فلسطينيو 1948 واقع وتحديات

السبت 04 أغسطس 2018 07:14 م بتوقيت القدس المحتلة

فلسطينيو 48 

لمحة عامة

فلسطينيو 48 هم جزء أصيل من الشعب العربي الفلسطيني، وهم جزء من سكّان فلسطين التاريخية، الذين تسنّى لهم البقاء ضمن حدود الهدنة عام 1949م في البلاد، وحافظوا على كيانهم وهويتهم الوطنية. كان عددهم لا يتجاوز 120 ألف نسمة في حينه؛ بينما هجّر نحو 80% من أخوتهم من أهل فلسطين إبان النكبة عام 1948؛ إذ اقتلعوا من قراهم ومدنهم، وشُرّدوا في بقاع الأرض، واحتلّوا هامش المجتمعات التي أقاموا بين ظهرانيها، لاجئين أو مقيمين أو مواطنين.

فلسطينيو 1948 هم الجزء الحي من الشعب الفلسطيني، الذين ما زالوا شوكة في حلق الاحتلال صامدين في قراهم ومدنهم وأحيائهم، رغم كل محاولات الاقتلاع والإقصاء والتهميش والإنكار التي  مارستها السلطات الإسرائيلية بحقهم منذ عام1948 حتى اللحظة؛ فلم يرضخوا، ولم يستسلموا. تمسكوا بأرضهم فقدموا الشهداء "يوم الارض" عام 1976؛ تمسكوا بمقدساتهم، فكانوا في طليعة المدافعين عن المسجد الأقصى والمواجهين للمخططات التهويدية في القدس المحتلة؛ خرج من بين ضهرانيهم شعراء المقاومة (محمود درويش، وسميح القاسم، وتوفيق زياد). عددهم اليوم (سنة 2018م) يزيد عن مليون وربع المليون؛ أي ما يقارب 20% من سكان إسرائيل.

يواجه فلسطينيو 1948 تمييزاً عنصرياً شاملاً مخططًا له في غالبية المجالات الحياتية في إسرائيل؛ إذ تفتقر الكثير من تجمعاتهم السكانية إلى الخدمات الصحية، والتربوية، والبنى التحتية الأساسية؛ وترتفع نسبة الفقر وتتفشى البطالة بينهم. وينظر صنّاع القرار في إسرائيل إلى السكّان العرب بصفتهم أقليّة؛ ومواطنون من الدرجة الثانية.

فلسطينيو 48 والقوانين الإسرائيلية العنصرية

بعد مرور أكثر من ستين عاماً على نكبة عام 1948، باتت الأقلية العربية داخل الخط الأخضر في مواجهة تحديات هامة، في مقدمتها دعوة بعض الإسرائيليين- وعلى رأسهم وزير الخارجية الإسرائيلي العنصري أفيغدور ليبرمان- إلى طرد أكبر عدد ممكن من العرب الفلسطينيين في داخل الخط الأخضر إلى الضفة الغربية أو إلى خارج حدود فلسطين التاريخية، كما دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى طرد الأقلية العربية من إسرائيل، وسجل ذلك عبر توصيات عديدة في مؤتمرات إسرائيلية وفي المقدمة منها مؤتمرات هرتسليا التي عقدت بشكل دوري منذ عام 2000.

وبالعودة إلى أدبيات الحركة الصهيونية نرى أن نجاح مشروعها في إنشاء الدولة اليهودية بفلسطين واستمرارها كان يكمن في القدرة على طرد السكان الفلسطينيين من ديارهم و إحلال المستوطنين اليهود من كافة بقاع الأرض عوضاً عنهم، واستطاعت الحركة الصهيونية - بعد 49 عاماً من انعقاد المؤتمر الصهيوني في مدينة بازل السويسرية من إنشاء الدولة، أي يوم 15 مايو/أيار 1948- إقامة إسرائيل على نحو 78% من مساحة فلسطين البالغة 27009 كلم2، وتم طرد نحو 850 ألفاً من الفلسطينيين خارج أرضهم كانو يمثلون 61% من مجموع السكان العرب الفلسطينيين في عام 1948.

