المهجرون في مخيم الفوار يواصلون رواية 'النكبة'

الأحد 15 مايو 2011 03:07 م بتوقيت القدس المحتلة

المهجرون في مخيم الفوار يواصلون رواية 'النكبة'

 

الخليل - أمل حرب

دائرة شؤون اللاجئين - رسومات وشعارات عديدة عن حق العودة إلى الديار التي هجر سكانها منها إبان احتلال إسرائيل أراض فلسطينية عام 1948، تزين جدران مخيم الفوار جنوب الخليل على الطريق الواصل بين مدينة بئر السبع ومدينة الخليل.

تتصدر الرسومات خارطة فلسطين بالكوفية الفلسطينية يتوسطها مفتاح العودة، وهناك إشارة النصر والعلم الفلسطيني، وعلى الجهة المقابلة صبرة كبيرة بأشواكها وزهورها التي تحمل رموزا ومعاني كثيرة لسكان المخيم.

ولا يزال سكان المخيم يشعرون بالغربة والحنين إلى قراهم  جيلا بعد جيل.

كثير من القصص والحكايات المختلفة التي يمكن سماعها في المخيم ، خاصة من كبار السن الذين يصرون على إعادة روايتها كلما سنحت الفرصة، وذلك لتعليمها لابنائهم، وليوثقوا مآساة تهجيرهم من قراهم، ولكي لا ينسوا  النكبة التي حلت بفلسطين .. وليبقى حلم العودة هو الخيار الوحيد الذي يطرحونه.

لا تزال الحاجة عائشة محمد جبريل (80 عاما) تتغنى بعيشها في قرية عراق المنشية، التي تقع إلى الشمال الغربي من مدينة غزة، وعلى بعد 15 كيلومتر من قرية بيت جبريل، وقالت 'بلدنا مثل الجنة  بلد الخير... سهله مزروعة  بكل الخيرات والكروم ..خرجنا منها على عيونا ... وأجبرنا  على تركها ، وتقطعت أوصالنا وتشتتنا في كل البلاد ..لو البلاد تفتح لأروح مشي'.

واستذكرت الحاجة عائشة يوم هجروا من قريتهم، حيث حاصر اليهود القرية وجمعوهم في  ديوان كبير بالقرب من بيت المختار  الحاج خالد، وكان أحد سكان عراق المنشية يهودي يدعى 'البشيتي'  يفهم العبرية، اخبر المختار أن الجيش يريدون محاصرة القرية وضربها بالرصاص.

كما ذكرت أن اليهود كانوا يخيفون الناس، بإشاعة الإخبار حول المذابح، والتي كان يرتكبها الاحتلال في القرى المجاورة، والتي أثارت الرعب في باقي القرى حول اغتصاب النساء، وقتل الأطفال، والرجال.

وأردفت الحاجة عائشة، أن خروجهم من قراهم شهد اشتباكات بين مسلحين من القرية وعصابات اليهود، استشهد خلالها أربعة أشخاص من عائلتها .

كما أخبرت عن يوم الخروج 'خرجنا ، وتركنا كل شئ وراءنا.. لم  نأخذ  شيئا منها على أمل أننا سنبتعد عن المكان لمدة أسبوع أو  أسبوعين حتى تهدأ  الأوضاع ، أغلقنا أبواب بيوتنا وأخذنا  مفاتيحها معنا.. وما زلنا نحتفظ بها'.

وتابعت حديثها حول زيارتها لقريتها  عراق المنشية، التي قامت بها من خلال رحلة عائلية ' عرفت أولادي وأحفادي  بمكان بيتنا في قريتنا  التي دمرها اليهود لإخفاء معالمها، ولكن الشجر والبساتين مازالت كما هي...عندما زرت القرية طار قلبي .. صرت ازغرد وابكي في نفس الوقت، وانشدت: فلسطين بلادنا وإحنا بناها  مثل ألام ترأف على بناها..  فلسطين ما بتروح  ولا بننساها..  تخسى دولة  باسم اليهود'.

وأكدت  أنها تعزز مفهوم حق العودة في الجيل الجديد عن طريق سرد ورواية حكايات التشرد والعذابات التي ألمت بهم عام النكبة، وتزرع في نفوسهم وتذكرهم بحقولهم وبساتينهم وأملاكهم التي حرموا منها، وترسخ في أذهانهم حتمية العودة مهما طال الزمان، لكي تسقط مقولة الصهاينة 'أن الكبار يموتون، والصغار ينسون'

 وتعلمهم أيضا  أن وجودهم في هذه المخيمات مؤقت، وان حق العودة حق مقدس، ولا يمكن أن نساوم عليها، رافضة أي حلول من شانها التنازل عن أراضيهم التي هجروا منها عنوة.

من جانبه، قال مختار مخيم الفوار الحاج  حسين محمد عوض (80 عاما)، اللاجئ من قرية صموئيل في قطاع غزة 'خرجنا في واحد رمضان 1948، هجم اليهود على القرى المجاورة وصولا  لقريتنا والتي سقط منها  حوالي خمسة شهداء، وبقي فيها سبعة من كبار السن  قاموا بقتلهم جميعا من بينهم واحد اخرس كما اذكر'.

 وقال 'كنا فلاحين نزرع كل الخضراوات، والشعير، والذرة، رغم فقرنا كنا مبسوطين بأرضنا، نعيش بسلام مع أهلنا، والآن فرقتنا النكبة وأصبحنا مشتتين في مخيمات الشتات'.

وتابع: 63 عاما على النكبة، فكر العالم أننا نسينا أراضينا وقرانا، إلا إننا نعلم أولادنا وكل جيل جديد أننا نقيم في مخيمات المنفى، إلى أن نعود إليها.

وتذكر عوض يوم خروجه من القرية وقال 'هاجرنا وكان عمري 10 سنوات، وبعد أن قطعنا أكثر من 3 كيلومتر، تذكرت  زوجة عمي أنها نسيت ابنها  في سريره، وكان إطلاق النار كثيفا ورجعت إلى البيت، بيت العيلة الكبير وكان صوت الحمام والصيصان يعم المكان، حيث ترك الولد السرير مبتعدا عنه وهو يبكي، أخذت الطفل واعدته إلى أمه .... وكبر الطفل وصار فدائيا واستشهد في لبنان'.

 ووصف العيشة في المخيم بالمنفى والغربة، وقال 'لا يوجد مقارنة بين عيشتنا في قرانا التي هجرنا منها وعيشة المخيم ، فنحن ننام ونصحو على حلم العودة'.

وقال عضو اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم الفوار عادل غنايم لـ'وفا': حتى بعد  مرور 63 عاما على النكبة، اللاجئ الفلسطيني لم ينس أرضه ولا يمكن أن يرضى بغير حق العودة، والرجوع إلى الأرض التي شردنا منها،هذا حلم كل لاجئ فلسطيني.. فحتمية الرجوع راسخة في أذهان كل اللاجئين جيلا بعد جيل، وهو حلم وحق مقدس حتى لو تحسنت أوضاع اللاجئين المعيشية فالعودة تبقى هي حلمه، ووجودنا في المخيمات ما هو ألا وجود مؤقت حتى الرجوع إلى أراضينا'.

لا تتوفر نتائج حالياً