مواطنو البقعة والبويرة.. إصرار على الصمود رغم عبث المحتل

الإثنين 27 يونيو 2011 10:35 م بتوقيت القدس المحتلة

مواطنو البقعة والبويرة.. إصرار على الصمود رغم عبث المحتل

 

الخليل – جويد التميمي

دائرة شؤون اللاجئين - 'شيدت قبرا لي بمحاذاة بيتي كي لا أرحل عنه حتى بعد موتي'...، 'ولو تحت عرق زعتر بنعيش وما بنرحل'...،'التخريب لا ولن يرهبنا بل سيزيدنا تشبثا بأرضنا'، كلمات رددها عدد من مواطني منطقتي البقعة والبويرة شرق مدينة الخليل، تعقيبا على تدمير سلطات الاحتلال اليوم الإثنين، لأنابيب المياه والمزروعات في المنطقتين، ما كبدهم خسائر فادحة.

منطقتا البقعة والبويرة، اللتان تعدان أخصب أراضي محافظة الخليل وسلتها الغذائية، مهددتان  دائماً بالاستيلاء عليهما من قبل الاحتلال ومستوطنيه، ويتعرض المواطنون فيهما باستمرار لاعتداءات ومضايقات مستمرة من قبل الاحتلال ومستوطنيه، كان آخر هذه الاعتداءات اليوم، حيث داهمتهما قوات الاحتلال وعاثت فيهما فسادا وتخريبا كي تحرم المواطنين العزل جني ثمارهم وحصاد تعبهم وكدهم خلال العام المنصرم في الزراعة.

المواطن موفق جابر (45 عاماً) قال أثناء احتجازه من قبل الشرطة الإسرائيلية 'إن قوات الاحتلال المدججة بالسلاح، ترافقها الشرطة الإسرائيلية وما يسمى بالإدارة المدنية، تعمدت اليوم وبآلاتها الثقيلة كما في السنوات الماضية، تخريب مزروعاتنا واعتدت على ممتلكاتنا الزراعية ما تسبب في تدمير كميات كبيرة منها'.‏‏

وبمرارة وحرقة، أضاف: 'كنت سأجني ثمار تعبي خلال العام الماضي في غضون أيام، لكن الاحتلال سبقني بالحصاد، فالخراب أصبح يعم المكان....والحمد لله ..سنبقى صامدين في أراضينا، فأنابيب المياه ليست رابطنا الوحيد بأرضنا'

أما الدكتور سفيان سلطان ، من كبار المزارعين في البقعة، فقال: 'أكثر من 3000 دونم يهددها الاستيطان في منطقتنا، وهي أخصب أراضي الخليل وأفضلها للزراعة، إن رحلنا وتركناها سيصبح المدخل الشمالي الشرقي لمدينة الخليل جله تحت قيد الاحتلال ومستوطنيه.

وأشار إلى أن عددا لا بأس به من الوزراء والمحافظين وأعضاء التشريعي، زاروا منطقتي البقعة والبويرة، ووعدوا أهلها بمساعدتهم وشق الطرق لتسهيل عبورهم إلى مزارعهم، إلا أن هذه الزيارات لم تثمر وبقي الحال على ما هو عليه.

وأضاف سلطان: إن اعتداءات المستوطنين على مزرعته التي توارثها عن آبائه وأجداده منذ مئات السنين لن تثنيه عن زراعتها والمحافظة عليها، قائلا  'إن قطع أشجار الكرمة من قبل زمرة من غلاة المستوطنين الذين تدفع لهم حكومتهم الأجر مقابل التخريب لا ولن يرهبنا بل سيزيدنا تشبثا فيها لأننا أصحاب حق وملكيتها بأيدينا فجميع أوراقها الثبوتية نحتفظ بها والطابو التركي يشهد بذلك'.