ومنذ العام المذكور اعتبر أصحاب القرار في إسرائيل مجرد وجود الأقلية العربية في أرضها خطراً عليها، فانتهجت حيالها إستراتيجية استهدفت الاستمرار في الإرهاب والتمييز العنصري لإجبار الفلسطينيين على الرحيل وإفراغ الأرض من أهلها الشرعيين، وتبعاً لذلك قام الجيش الإسرائيلي وقبله العصابات الصهيونية: الشتيرن، والهاغاناة، والإيتسل، بارتكاب العديد من المجازر كمجزرة اللد والرملة وكفر قاسم وقبية والطنطورة وبلد الشيخ لدفع العرب خارج أرضهم.

سياسات إسرائيلية محكمة

وبعد ذلك اتبعت السلطات الإسرائيلية سياسات استهدفت قطع اتصال الأقلية العربية مع محيطها العربي، وحاولت في نفس الوقت استيعابها ودمجها في المجتمع الإسرائيلي ولكن على هامشه. وعملت السلطات الإسرائيلية جاهدة لطمس الهوية العربية، فحاولت جعل الدروز والشركس قوميات منفصلة وفرضت عليهم الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي منذ عام 1958، وحاولت التفريق بين العرب المسلمين والمسيحيين، وتقسيم المسيحيين إلى طوائف شرقية وغربية، والمسلمين إلى مذاهب مختلفة.

اتبعت السلطات الإسرائيلية سياسات استهدفت قطع اتصال الأقلية العربية مع محيطها العربي، وحاولت في نفس الوقت استيعابها ودمجها في المجتمع الإسرائيلي ولكن على هامشه، وعملت جاهدة لطمس الهوية العربية.

ومر العرب داخل الخط الأخضر بثلاث فترات بين عامي 1948 و 2009، وتميزت الفترة الأولى (1948- 1966) وهي فترة الحكم العسكري الإسرائيلي باستصدار إسرائيل 34 قانوناً لمصادرة الأراضي العربية، سواء تلك التي تعود ملكيتها للاجئين الفلسطينيين في الشتات، أو لأصحابها الموجودين في إسرائيل الحاضرين الغائبين الذين يقطنون في قرى ومدن غير تلك التي طردوا منها.
فعلى سبيل المثال لا الحصر يقطن جزء من أهالي قرية صفورية في قضاء الناصرة قرب قريتهم التي طردوا منها عام 1948 ويمنعون من العودة إليها، ويقدر مجموع الحاضرين الغائبين بنحو 260 ألف عربي فلسطيني.

وتوالت السياسات الإسرائيلية لمصادرة مزيد من الأراضي العربية، وبلغت المصادرة أوجها في مارس/آذار 1976، حيث تمت مصادرة إسرائيل لنحو 21 ألف دونم من قرى سخنين وعرابة وغيرها من القرى الفلسطينية في الجليل والمثلث، وعلى خلفية ذلك قامت الأقلية العربية في أرضها بانتفاضة يوم الأرض في 30 مارس/آذار 1976، وسقط خلالها ستة شهداء من القرى المذكورة، وأصبح هذا اليوم يوماً وطنياً في حياة الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، تتجسد فيه الوحدة الوطنية الفلسطينية دفاعاً عن عروبة الأرض وضد مصادرتها من قبل سلطات الاحتلال.

الأقلية العربية والقوانين العنصرية

   وتبعاً لمصادرة الأراضي العربية من قبل الجيش الإسرائيلي تحت حجج وضرورات الأمن، فإن الفلسطينيين ورغم ارتفاع مجموعهم من 151 ألفاً عام 1948 إلى نحو 1.4 مليون يمثلون نحو 20% من سكان إسرائيل، لا يملكون سوى 3% من الأراضي التي أقيمت عليها الدولة الإسرائيلية عام 1948 في ظروف دولية وإقليمية استثنائية.

