الحاج خليل من خيمة اللجوء إلى خيمة التشرد وما زال يحلم بالعودة لبئر السبع

السبت 14 يوليو 2018 01:04 م بتوقيت القدس المحتلة

الحاج خليل من خيمة اللجوء إلى خيمة التشرد وما زال يحلم بالعودة لبئر السبع

ما زال الحاج الستيني خليل حمد يعيش في خيمة أقيمت على أنقاض منزله الذي دمر خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أواخر عام 2008، ليعيش المأساة ذاتها التي عاشها عام 1948 عندما هجر قسرا من مدينة بئر السبع في النقب إلى القطاع.

وتربى الحاج حمد عند هجرة ذويه في خيمة إلى جانب خيام أخرى أقامتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة لتتطور شيئا فشيا خلال أعوام وتصبح منازل تصلح للسكن ولو بأدنى مقومات الحياة.
ومنذ الحرب التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في 27 ديسمبر عام 2008 والتي استمرت أكثر من

22 يوما، مازال الحاج حمد يعيش في خيمة إلى جانب مئات الخيام التي أقامتها الوكالة الدولية أيضا لمن دمرت منازلهم خلال الحرب.

ويقول الحاج حمد، 'هجرنا مرتين الأولى كانت في عام 1948 والثانية في الحرب على قطاع غزة بعد تدمير منزلي  هذه حياة الفلسطيني لا يوجد بها استقرار'.

ويضيف 'هو ظلم الاحتلال حرمنا من أراضينا في بئر السبع ولم يكتف بذلك ليحرمنا مرة أخرى منزلا بالكاد يحقق متطلبات الحياة الإنسانية في المخيم'.

وفي أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، استقر 35 ألف لاجئ في مخيم جباليا معظمهم كانوا قد فروا من القرى الواقعة جنوب فلسطين، وفق إحصائيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

واليوم، فإن حوالي 108 آلاف لاجئ مسجل يعيشون في المخيم الذي يغطي مساحة من الأرض تبلغ فقط 1.4 كيلومتر مربع، وهو يعكس طابعا حضريا، لكنه مكتظ بالسكان بدرجة كبيرة الأمر الذي يشكل أحد هموم القاطنين فيه.

وليس ببعيد عن خيمة اللجوء الثانية التي يعيش فيها الحاج حمد وأولاده وأحفاده، ما زال منزل قيد الإنشاء أقيم مكان المنزل الذي هدم على قوات الاحتلال ينتظر رفع الحصار عن قطاع غزة بعد اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي وقع في الرابع من ايار/مايو الجاري لدخول مواد البناء ليحتضن العائلة المنكوبة للمرة الثانية.

ويقول الحاج حمد، 'فرحنا كثيرا باتفاق المصالحة الذي سيعيد بالأساس الوحدة الوطنية لشعبنا، وسيعمل كذلك على إدخال مواد البناء لإعادة إعمار قطاع غزة'، معربا عن أمله أن يشمل ذلك منزله الذي لم يستطع إكمال بنائه إلى حد الآن.

لكن الحاج حمد يشدد على أن منزله الواقع في أطراف مخيم جباليا 'لن يكون بديلا عن منزله في مدينة بئر السبع مسقط رأسه وآبائه، معتبرا أنه مؤقت إلى حين تحقيق حل عادل لقضية اللاجئين'. 

ويشير الحاج حمد وهو جالس في خيمته بين أبنائه وأحفاده، 'هجرت من السبع عندما كان عمري ثمانية سنوات، والآن التاريخ يعيد نفسه لذات المشهد لكن الفرق أنني كنت حينها طفل والآن جد'.

وتعتبر بئر السبع أكبر مدن منطقة النقب الصحراوية حيث تسمى أحيانا 'عاصمة النقب' وهي المركز الإداري والتجاري لمحافظة الجنوب الإسرائيلية، التي تمتد جنوبا حتى مدينة إيلات).

ويستذكر الحاج حمد منزل والده الذي ترعرع فيه إلى سن الثامنة في بئر السبع، وطردهم من قبل العصابات الصهيونية التي استولت عليه ليستقر به الحال في خيمة بمخيم للاجئين.

ويشير بيده شرقا وهو يقول بمرارة، 'البيت يبتعد عني قرابة 60 كيلو متر، أشتاق إليه جدا وأحن إلى شجر الزيتون الذي كان مزروعا فيه وحوله'.

ويضرب الحاج حمد كفا بكف ودمعة حزن تذرف من عينه قائلا، ' أخشى أن تلك الأيام الجميلة لن تتكرر أبدا'، لكنه يعود فيبتسم قليلا ويقول، 'ما زال الأمل موجود وإن لم أستطع العودة فلا بد أن يعود أبنائي أو أحفادي يوما إلى هناك حيث دفن جدي، وأراضينا الخصبة'.

ويضيف الحاج حمد بعبارات من التحدي 'بلادنا فلسطين احتلها العديد من الغزاة والمحتلين ولكن جميعهم رحلوا وتركوها وبقي أصحابها الأصليين، والاحتلال الإسرائيلي حتما إلى زوال لأنه باطل ونحن سننتصر بالنهاية لأن هذه الأرض فيها أرواح أجدادنا'.

ووفقا للتعريف العملي (للأونروا) فإن اللاجئين الفلسطينيين هم أولئك الأشخاص الذين كانوا يقيمون في فلسطين خلال الفترة ما بين حزيران/يونيو عام 1946 وحتى أيار/مايو عام 1948، والذين فقدوا بيوتهم ومورد رزقهم نتيجة حرب 1948.

ويمثل اللاجئون ثلثي سكان قطاع غزة البالغين مليون ونصف نسمة، ويلاحظ، رغم تركزهم داخل مخيمات اللجوء، مدى الانصهار الكبير بينهم وبين المواطنين الأصليين للقطاع كما في الضفة الغربية.

ووصل عدد اللاجئين الفلسطينيين حاليا نحو 4.3 مليون لاجئ فلسطيني يعيش معظمهم في 52 مخيما في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، والأردن، وسورية، ولبنان.

وتتولى (الأونروا) تقديم الخدمات لكافة أولئك اللاجئين المسجلين لديها ويقيمون في مناطق عملياتها، كما أن ذرية أولئك اللاجئين الأصليين يستحقون أن يتم تسجيلهم في سجلات الوكالة.

ويشدد الرئيس محمود عباس، على أن القيادة الفلسطينية 'لن تفرط أبدا بحق عودة اللاجئين '، مؤكدا على أن 'الوطن هو وجهتنا الأخيرة'.
ويظل ملف اللاجئين وحق العودة الذي تصر عليه القيادة الفلسطينية وترفضه إسرائيل أكثر ملفات عملية السلام تعقيدا رغم قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار 194 .

يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تبنت قرار 194 في كانون أول/ ديسمبر من العام 1948 ويقضي بـ'وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة إلى بيوتهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى بيوتهم، وعن كل مفقود أو مصاب بضرر.'

وكانت الأمم المتحدة تجدد قلقها حول عدم تنفيذ القرار كل عام تقريبا، ولكنها لم تتخذ أي خطوات عملية لتنفيذه. 

لا تتوفر نتائج حالياً