهالي جالود أنهم امتلأوا بكل أسباب الحزن على أرضهم. وقال عباد' إن تخسر أرضك تخسر كل شيء'.

وشهدت الأراضي الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة، مصادرة سلطات الاحتلال مساحات واسعة من الأراضي منها وراء جدار الفصل أو في محيط المستوطنات التي يجري توسيعها.

ويحيي الفلسطينيون في الثلاثين من كل آذار- مارس ذكرى يوم الأرض الذي تعود أحداثه إلى العام 1976 بعدما صادرت قوات الاحتلال مساحات واسعة من أراضي الجليل، تعود للفلسطينيين، الذي قرروا إعلان الإضراب الشامل ليتكرر الحدث سنويا في كافة أراضي فلسطين التاريخية.

وفي جالود ذاتها وفي القرى ذاتها تصاعدت حملات مصادرة الأراضي من السكان إما بقرارات عسكرية، أو عبر الاستيلاء المباشر عليها من قبل المستوطنين ضمن ما يعرف بخطة التلال السبعة التي أقيمت عليها سبع مستوطنات تحيط بتلك القرى.

وتفرض سلطات الاحتلال قيودا صارمة على دخول الفلاحين في قرى جنوب شرقي نابلس لأراضيهم الواقعة في مناطق (ج) ، وقال عباد انه لم يدخل أرضه منذ أكثر من عشر سنين' سيطلقون النار علي. سيطلقون النار على أي شخص يصل المنطقة'.

وقال رئيس مجلس جالود عبد الله حاج محمد، إن المستوطنين زرعوا مساحات واسعة من الأراضي التي استولوا عليها بالعنب والزيتون.

وفي الطريق إلى شرق جالود تظهر بؤر استيطانية ومستوطنات، وتظهر مزارع جديدة للمستوطنين.

وخاض أهالي القرية منذ أسابيع صراعا مع المستوطنين وجرت اشتباكات دامية أصيب خلالها العديد من السكان عندما هاجم مستوطنيو فلاحين بعد وقت قصير من وصولهم أراضيهم للعمل فيها.

وقال حاج محمد' يواجه الفلاحون صعوبة في الوصول إلى الأراضي المتبقية. الطريق خطرة. إنهم يتربصون بكل شخص يصل المنطقة'.

وتظهر في محيط القرية مساحات واسعة هي الآن تحت سيطرة المستوطنين.وحاج محمد ذاته خسر عشرات الدونمات في السهل الذي استولى عليه المستوطنون وأقاموا بؤرة على أطرافه هدمها الجيش قبل شهرين، لكنهم أعادوا بناءها بعد وقت قصير.

وتختفي ابتسامة الرجل عندما يتحدث عن أرضه.

وشهدت مناطق ريف نابلس الجنوبي حركة بناء استيطانية قوية خلال الأشهر الخمسة المنصرمة. وتوسعت المستوطنات وضم المستوطنين إليها مساحات واسعة من الأرض.

وأدى استئناف البناء الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس إلى توقف المفاوضات. ويرفض الفلسطينيون العودة إلى المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية مع استمرار البناء الاستيطاني الذي يهدد العملية السلمية برمتها.

وفي جالود والقرى المحيطة، تمددت المستوطنات وبنيت بؤر جديد. وتظهر التلال العالية التي تطل على منطقة غور الأردن مغروسة بالأبنية الاستيطانية.

وساءت الأوضاع منذ تولى اليمين قيادة الحكومة الإسرائيلية التي قادت حملة لدعم المستوطنين الذين قادوا حملة واسعة للاستيلاء على الأراضي.

واستولى المستوطنون الذين هبطوا من التلال السبعة إلى الأراضي الواقعة بين القرى واستولوا عليها كما حدث في المنطقة الواقعة بين قريتي جالود وقصرة.

وقال إبراهيم وادي وهو احد سكان قصرة التي خسرت أيضا مساحات واسعة من أراضيها إن 'المستوطنين نهبوا مساحات واسعة من أراضي سكان قريته'.

' خلال السنوات العشر الماضية سلبوا نحو 30 ألف دونم من الأرض. قبل أيام جاءوا واقتلعوا مئات أشجار الزيتون من الأرض وسرقوها'.

يردد الأمر ذاته سكان من القرية.

وقال الحاج محمد ' منذ سنوات وهم يطمعون بالأرض. منذ أن أعلنوا عن خطة ايلون. لذلك بدءوا بزرع المستوطنات على التلال'.

وتشكل الأرض إضافة إلى قضايا الوضع النهائي التي كان من المفترض مناقشتها في مفاوضات هي الآن بحكم الميتة لب الصراع والقضية الفلسطينية.

وفي جالود كانت الأرض لب الحياة التي فقدت معانيها مع كل دونم سيطر عليه المستوطنون، وخسر فيه السكان جزء من أعضائهم مثلما خسر عباد أطرافه بعدما أصيب بالشلل جراء دفاعه عن الأرض، يرثى الناس أرضهم ويبكونها.

لا تتوفر نتائج حالياً