إضافة إلى ذلك، يعاني العرب داخل الخط الأخضر من تمييز إسرائيلي واضح في مجال العمل والتعليم والصحة، الأمر الذي انعكس على المؤشرات ذات الصلة، فبينما بلغت معدلات البطالة بين اليهود في سوق العمل الإسرائيلي إلى ما بين 8 و9% خلال الأعوام الأخيرة، ارتفعت معدلات البطالة بين العرب إلى نحو 19%، وبسبب ضعف الخيارات فإن 44% من الأطفال العرب يرتادون رياض الأطفال، في مقابل 95% للأطفال اليهود في سن ثلاث سنوات.

ويعاني أكثر من ربع الأطفال العرب داخل الخط الأخضر من ظاهرة الفقر المدقع، إضافة إلى ذلك يمنع العربي من العمل في القطاعات الإسرائيلية الإستراتيجية خاصة العسكرية منها. ونتيجة التمييز في موازنات التعليم ارتفعت معدلات الأمية بين العرب خلال الأعوام الأخيرة لتصل إلى 12% مقابل 5% بين اليهود.
ومحاولةً منها لتهويد الأراضي العربية داخل الخط الأخضر، وضعت السلطات الإسرائيلية مخططات لتهويد الجليل وكسر التركز العربي في المنطقة المذكورة، وذلك عبر مسميات مختلفة في المقدمة منها ما يسمى مشروع تطوير منطقة الجليل، ومشروع نجمة داود لعام 2020، حيث تهدف تلك المشاريع وغيرها إلى إخلال التوازن السكاني لصالح اليهود في المنطقة الشمالية التي تضم مدن الجليل، مثل الناصرة وحتى وادي عارة.

اقترح ليبرمان مشاريع قوانين عنصرية لترسيخ فكرة يهودية الدولة منها: مشروع يحرم الأقلية العربية من إحياء ذكرى نكبتهم، وآخر يتم من خلاله القسم لأي شخص يحمل الهوية الإسرائيلية ليهودية الدولة.
وبعد تشكيل حكومة نتنياهو الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل ستواجه الأقلية العربية تحديات جمة في المقدمة منها مخططات الترانسفير التي يدعو إلى تنفيذها أكثر من وزير وعضو كنيست.
وقد تم اقتراح مشاريع قوانين عنصرية من قبل وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان لترسيخ فكرة يهودية الدولة، وتهميش الكفاح الخاص الذي تمارسه الأقلية العربية داخل الخط الأخضر، ومن بين تلك المشاريع مشروع قانون يحرم الأقلية العربية من إحياء ذكرى نكبتهم، ومشروع قانون آخر يتم من خلاله القسم لأي شخص يحمل الهوية الإسرائيلية ليهودية الدولة، الأمر الذي يهدد بسحب الهوية الإسرائيلية من الأقلية العربية ويهيئ الظروف لطردهم في نهاية المطاف.

بل وقامت باغلاف العديد من المؤسسات الناشطة التي تخدم  الفلسطينيين داخل الاراضي المحتلة عام 1948 في اطار استهدافها للفلسطينيين .. . .. طالع المؤسسات التي اغلقتها الحكومة الاسرائيلية 

فلسطينيو 48.. التمييز الإسرائيلي بالأرقام

أوضحت معطيات حديثة أصدرها مركز ركاز التابع لجمعية الجليل داخل الخط الأخضر مدى التمييز الذي لحق بالمجتمع العربي، وذلك من خلال إجراء بحث ميداني شمل نحو 3270 أسرة فلسطينية من الشمال والجنوب في فلسطين المحتلة، واعتمدت هندسة العينة على طريقة إحصائية شملت 1650 أسرة في منطقة الشمال من 41 بلدة عربية تشمل 570 أسرة في منطقة حيفا عبارة عن 11 بلدة، 540 أسرة من منطقة الجنوب من 7 بلدات معترف بهم و8 قرى غير معترف بها، 510 أسر في منطقة المركز شملت 11 بلدة.

