حرب أبنية على جبهة الجبال

السبت 10 سبتمبر 2011 11:04 م بتوقيت القدس المحتلة

حرب أبنية على جبهة الجبال

 

حرب أبنية على جبهة الجبال

العقبة (غور الأردن) - رشا حرزالله

دائرة شؤون اللاجئين -  تقود الأميركية دونا برانسكي التي تشغل حاليا منصب رئيسة جمعية تآلف من أجل إعادة الإعمار حملة هي الأولى من نوعها في الأرض الفلسطينية منذ العام 1967 عبر إعادة مهجرين غادروا قريتهم عشية حرب النكسة.

وهنا في هذه المنطقة الجبلية المنحدرة بقسوة نحو الشرق، تقود هذه المرأة بمساعدة مملوين ومعماريين حرب بناء في المناطق المحرمة، التي يحظر فيها الاحتلال البناء، وهو تحد إذا نجح سيعني 'كسر ظهر' قاعدة يطبقها الاحتلال لمحاصرة الفلسطينيين.

وبارانسكي تعمل على كسر السياسة الإسرائيلية التي تمنع البناء في مناطق(ج) من خلال البدء في بناء عدة منازل قرية العقبة الواقعة على بعد سبعة كيلومترات شرق محافظة طوباس.

وقرية العقبة التي تقع على السفوح الشرقية للضفة الغربية وتحفل بمحيط جبلي يأخذ الآلباب، واحدة من القرى المهددة بالهدم في الأرض الفلسطينية.

وسبق وأن هدم الجيش الإسرائيلي فيها منازل وجرف شوارع، ومعظمها مولت من الحكومة الفلسطينية ومن حكومات غربية ومنظمات دولية.

 في المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية أو ما تعرف بمنطقة 'ج'، هناك حلم لبارانسكي لإعادة ما يقارب 700 مواطن هجروا من القرية نتيجة السياسة التي تتبعها سلطات الاحتلال، من تضييق الخناق على ساكنيها ومنعهم من البناء والتوسع في أراضي القرية، وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة فيها بعد أن أعلنتها منطقة عسكرية مغلقة، وأقامت على أراضيها معسكرات ومراكز لتدريب جنود الاحتلال الإسرائيلي.

كان حلم هذه الأميركية التي وصلت إلى الأرضي الفلسطينية قبل أسابيع للبدء بهذا العمل بدأ بمساعدة سكان القرية ببناء روضة للأطفال.

وقالت 'من هنا كبر الحلم ليشمل بناء منازل بمواصفات تتلاءم واحتياجات المواطنين، خاصة من الناحية المادية حيث يسهل على المواطن في قرية العقبة بناء منزل مستقل بمساحة 119مترا، مقابل100 دولار شهريا، وفي حال تم تدمير أي منزل سيتم إيقاف المشروع وتتحمل المؤسسة تبعات هذا الموضوع'.

وعمليا هذه مجازفة محفوفة بالمخاطر، إذ ليس من الوارد أن تسكت السلطات الإسرائيلية على كسر هذا الحظر التي تنتهجه وتمنع الفلسطينيين من إقامة أي مظهر من مظاهر البنية التحتية في المناطق المصنفة (ج) حسب اتفاقات 'أوسلو'.

وتعمل دونا عبر زياراتها المتكررة للكونغرس والمجالس الأميركية تغيير الفكرة الراسخة في ذهن الحكومة الأميركية، وكسب تأييدها للشعب الفلسطيني.

ويسكن العقبة حاليا -وهي أصغر قرية في منطقة الأغوار من حيث عدد السكان والمساحة- ما يقارب ثلاثمائة مواطن فلسطيني، وقد صدر بحقها عدة قرارات بالهدم منها مسجد القرية، والمدرسة، العيادة الصحية.

تحاول برانسكي الآن ومن خلال مشروع 'نبني لنبقى' الذي سيبدأ تنفيذه في الفترة المقبلة عبر بناء 20 منزلا لمواطنين من خلال مشروع إستثماري، كما أعلن رئيس المجلس المحلي لقرية العقبة سامي صادق موافقة رئاسة الحكم المحلي على البناء، وذلك بعد أن قالت السلطة الوطنية أن ليس هناك ما يسمى بمنطقة 'أ.ب.ج'.

ومن المفترض أن يقوم ممولون من أنحاء العالم بمساعدة السكان على البناء دون أن يتحمل مواطنو القرية أي تبعات مالية في حال هدمت منازلهم.

يذكر أنه سقط في العقبة ما يقارب 50 مواطنا بين شهيد وأسير وجريح ومن بينهم رئيس المجلس الذي أصيب بإعاقة دائمة نتيجة إصابته بثلاثة أعيرة نارية عام 1971 من قبل قوات الاحتلال، أبقته حبيسا لكرسيه المتحرك.

وتحتاج قرية العقبة إلى مخطط هيكلي، وتقدم المجلس المحلي بأكثر من مرة بطلب تراخيص بناء في القرية إلا أن السلطات الإسرائيلية رفضت ذلك، فلا يوجد مصدر مياه في القرية، والأهالي يشترون كوب الماء بـ20 شيقل.

وحصلت العقبة على تأييد رسمي وشعبي واستطاعت من خلال الحملة الإعلامية التي يقوم بها أهالي القرية واستطاعت أن تحصل على 250 ألف رسالة إعلامية من مختلف الدول، تؤيد ما يقوم به سكان العقبة من تحديات لمخططات الاحتلال.

وحسب صادق، فإن هناك إعداد لبناء نحو 50 وحدة سكنية، لإعادة توطين سكان القرية الذين هجروها عشية حرب النكسة.

وهذا المشروع الذي سيعكس قدرة المجالس المحلية والمؤسسات الدولية على قدرتها على الاستمرار وتحدي القرارات الإسرائيلية، هو تحد فريد من نوعه في الأرض الفلسطينية، عبر البناء الجماعي، رغم حظر السلطات الإسرائيلية البناء.

وتظهر بوسترات علقت داخل مقر جمعية نسوية في القرية، نماذج جميلة لأبنية صغيرة، من المفترض أن تظهر بعد وقت كأبنية حقيقة على أرض الواقع، لكن ليس من المعروف أن تعيش هذه الأبنية الخراسانية عمرا طويلا، إذا ما قرر الاحتلال هدمها.

وقال مهندس شارك في تصميم هذه المباني 'هذه لحظة تاريخية..البيوت جملية'.

لا تتوفر نتائج حالياً