بين رام الله وسلفيت.. جمال تلوّثه المستوطنات

الثلاثاء 05 أبريل 2011 10:34 م بتوقيت القدس المحتلة

بين رام الله وسلفيت.. جمال تلوّثه المستوطنات

 

دائرة شؤون اللاجئين - يزن طه

تترامى مستوطنات على رؤوس الجبال والتلال المحيطة بقرى محافظة سلفيت، كغيرها من القرى الفلسطينية، لكن قرى شمال غرب رام الله وسلفيت، تعاني أيضا من مخلفات المستوطنات، ومخلفات المناطق الصناعية التي أقامتها إسرائيل في المنطقة؛ ومنعتها في المدن الإسرائيلية بسبب تلويثها العالي للبيئة.

شبكة المنظمات الأهلية البيئية الفلسطينية، وجمعية مركز الإعلام البيئي، اختارت منطقة شمال غرب رام الله وجنوب سلفيت، لتكون هدفا لجولة نظمتها لمجموعة من الصحفيين أمس الاثنين، لإطلاعهم على الواقع البيئي في هذه القرى.

انطلقت الحافلة من مدينة رام الله إلى القرى الشمالية الغربية، وعلى طول الطريق شرح مدير معهد المياه الفلسطيني صالح الرابي للصحفيين الواقع المائي. وقال إن فلسطين تقع على ثلاثة أحواض مائية رئيسية هي الحوض الشرقي في منطقة الوسط والجنوب، والحوض الغربي الذي يمتد من منطقة وسط فلسطين إلى حدود أراضي 1948، والحوض الشمالي الشرقي في شمال فلسطين التاريخية، مشيرا إلى أنه بموجب الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، يمنع الفلسطينيون من استغلال مياه الحوض الغربي، وخصصت لهم فقط مياه الحوض الشرقي التي تشاركهم فيها المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية.

وأشار الرابي إلى أن إسرائيل زرعت مستوطناتها حول الحوض الغربي، الأكبر في فلسطين، قبل أن تمتد للسيطرة على الحوض الشرقي.

أول ملوثات البيئة الفلسطينية التي صادفها الصحفيون كان مصنعا للجلود أقيم في مستوطنة 'حلميش' الواقعة على مفترق الطرق المؤدي إلى قرى بني زيد الغربية، هو مصنع رفضت سلطة جودة البيئة الإسرائيلية إقامته في مدن إسرائيلية، لكنها صادقت على إقامته في هذه المنطقة.

أكمل الرابي شرحه بعد الإشارة إلى المصنع واستغلال 'حلميش' مياه قرى بني زيد الغربية: إذ يستهلك المستوطن تسعة أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني، وخط المياه الذي يغذي مستوطنتي 'حلميش' و'عطيرت' التي تضمّان مئات المستوطنين، قطره عشرة إنشات مفتوح على مدار الساعة، فيمكا لا يتجاوز قطر أنبوب المياه الذي يغذي 15 ألف في المنطقة، ثلاثة إنشات.

توقف الصحفيون في قرية دير غسانة، وساروا بين بيوتها القديمة، قبل أن يكملوا السير وصولاً إلى وادي الفورة بين دير غسانة وكفر الديك، هذا الوادي الذي اختلطت مياهه الصافية بمياه المستوطنات العادمة، لدرجة أن أهالي دير غسانة لم يعودوا يشربون من مياهه بسبب تلوثها.

في بروقين وقراوة بني حسان، تلوث مياه المستوطنات العادمة ومخلفاتها البلدتين، إضافة إلى النفايات التي تطرح على أطرافهما.

وقال رئيس بلدية بروقين عكرمة سمارة، إن بلدته تعاني منذ عام 1988 من مشكلة تدفق المياه العادمة من الجهة الشمالية الشرقية، وهي الجهة التي صودر جزء منها لصالح مستوطنة ارئيل.

انعدام الثروة الحيوانية، وتأثر أربعة ينابيع مياه رئيسية في البلدة بالتلوث واختلاطها بالمياه العادمة، عدا عن المخلفات الصلبة من مصانع منطقة بركان الصناعية في أراضي البلدة، أكثر أشكال التلوث التي تعاني منها بروقين.

مشهد نبع الميه في بلدة بروقين يأخذ الأبصار، لكن جيفة خنزير بري تتوسطه، بعد أن سحبتها المياه  من مستوطنة قريبة. ينبوع آخر تحول لون المياه فيه إلى بني أو أخضر، بسبب اختلاطه بالمياه العادمة.

لا يتورع المستوطنون عن طرح نفاياتهم في مناطق زراعية في القرى الفلسطينية. وكانت إسرائيل اقترحت مشروعا اعتبرت أنه سيشكل حلا لقضية المياه العادمة في سلفيت عبر إنشاء محطة تنقية، لكنها اشترطت أن تبنى المحطة في مستوطنة أرئيل، وتربط بها القرى الفلسطينية، على أن يباع 'الماء المنقى' إلى الفلسطينيين؛ بمعنى أن إسرائيل عدا عن استيلائها على الماء النقي، فإنها ستصادر المياه العادمة الفلسطينية وستنقيها ثم تعيد بيعها للفلسطينيين.

في بروقين واد اصطلح أهالي القرية على تسميته واد المطوة، تحول إلى نهر للمياه العادمة، وهذا الوادي يستمر في جريانه وصولا إلى وادي الفورة بين قريتي دير غسانة وكفر الديك جنوب بروقين.

وعلى الطريق المحاذية للوادي تختلط مياه الأمطار بمياه المجاري، لتذهب ليس سدى فقط، وإنما تتحول إلى ملوّث للبيئة في المنطقة.

وعلى طول الطريق بين بروقين وقراوة بني حسان، يمينا ويسارا، لا ترى إلا مياها سوداء تجري في وديان وينابيع صغيرة، تغذيها المستوطنات باستمرار، وزادت من سرعة جريانها مياه الأمطار خلال اليومين الماضيين.

وفي قراوة بني حسان تأخذ الاعتداءات الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية شكلا آخر؛ تدمير وتخريب لما يعمره الفلسطينيون.

خلال السير في 'طريق الحرية' الذي يربط القرية بالنبع الرئيسي، أمكن ملاحظة حجم التخريب الإسرائيلي الذي لحق في الشارع، مؤخرا، وهي المرة الثانية التي تدمر فيها قوات الاحتلال الطريق.

يقابل طريق الحرية على الجهة الأخرى 'بئر أبو عمار' وهو منطقة تقع في واد آخر في قراوة بني حسان، يتغذى من مجموعة من الينابيع؛ في طريق وعرة شديدة الانحدار. وقريبا من البئر أقام المواطن نادر مرعي مشروعا زراعيا، حيث استصلح أرضه القريبة من البئر، وزرع أنواعا مختلفة من النباتات، إضافة لمشروع لتربية السمك.

مشروع نادر لم يرق لقوات الاحتلال، إذ دمّرت قبل أيام الدفيئة الزراعية، وحقول البازيلاء والسبانخ والفجل.

في طريق العودة، كانت النباتات وزهور شقائق النعمان وعصا الراعي تغطي جانبي الطريق، في منظر رائع، لكن جمال المنظر قد لا يستمر طويلا، فهناك احتلال يتربص بكل جميل في هذا الوطن.

لا تتوفر نتائج حالياً