وأظهرت النتائج حول السكن والسكان العرب داخل الخط الأخضر الذين يصل مجموعهم إلى 1.4 مليون فلسطينيا عام 2009، أن 58.4% من الأسر الفلسطينية في إسرائيل تحتاج لوحدة سكنية على الأقل خلال العشر سنوات القادمة، فيما لن تتمكن 43% من مجمل الأسر الفلسطينية من بناء أي وحدة سكنية إضافية. وثمة 94.5% من الأسر تمتلك البيوت التي تسكنها.

واللافت أن 86% من الأسر الفلسطينية تبعد أماكن سكناها عن أقرب مستشفى مسافة 5 كلم وأكثر. وبالنسبة لاستخدام شبكة الإنترنت أشارت النتائج إلى أن 34% من الأسر العربية تمتلك شبكة إنترنت، في حين تصل النسبة بين اليهود إلى أكثر من النسبة المذكورة بكثير.

وفي السياق نفسه أظهرت نتائج البحث معطيات حول قوة العمل واتجاهات تطورها، ومن تلك المعطيات تدني مشاركة المرأة العربية في العمل، فبينما تعمل 19% من النساء العربيات تصل النسبة إلى 56% عند النساء اليهوديات. أما معدلات البطالة فقد بلغت قوة العمل العربية في إسرائيل 10%، بينما ترتفع لدى النساء إلى 13.5% مقابل 9% لدى الرجال. وثمة 45% من النساء يعملن في قطاع التعليم.

وتعتبر مؤشرات مستويات المعيشة بين الأقلية العربية من أهم المؤشرات التي أتى عليها البحث، وبهذا الصدد أشارت النتائج إلى أن 32.5% من الأسر العربية تعتمد على المخصصات الحكومية كمصدر دخل رئيسي.

وقد بلغ معدل الصرف الشهري غير الصافي للأسرة العربية 6878 شيكل (الدولار= خمسة شيكلات) مقابل 13245 شيكل للأسرة اليهودية، أي أن معدل صرف الأسرة اليهودية يصل إلى ضعف ما تصرفه الأسرة العربية، وقد يكون ذلك ناتجاً عن اتساع الخيارات المتاحة للعامل والفرد اليهودي في الاقتصاد والحياة العامة مقارنة بضعفها وتدنيها عند الفرد العربي.
كما أظهرت النتائج مؤشرات هامة حول الواقع التعليمي بين الأقلية العربية، فقد وصلت نسبة القراءة والكتابة بين الفلسطينيين إلى 95%، في حين بلغ معدل التسرب في المدارس إلى 5.60% بسبب عدم الاهتمام بالدراسة.

وتصل نسبة الذين يقرؤون الصحف 40% في الفئة العمرية فوق عشر سنوات، وبالنسبة لمعدلات استخدام الحاسوب فثمة 50% من الأسر العربية تمتلك الحاسوب، و65% من العرب الفلسطينيين في إسرائيل يمتلكون الهواتف النقالة.

وفي نفس السياق تشير دراسات مختلفة إلى وجود تمييز في مجالات الأجور والولادات في المشافي والعمل في الجامعات الإسرائيلية، حيث لا يعمل في الجامعات الإسرائيلية كمدرسين سوى عشرة أكاديميين من الأقلية العربية التي تصل نسبتها نحو 18% من سكان إسرائيل. وتصل الولادات بين اليهوديات إلى ضعف الولادات عند العربيات في المشافي الإسرائيلية، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفيات عند النساء الفلسطينيات بسبب الولادة مقارنة مع اليهوديات.

يبقى الوجود العربي المادي الكثيف وتعزيزه داخل المناطق المحتلة عام 1948 وتحسين الظروف المختلفة هو الأهم في المدى البعيد، وذلك بغية تفويت الفرصة لتحقيق أية أهداف إسرائيلية لطرد الفلسطينيين.

