قرية المعصـرة.. نموذج المقـاومة الشـعبية

الخميس 21 أبريل 2011 10:19 ص بتوقيت القدس المحتلة

قرية المعصـرة.. نموذج المقـاومة الشـعبية

 

بيت لحم - عنان شحادة

دائرة شؤون اللاجئين - مع الساعات الأولى من ظهيرة كل يوم جمعة، يكون سكان قرية المعصرة جنوب بيت لحم على موعد  مع انطلاق مسيرتهم الشعبية المناهضة للاحتلال الإسرائيلي.

وتشكل القرية، التي لا تتعدى مساحتها 6 آلاف دونم وعدد سكانها 950 نسمة من عشيرة واحدة، هي الزواهرة، ومنقسمة ما بين بريجية وعلاء الدين، نموذجا حقيقيا للمقاومة الشعبية باستخدام إبداعات فلسطينية حيرت الاحتلال الذي وقف عاجزا أمامها، فأصبحت على واجهات الصحف المحلية والأجنبية.

يقول رئيس اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في القرية محمد بريجية (33 عاما)، إن 'المقاومة الشعبية من خلال المسيرات انطلقت في القرية في العام 1996 في شهر تشرين أول عندما دخلت سلطات الاحتلال القرية وباقي القرى المجاورة لها مثل وادي النيص، وأم سلمونة، وخلة الحداد، وجورة الشمعة، ومناطق أخرى، من أجل الاستيلاء على الأراضي، فكانت الهبة الجماهيرية في القرية'.

ويضيف: 'على الفور، اجتمع أهالي القرية وتم تشكيل لجنة مقاومة شعبية ومن ثم انطلقنا بالهبة الجماهيرية بمسيرات حاشدة، دفاعا عن الأرض، والتي ما زالت متواصلة حتى الآن'.

'لم تقتصر الفعاليات على تنظيم المسيرات فحسب، بل قمنا بإبداعات فلسطينية من خلال إقامة حفل زفافي  أنا شخصيا بالقرب من الجدار بحضور عدد كبير من المدعوين، إضافة إلى إحياء الفعاليات الوطنية والمناسبات مثل يوم الأسير، ويوم المرأة، ويوم الأرض، وعيد الأم، حتى الثورة الفرنسية، هذا الشكل لاقى استحسانا بين المشاركين وصولا لمشاركة بعض القيادة الفلسطينية، وممثلي الأحزاب الوطنية'، قال بريجية.

وأوضح، أن التظاهرات الشعبية رسالتها أكبر وذات تأثير من المقاومة المسلحة، وهذا ما أدى إلى مشاركة متضامنين أجانب فيها، هذا الشكل عجز الاحتلال عن قمعه، بل هناك تزايد يوميا في مختلف مناطق الأرض الفلسطينية.

وأشار بريجية إلى أن يوم الجمعة، أصبح على أجندة كل طفل وشيخ وامرأة ورجل في القرية، من خلال التأكيد على المشاركة.

أصبحت قرية المعصرة في قاموس الاحتلال، فالجنود على مختلف الحواجز العسكرية، عندهم معرفة باسم القرية، حتى أن الأمر وصل إلى حد حجز كل شخص يولد بالمعصرة، إضافة إلى الاعتقال، كما حدث مع الشاب عمر زواهرة (26 عاما)، الذي يقول: 'إن جنود الاحتلال الجاثمين على حاجز 'الكونتينر' على الطريق  المعروف بـ'واد النار، لحظة التدقيق في هويتي وقراءة كلمة المعصرة، جن جنون أحدهم وأمر بحجزي ومن ثم اعتقالي، حيث مكثت تسعة أيام وسط تعذيب قاس، قبل أن يفرج عني في حالة يرثى لها.