فيما تعاني الحاجة ردينة بدر جابر (50 عاماً)، لعدم وجود مدرسة في منطقتها تأوي أطفالها، وقالت، وقد بدت علامات الحزن والقلق على محياها، 'أبنائي في خطر دائم لأنهم يقطعون الطريق الالتفافي رقم 60 عند ذهابهم إلى مدارسهم، وإن هذه الطريق يرتادها مستوطنون مدججون بالسلاح لا يفرقون بين طفل أو كهل أو امراة'.

وأضافت: هدمت سلطات الاحتلال بيتي ثلاث مرات، واعتداءات الاحتلال ومستوطنيه علينا أشبه بأفلام 'الأكشن'، فنحن نزرع وهم يقلعون، نعمر وهم يحرقون، لكننا صامدون، 'ولو تحت عرق زعتر بنعيش وما بنرحل'، قالت الحاجة جابر.

ويصف المواطن حسن جابر (47 عاما)، الحياة التي يعيشونها في المنطقتين، بالقول: 'نحن نعيش في كرة نارية وين ما تلف بتحرق، الاحتلال من جهة ومستوطنوه من جهة أخرى.

وأضاف: 'أنا عندي عربه بجرها حمار وإذا بدي أنزل على سوق الخضار في الخليل على سبيل المثال يرغمني الاحتلال  أن أفصل الحمار عن عربته في عدة مناطق قبل وصولي الى المدخل الشمالي الشرقي للخليل، فذهابي لوسط الخليل رحلة معاناة لا تصدق، ومحفوفة بالمخاطر'.   

وتابع: أقطن في هذه المنطقة منذ عام 1964، هدم الاحتلال بيتي، وأعدت تشيده من جديد، كما العديد من البيوت التي هدمت وأعاد أصحابها تشييدها، 'وأنا بدوري قمت بتشييد قبر لي بمحاذاة بيتي كي لا أرحل عنه حتى بعد موتي'. 

أما خبير الخرائط والاستيطان عبد الهادي حنتش فقال : إن الاحتلال يسعى دائما لضرب البنية الاقتصادية للمواطنين الفلسطينين، بحجة الحفاظ على 'أمن المستوطنين'، من خلال تقييد حركتهم  ومنعهم من استغلال أراضيهم التي توارثوها أبا عن جد من مئات السنين.

وأوضح أن 1000 مواطن في البقعة، والمئات في البويرة، يعتمدون على الزراعة، وخاصة 'الكرمة'، يعانون جراء مداهمة الاحتلال ومستوطنيه لمزارعهم وتخريب شبكات الري ومصادرتها، واقتلاع مزروعاتهم وأشجارهم .

وبين أن عمليات التجريف وهدم السلاسل والجدران الاستنادية للأراضي المحاذية لمستوطنتي 'خارصينا' و'كريات أربع'، مستمرة، كما يسعى الاحتلال من خلال تسييج أراضي المواطنين الى ربط المستوطنتين ببعضهما.

وأضاف حنتش: أن عمليات التجريف التي حدثت في الآونة الأخيرة بمنطقتي البقعة والبويرة تؤكد أن سلطات الاحتلال تهدف إلى محاصرة مواطني البويرة الذين يعانون أصلا جراء إجراءات الاحتلال المعقدة عند دخولهم إليها.

وطالب حنتش المؤسسات الدولية والحقوقية، بالوقوف إلى جانب هذه العائلات التي ما زالت متمسكة بأراضيها رغم تهديدات الاحتلال ومستوطنيه لتثبيتهم فيها، وشدد على أهمية تزويدهم بالخدمات الحياتية، وعمل بنية تحتية، وفتح الشوارع، لتسهيل دخولهم لمزارعهم، وإنشاء المدارس والعيادات الصحية على أن تقدم خدماتها مجانا للمواطنين، كمساهمة بسيطة في تعزيز صمودهم لبقائهم في أراضيهم والمحافظة عليها من عبث الاحتلال ومستوطنيه.

لا تتوفر نتائج حالياً