الأقلية العربية والكفاح الوطني

ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن المجتمع الفلسطيني داخل الخط الأخضر شارك في كافة مراحل العمل الوطني الفلسطيني وفق تعبيرات مختلفة ممكنة، كان أهمها التعبير عن الوحدة الوطنية في بداية انتفاضة الأقصى في نهاية سبتمبر/أيلول 2000، حيث سقط في الناصرة 13 شهيداً برصاص الجيش الإسرائيلي، كما أن كافة الأحزاب العربية ترفع شعارات ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع وعاصمتها القدس الشريف، هذا في الوقت التي تسعى فيه إلى تحقيق شعارات مطلبية في المقدمة منها المساوة في العمل والدخل والموازنات التي تخصص للمدن والقرى اليهودية من جهة والعربية من جهة أخرى.

لكن يبقى الوجود العربي المادي الكثيف وتعزيزه داخل المناطق المحتلة عام 1948 وتحسين الظروف المختلفة هو الأهم في المدى البعيد، وذلك بغية تفويت الفرصة لتحقيق أية أهداف إسرائيلية وخاصة القوانين العنصرية التي تعتبر مقدمات لعمليات الطرد التي دعا لتنفيذها أكثر من مسؤول إسرائيلي خلال مؤتمرات هرتسليا السنوية وكذلك العنصري المستحدث ليبرمان في الآونة الأخيرة.

تشريعات عنصرية ضد الفلسطينيين في الداخل، 2008

قانون المواطنة (صلاحية نزع المواطنة) 2008: نزع المواطنة بسبب "خرق الولاء":

بتاريخ 28 تموز/ يوليو 2008 صادق الكنيست على قانون المواطنة (التعديل رقم 9) (صلاحية نزع المواطنة) 2008. ويُمكّن هذا القانون من نزع المواطنة نتيجة عمل فيه خرق للولاء للدولة. والتعريف للخرق الذي يطرحه لهذا المصطلح واسع جداً، ويتضمن السكن في 9 دول عربيّة وإسلاميّة، حددها القانون، أو في قطاع غزّة. كما يمكّن القانون من نزع المواطنة من دون تثبيت مطلب إدانة سابقة جنائية على "خرق الولاء للدولة". أي لا حاجة أن يتم اتهامك بخرق ولاء الدولة حتى تنزع جنسيتك، وبالإمكان نزع المواطنة استناداً إلى مواد سرية، وبدون إجراءات عادلة قانوناً .

يمس هذا القانون الفلسطينيين في الداخل، وخاصةً المواطنين الفلسطينيين الذين انتقلوا للسكن في غزّة ليعيشوا مع أزواجهم/ زوجاتهم، الذين ترفض إسرائيل منحهم أيّة مكانة قانونيّة في أعقاب سن قانون المواطنة، والدخول إلى إسرائيل في العام 2003، الذي يمنع لمّ شمل العائلات الفلسطينيّة.

تمديد سريان قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل، قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل (أمر ساعة)، 2003منع لمّ شمل العائلات لسنة إضافية

بتاريخ 1 تموز/ يوليو 2008 صادق الكنيست الإسرائيلي على قرار الحكومة، تمديد سريان قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل لسنة إضافية، هي السابعة حتى الآن، وذلك حتى يوم 31 تموز 2009؛ ونتيجة لهذا فإنّ معاناة آلاف العائلات المتضرّرة من القانون ستتواصل وتطول، بحيث أنّه لا يمكن لهذه العائلات تنظيم مكانتها في إسرائيل، أو أنه لا يمكنها تحسين الوضعية المؤقتة الممنوحة للزوج/ة الفلسطيني/ة من سكان الضفة الغربية أو قطاع غزة.

قانون أساس الكنيست: (مرشح زار دولة عدو خلافًا للقانون): سلب الحق في الترشح ممّن زار دول عربية معينة، تُعرفها إسرائيل على أنها دول "عدو".