أما المواطنة فاطمة بريجية 'أم حسن' فلم تمنعها السنون (60 عاما) من أن تكون في مقدمة المشاركين في المقاومة الشعبية، وتقول: 'أحرص في كل يوم جمعة أن أشارك في المسيرة المنددة بجدار الضم العنصري والتوسع الاستيطاني، ليس وحدي بل أصطحب معي أفراد أسرتي صغارا وكبارا'.

أما أمين عام اللجان الشعبية عزمي الشيوخي، فقال: إن قرية المعصرة كباقي المواقع شكلت نموذجا يحتذى به بالمقاومة الشعبية، كما في بيت أمر، وشرق يطا، وبلعين، ونعلين، والنبي صالح، وعراق بورين، وسلوان، وعلى امتداد الوطن.

وأشار إلى أن هذا  التفاعل والحراك الشعبي والجماهيري لإنهاء الاحتلال، أكسب القضية الفلسطينية زخما جديدا في المرحلة الحالية، مكننا من استقطاب التعاطف الدولي، حيث استطاعت القيادة الفلسطينية من التقاط هذا الكفاح والجهد الشعبي واستثمرته سياسيا في كافة الساحات الدولية، ما أدى إلى اعتراف عدد من دول العالم بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967.

ولفت الشيوخي إلى أن ميزات المقاومة الشعبية هي أقل خسارة بين أبناء شعبنا من المقاومة المسلحة، وتمكنت في هذه المرحلة من إماطة اللثام عن الوجه الحقيقي للاحتلال، وكشف كافة الانتهاكات التي تستهدف الأرض والإنسان وكل ما هو فلسطيني.

وأكد أن المقاومة الشعبية كان لها التأثير الكبير في تعزيز الصمود والتشبث في الأرض، وتحديدا في المناطق المستهدفة بالاستيلاء والاستيطان، وتمكنت من محاصرة التمدد الاستيطاني في كافة المناطق الفلسطينية والقدس بقدر المستطاع.

وأضاف: إننا استطعنا إحراج الاحتلال أمام العالم، وهو الآن في عزلة، وقادة الاحتلال أصبحوا مطلوبين للعدالة الدولية كمجرمي حرب، كما استطعنا أن نعمل أرضية لإنجاح إعلان الدولة الفلسطينية في شهر سبتمبر المقبل، وكسب تعاطف للدولة الفلسطينية المرتقبة على المستوى العالمي لم يسبق له مثيل.

من جانبه قال الدكتور مازن قمصية رئيس الهيئة الإدارية لمركز التقارب بين الشعوب، وصاحب كتاب 'المقاومة الشعبية في فلسطين' وأستاذ في جامعة بيت لحم، 'إن المقاومة الشعبية ليست وليدة حديثة بل تمتد إلى حوالي 130عاما، وهي تشمل عادة أكثر من 200 نوع، منها الوجود على الأرض، والصمود، والتشبث، والمقاطعة، والمظاهرات .....وغيرها.

وأشار إلى أن وجود 5.5 مليون فلسطيني يدل على نجاح المقاومة الفلسطينية للحركة الصهيونية التي حاولت إنهاء التواجد الفلسطيني، كما أن تواجد 1.3 مليون فلسطيني داخل أراضي 1948، هو نجاح آخر للمقاومة.

وقال: إن 'أكبر نجاح للمقاومة الشعبية كان أمام بناء جدار الضم والتوسع العنصري عندما تم البدء به في العام 2002، وخُطط له أن ينتهي العمل به خلال أربع سنوات وبكلفة 2.5 مليار شيقل، وأن هذا لم يتحقق أمام المقاومة الشعبية، بل إنه لم يكتمل حتى الآن، وكلفهم 8 مليار شيقل، كل ذلك بفضل المقاومة الشعبية'.

وأشار إلى أن المقاومة الشعبية وعبر الـ130 عاما الماضية شهدت 14 انتفاضة، بدءا من العام 1881 وتوالت، وصولا إلى انتفاضة الأقصى، متوقعا أننا مقبلون على الانتفاضة الـ15.

لا تتوفر نتائج حالياً