خبر : كلمة المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني خلال المنتدى العالمي للاجئين

الأحد 17 ديسمبر 2023 09:36 ص بتوقيت القدس المحتلة

كلمة المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني خلال المنتدى العالمي للاجئين
دائرة شؤون اللاجئين -17/12/2023- أصحاب الجلالة والمعالي والسعادة،

السيدات والسادة،

وصلت إلى جنيف الليلة الماضية، مباشرة من غزة.

كانت تلك زيارتي الثالثة لغزة منذ بدأت فيها الحرب المدمرة.

لا بُدّ لي من القول بأنها الجحيم بذاته.

تم تهجير معظم سكان غزة قسرا، معظمهم الى الجزء الجنوبي من القطاع، رفح.

وتستضيف رفح الآن أكثر من مليون شخص، والتي كانت في السابق موطنا لـ 280,000 شخص.

وهي تفتقر للبنية التحتية والموارد اللازمة لدعم هكذا عدد من السكان. 

تعيش العائلات داخل مستودعاتنا في مساحات صغيرة مفصولة ببطانيات معلقة على هياكل خشبية رفيعة.

أما في العراء، فقد ظهرت ملاجئ رديئة في كل مكان. 

أصبحت رفح مجتمع الخيام.

المساحات المحيطة بمباني الأونروا فهي مزدحمة بالملاجئ والأشخاص اليائسين والجائعين. 

لم يعد بالإمكان إيصال المساعدات إلى أولئك الذين لم يتمكنوا من الانتقال إلى الجنوب.

ولا يوجد طعام من أجل شرائه، حتى بالنسبة لأولئك الذين يملكون المال.

الرفوف فارغة في المتاجر.

إن مشهد شاحنة تحمل مساعدات إنسانية يثير الفوضى الآن، فالناس جائعون. إنهم يوقفون الشاحنة ويطلبون الطعام ويأكلونه في الشارع. لقد شهدت هذا بنفسي عندما دخلت غزة مساء يوم الإثنين.

إن وصف مثل هذه المشاهد بأنها غير إنسانية هو تبسيط مخل بالحقيقة.

إن النظام المدني ينهار.

إن الناس في غزة محشورون الآن في مساحة أقل من ثلث الأراضي الأصلية، بالقرب من الحدود المصرية.

من غير الواقعي الاعتقاد بأن الناس سيظلون صامدين في مواجهة ظروف غير صالحة للعيش بهذا القدر.

خاصة عندما تكون الحدود قريبة جدا.

أصحاب الجلالة والمعالي والسعادة،

أرسلت خطابا إلى رئيس الجمعية العامة الأسبوع الماضي محذرا من أن قدرة الأونروا على الوفاء بولايتها في غزة محدودة للغاية.

تعتمد الاستجابة الإنسانية برمتها في غزة اعتمادا كبيرا على قدرة الأونروا.

وهي الآن على وشك الانهيار.

لا تزال الأونروا تدير 8 مراكز صحية، من أصل 22 مركزا.

ونحن نؤوي أكثر من مليون شخص في مدارسنا ومنشآتنا الأخرى.

يدعم الأخصائيون الاجتماعيون لدينا الأشخاص المصابين بصدمات نفسية بأفضل ما في وسعهم.

وما زلنا نوزع أي مساعدات غذائية نتمكن من ادخالها، ولكن هذا غالبا ما يكون قليلا جدا بما يعادل زجاجة ماء وعلبة تونة يوميا، لكل أسرة، والتي غالبا ما يبلغ عددها 6 أو 7 أشخاص.

إن هذا الواقع التشغيلي غير مستدام، بالتأكيد ليس بالنسبة للسكان ولا للوكالة.

تأكد مقتل أكثر من 130 من موظفي الأونروا.

إن العديد من موظفينا، الذين هم أنفسهم نازحون، يأخذون أطفالهم للعمل معهم لضمان أنهم آمنون أو ليتمكنوا من الموت معا.

سألت أحد الزملاء كيف تمكن من البقاء ثابتاً ومواصلة تقديم المساعدة في ملجأ. أخبرني أنه يبحث عن زاوية في المبنى للبكاء 10 مرات في اليوم.

أصحاب الجلالة والمعالي والسعادة،

لا يوجد مكان لتشعر بالأمان في غزة.

لم تسلم البنية التحتية المدنية ومنشآت الأمم المتحدة من القصف.

لقد شعرت بالرعب بعد رؤية الصور يوم أمس لمدرسة تابعة للأونروا يجري تفجيرها في شمال غزة.

ينفد الوقت وكذلك تنفد الخيارات أمام سكان غزة، حيث يواجهون القصف، والحرمان، والمرض في مساحة تتقلص باستمرار.

إنهم يواجهون أحلك فصل في تاريخهم منذ عام 1948.

وقد كان تاريخا مؤلما.

تجري الأحداث في غزة على خلفية 75 عاما من النزوح.

75 عاما من الفشل في إيجاد حل عادل ودائم لمحنة لاجئي فلسطين.

خلال هذه الفترة، فقد حرموا من حقوقهم الإنسانية الأساسية وحقهم في تقرير المصير. 

وفي جميع أنحاء المنطقة، لا يزال العديد منهم يعيشون في مخيمات اللاجئين المكتظة مع ظروف معيشية متدنية ودون المستوى، جيلا بعد جيل. 

على مدى السنوات الـ 75 الماضية، طلب العالم من الأونروا دعم حقوق لاجئي فلسطين.

وقد فعلنا ذلك بنجاح، وساهمنا في تنميتهم وفي شعورهم بالاستقرار قدر الإمكان. 