في يوم 30 حزيران/ يونيو 2008 جرى التصديق بالقراءتين الثانية والثالثة على تعديل لقانون أساس: الكنيست (مرشح زار دولة عدوّ خلافا للقانون) ويسلب التعديل الجديد على "أساس قانون  الكنيست"، من كل مواطن زار دول تعرف أنها دول "عدو" – مثل سورية ولبنان والعراق وإيران وغيرها- في السّنوات السّبع التي سبقت موعد تقديم قائمة المرشحين، من دون إذن من وزير الداخلية، - يسلب- حقه في الترشح للانتخابات للكنيست.

 وقد قُدم التعديل على قانون الأساس للكنيست، كما ورد في التوضيحات المرافقة للقانون، على خلفية زيارة نواب عرب لعدد من الدول العربية. ويُنظر إلى هذه الزيارات، وفق اقتراح القانون الجديد، على أنها "دعم لكفاح مُسلح ضد دولة إسرائيل".

ويشكّل التعديل الجديد لقانون الأساس مسًّا قاسيا بالحق في الترشح كحق دستوري. وما يميز هذا القانون هو التفافة على قرارات قضائية سابقة، منها قرار الحكم الذي أمرت فيه المحكمة العليا بإبطال قرار اللجنة المركزية للانتخابات، الذي شطب ترشيح النائب د.عزمي بشارة، من ضمن سائر القرارات، في أعقاب زياراته إلى سورية، من خلال التشديد على أهمية الحق الدستوري في الترشّح والانتخاب.

قانون استيعاب الجنود المُسرحين (امتيازات للجنود المُسرحين) 2008: السماح بالتمييز ضد الطلاب الجامعيين العرب في المؤسسات الأكاديمية بواسطة اللجوء إلى معيار الخدمة العسكرية/ المدنية
يسمح هذا التعديل باستخدام معيار الخدمة العسكرية/المدنية أثناء البت في استحقاق السكن في مساكن الطلبة في جميع المؤسّسات الأكاديمية.

أضفْ إلى ذلك أن القانون يمنح المؤسسات الأكاديمية مساحة تحكيم رأي وتفكير واسعة عند البت في الامتيازات الاقتصادية الإضافية الممنوحة للجنود المُسرحين، من دون علاقة بالامتيازات التي مُنحت لهم وفق أي ترتيب واتفاق سابقين.

وبذلك تكون الكنيست قد التفت أيضاً على قرار محكمة في قضية "عدالة" ضد جامعة حيفا، بحيث أقرت فيه المحكمة أن معيار الخدمة العسكرية غير قانوني.

قانون التدبيرات القضائية الجنائية (التحقيق مع المشتبهين) 2008تمديد الإعفاء من التوثيق البصري والصوتي للتحقيقات الجارية مع مشتبهين بمخالفات أمنية، يخلق ظروفا مُيسرة للقيام بتعذيب المُحقق معهم وبانتهاك حقوقهم.

في يوم 16 حزيران/ يونيو 2008 صادق الكنيست الإسرائيلي على التعديل رقم 4، على قانون التدبيرات القضائية الجنائية (التحقيق مع المُشتبهين) 2008، حيث جرى التمديد بأربع سنوات للإعفاء الممنوح بعدم اتباع التوثيق البصري والصوتي لتحقيقات تجرى مع مشتبه بهم بارتكاب مخالفات أمنية. ويُذكر أن الإعفاء من توثيق تحقيقات "الشاباك"، الذي تم تشريعه في العام 2002، كان مُعداً في البداية ليكون أمر ساعة مؤقتا، إلا أن التمديد الجديد حوّل هذا الإعفاء إلى أمر سيدوم مدة 4 سنوات إضافية.

اسقاطات هذا الإعفاء هي شديدة الخطورة في كل ما يتعلق باللجوء إلى التعذيب، حيث أن المشتبه بهم بارتكاب مخالفات أمنية، هم أكثر المعرضين لخطر اللجوء إلى التعذيب.

