رَحلت عبير.. قبل أن تحقق حلمها باحتضان والدها الأسير

الجمعة 22 أبريل 2011 08:52 م بتوقيت القدس المحتلة

رَحلت عبير.. قبل أن تحقق حلمها باحتضان والدها الأسير

 

الخليل - صلاح الطميزي

رحلت الطفلة عبير اسكافي ابنة الأحد عشر ربيعا، قبل أن تحقق حلمها باحتضان وتقبيل أو حتى لمس والدها يوسف المحكوم بالسجن المؤبد أربع مرات والقابع في سجن بئر السبع.
دخلت عبير قبل أسبوع في غيبوبة أفقدتها الحركة والنطق، بعد أن حرمها السجانون الإسرائيليون حتى ملامسة والدها الأسير، واليوم لن تحقق حلمها ولم تعد تتأمل شيئا، بعد أن لفظت أنفاسها الأخيرة في ساعة متأخرة من مساء أمس على سرير غرفة العناية المركزة، في مستشفى عالية الحكومي في مدينة الخليل.
غابت عبير عن هذه الدنيا قسرا، وهي متلهفة لملامسة أبيها، القابع بالسجن منذ 8 سنوات، واحتضانه، بعيدا عن الزجاج الذي كان يفصلها عنه في زياراتها المعدودة له، والتحدث معه عبر جهاز الإنتركوم عن بعد.

وتعود قصة عبير مع الغيبوبة والمعاناة، 'قبل عامين أثناء زيارتها الأخيرة لوالدها في سجن النقب، حيث اشتد حنينها لاحتضانه والدخول إلى معتقله، وبعد أن حرمها السجان ذلك أخذت تضرب العازل الذي يفصلها عن والدها بيدها اليمنى. وبعد أسبوع من زيارتها لاحظت معلماتها أنها لم تعد قادرة على الإمساك بالقلم، ولاحظ ذووها عدم مقدرتها على حمل الملعقة، ليتم نقلها إلى عدد من الأطباء والمستشفيات في الخليل، وتبدأ رحلة علاج مؤلمة وقاسية'. كما يقول جدها رئيس لجنة أهالي الأسرى في الخليل عبد الرحيم اسكافي.

ويضيف: في ظل عدم تحسن حالتها أخذت بالتراجع في النطق والحركة، فتم تحويلها إلى العلاج في الأردن أملا في إنقاذ حياتها وعودتها إلى النشاطات والفعاليات التي اعتادت عليها، وأشار جدها إلى أن الفحوصات الطبية بينت أن عبير 'تعرضت لصدمة عصبية وخوف شديد، أدى إلى عدم مقدرتها على الحركة والنطق'، فأكملت علاجها بعد عودتها من الأردن في مستشفى عالية الحكومي في مدينة الخليل، حيث دخلت في غيبوبة منذ أيام.

ويتابع: 'كانت عبير قبل هذه الحادثة تتمتع بصحة جيدة، ومن الطالبات المميزات في المدرسة، وكانت تشارك في مختلف النشاطات الشعبية والجماهيرية التي تنظم للتضامن مع الأسرى، ولم تغب عن أي نشاط تضامني مع الأسرى ، وإنني اعتبرها شهيدة عند الله'.

والدة الشهيدة عبير، بهية رشيد اسكافي (30 عاما)، بدت صابرة متماسكة مؤمنة بقضاء الله وقدره، على فراق ابنتها، واكتفت بقراءة القرآن الكريم على روح ابنتها، ودعت الله أن تُقَبِلَ عبير والدها في جنان الخلد.

وكانت جماهير محافظة الخليل شيعت جثمان الشهيدة عبير، بموكب جنائزي مهيب انطلق بعد صلاة الجمعة من أمام منزلها في مدينة الخليل،  إلى مثواها الأخير في مقبرة الرشيد، بمشاركة محافظ الخليل كامل حميد، ووزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، وممثلي القوى الوطنية والإسلامية، وفعاليات ومؤسسات الخليل الرسمية والأهلية.

وقال جد الطفلة عبير في كملة ألقاها بعد مراسم التشييع، إن 'سلطات الاحتلال منعت حفيدته حتى من ملامسة أبيها في سجن بئر السبع، أثناء زيارتها له مؤخراً، وأصيبت إثر ذلك بحالة عصبية وصدمة، جراء وقوفها بشكل متواصل على شباك الزيارة، وعقب عودتها إلى المنزل تواصلت هذه الحالة معها وتطورت إلى أن أصيبت بالشلل'.

وزير الأسرى، قال: إن الأطفال يدفعون حياتهم، ويحرمون من طفولتهم وبرأتهم، جراء سياسة مصلحة السجون الإسرائيلية، التي لا تحترم الطفولة وتحرم الأطفال من رؤية ذويهم في المعتقلات، بهدف كسر إرادة هذا الجيل.

أما محافظ الخليل فنعى الطفلة الشهيدة اسكافي، وندد بإجراءات سلطات الاحتلال المتمثلة في منع أطفال الأسرى من احتضان آبائهم في الأسر.

فيما حمّل مدير نادي الأسير في محافظة الخليل أمجد النجار، حكومة الاحتلال مسؤولية ما حدث مع الطفلة السكافي، مطالبا المؤسسات الحقوقية والإنسانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بلعب دور أكثر فعالية  بالتخفيف من معاناة الأسرى وذويهم.

رحلت عبير حسرة على فراق والدها الأسير، وأملا في احتضانه وتقبيله ولمسة.. لكن هناك آلاف الأطفال في فلسطين يتوقون لملاقاة آبائهم الأسرى، ولسان حالهم يقول إلى متى ستستمر هذه المعاناة والحرمان.

لا تتوفر نتائج حالياً