لقد تخرج أكثر من 2 مليون طالب وطالبة من مدارسنا، نصفهم من الفتيات. 

وتتجاوز المؤشرات الصحية في أوساط مجتمع اللاجئين هذا معايير منظمة الصحة العالمية. 

ولكن اليوم، وعلى الرغم من نجاحاتنا، تعاني الأونروا من نقص مزمن في التمويل مما يؤثر على جودة خدماتنا.  

إن الحفاظ على حقوق اللاجئين ليس فقط مسؤولية الجهات الفاعلة الإنسانية والإنمائية. فهي مسؤولية مشتركة مع المانحين والبلدان المضيفة. 

وأود أن أشكر هنا البلدان التي استضافت، على مدى العقود الـ 7 الماضية، ملايين من لاجئي فلسطين. 

كما أشكر شركائنا والمانحين على دعمهم وثقتهم. 

لكن لاجئي فلسطين بحاجة إلى حل عادل، وليس مجرد مساعدات. 

يشعر لاجئو فلسطين اليوم بأن المجتمع الدولي تخلى عنهم.

إنهم يشعرون بالخيانة لأن العالم لا يتصرف في مواجهة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في عصرنا في غزة. 

وهم يعتقدون الآن أن حياة البشر ليست متساوية وأن حقوق الإنسان ليست عالمية. 

هذه رسالة خطيرة للغاية وسيكون لها تداعيات خطيرة.

أصحاب الجلالة والمعالي والسعادة، 

يمثل المنتدى العالمي للاجئين الإرادة السياسية للمجتمع الدولي لتأكيد حقوق الإنسان لجميع الأشخاص الفارين من الحروب والأزمات الأخرى.

وسواء كانوا سوريين، أو صوماليين، أو أفغان، أو فلسطينيين، فإن معالجة محنة اللاجئين والتمسك بحقوقهم تتطلب الإرادة السياسية لمعالجة الأسباب الجذرية لنزوحهم.

غالبا ما يبقى اللاجئون في هذا الوضع لفترة طويلة جدا.

وهذا لا يقتصر على لاجئي فلسطين. 

يظل جميع اللاجئين لاجئين حتى يحصلوا على تغيير في وضعهم أو يكتسبون الجنسية أو يعودون إلى بلدانهم الأصلية.

تمثل كل من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والأونروا المسؤولية جماعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة تجاه اللاجئين. 

إن سكان غزة، مثله مثل جميع الناس، يتوق إلى السلامة والاستقرار وتحقيق الإنجازات.

وهذا هو أيضًا المنتدى الذي يجب أن أدق فيه ناقوس الخطر بشأن التجريد من الإنسانية المتفشي خلال هذه الحرب.

تعتمد الحرب في غزة أيضا بشكل كبير على حرب إعلامية.

لا ينبغي اعتبار اللغة المهينة واللا إنسانية أمرا عاديا. 

إن الافتقار إلى التعاطف لن يؤدي إلا إلى تأجيج الانقسام، والاستقطاب، والكراهية.  

أشعر بالرعب من حملات التشهير التي تستهدف الفلسطينيين وجميع من يقدمون لهم المساعدة والحماية. 

يجب أن يساعدنا شركاؤنا الحاضرون هنا في التصدي للكراهية وفضح الاتهامات المبتذلة المتكررة.

من المحبط أن بعض الشركاء القدامى يختارون تصديق وابل المعلومات المضللة التي تسعى إلى تشويه سمعة الأونروا.

أحث شركاءنا على أن يظلوا يقظين، وألا يتصرفوا بناء على الحقائق المشوهة.

لدي، أصحاب الجلالة والمعالي والسعادة،  ثلاث نداءات اليوم.

أولاً: نحن بحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار للأغراض الإنسانية في غزة وإنهاء الحصار للسماح بدخول المساعدات الكافية. وهنا أرحب بالدعم الساحق من 153 دولة عضو في الأمم المتحدة اعتمادها قراراً في الجمعية العامة بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.  

ثانياً: يجب أن نكون قادرين على توفير وتقديم المساعدات الإنسانية بالشكل الذي يجعلها جديرة باسمها. يجب أن يكون الدعم مجديا.

إن اليوم التالي للحرب في غزة سوف يتشكل من خلال كيفية استجابتنا للأزمة الحالية.

ماذا يمكن لـمئة شاحنة أو ما يقرب من هذا العدد يوميا أن تقدم لـ 2.2 مليون شخص؟

لقد استغرقت المناقشات رفيعة المستوى حول عدد الشاحنات يوميا الكثير من الوقت والطاقة لدرجة أنني لم أجد إجابة لأب لخمسة أطفال في رفح سألني كيف يمكنه هو وأطفاله البقاء على قيد الحياة على علبة واحدة من البقوليات لمدة ثلاثة أيام.

نحن بعيدون جدا عن الاستجابة الإنسانية الكافية.

ثالثاً: بشكل جماعي، يجب أن نضمن أن القانون الإنساني الدولي لا يزال الإطار الناظم للنزاع. لا يمكن أن يكون انتقائيا أو "قابلا لإعادة التفسير".

وختاماً، فقد أُهمل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لفترة طويلة جدا. ولا بد من إحياء العملية السياسية على وجه الاستعجال.

وليس هناك بديل عن عملية سياسية حقيقية لإنهاء دائرة العنف. 

يجب أن يتمتع كل من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء بدولة وسلام واستقرار. 

وسيتطلب ذلك بذل جهود مكرسة لمساعدة كلا المجتمعين على التعافي والعيش جنبا إلى جنب.

شكرا لكم جميعا.

لا تتوفر نتائج حالياً