والإعفاء الجارف الذي يوفره القانون يسري على استخدام آلية أساسية ومتأصلة سعيا نحو الحقيقة. وهو يُفشل أية إمكانية لتسيير رقابة قضائية فعّالة على عملية التحقيق وعلى شرعية الأدلة التي تُجلب أمام المحكمة خلال مرحلة استيضاح التهمة، ويمس مسّا قاسياً بحقوق المشتبه بهم في الحرية الشخصية، وفي إجراء مُنصف.

 ويهدف الإعفاء إلى منع مراقبة عمل مُحققي "الشاباك"، وتمكينهم من التحقيق مع مشتبه بهم في ارتكاب مخالفات أمنية من دون أن يكونوا خاضعين لرقابة قضائية فعّالة؛ الهدف منها أن تشكل أداة جامحة أمام "الشاباك" من اللجوء إلى وسائل تحقيق لاغية.

ويلقي غياب التوثيق البصري والصوتي بتبعاته على موثوقية ومصداقية ومقبولية الأدلة المقدّمة ضد المشتبه بهم، حيث أنّ التوثيق الخطي يخضع لسيطرة المحققين ويمنع المحكمة من تلقّي انطباع بصدد تصرّف وأقوال المشتبه به ومُحققيه.

وللتوثيق البصري والصوتي أهمية قصوى في الحفاظ على مصداقية وموثوقية الشهادات في الحالات التي يجري فيها التحقيق بلغة المُشتبه به، بينما يجري توثيق التحقيق بلغة أخرى. وكما هو معلوم، فإنّ الغالبية الكبرى من المشتبه بهم بارتكاب "مخالفات أمنية"، هم من الفلسطينيين الناطقين بالعربية، فقط، ولذلك توجد أهمية خاصة في التوثيق البصري والصوتي، بالذات في التحقيقات الجارية مع مشتبه بهم كهؤلاء.

ويتعاظم المس الذي يُلحقه الإعفاء المُثبّت في القانون نتيجة لتراكمه إلى جانب سلب حقوق أسرى أساسية أخرى من مشتبه بهم بارتكابهم مخالفات أمنية، ومن ضمن ذلك منعهم من الالتقاء بمُحاميهم، تأجيل عرض المشتبه بهم على قاضٍ، إدارة محاكمة من دون حضور المعتقل، وغيرها. ويعني غياب التوثيق سدّ الطريق الوحيدة القائمة والمُتاحة أمام المعتقل للتبليغ عن استخدام وسائل لاغية أثناء التحقيق معه.

كما أنّ الإعفاء يُميّز على خلفية قومية، في ضوء غياب معايير ذات علاقة تبرر التمييز والفصل بين المشتبه بهم بارتكاب مخالفات أمنية وبين المشتبه بهم بارتكاب مخالفات جنائية عادية، في كل ما يخص واجب التوثيق البصري والصوتي، خصوصًا أنّ الإعفاء، وفق النظر في تحصيلاته، يخلق تمييزاً على أساس قومي؛ فالغالبية المطلقة للمُحقَّق معهم في تهم يسري عليها الإعفاء هم من الفلسطينيين.

قانون تقييد استعمال وتسجيل أعمال في قطع سيارات مستعملة (منع السرقة) (التعديل رقم 4- أمر ساعة) 2008تسيير منع جنائي على تصليح سيارات في مرائب (كراجات) فلسطينية في الضفة الغربية، والذي يمسّ بالحيّز الاقتصادي الضيّق لدى الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 67 التعديل رقم 4 على قانون تقييد استعمال وتسجيل أعمال في قطع سيارات مُستعملة (منع السرقة)، الذي يمنع مواطني إسرائيل من تصليح سيارة في مناطق السلطة الفلسطينية، جرى التصديق عليه بالقراءتين الثانية والثالثة في الكنيست بتاريخ 31 آذار 2008، بمبادرة عضو الكنيست موشيه كحلون.

ويقضي المنطق الكامن من وراء القانون بضمان مستوى أمان لائق في شوارع الدولة، بما يلائم المواصفات الإسرائيلية، إلا أنّ الافتراض الكامن في أساسه، بأنّ كل سيارة يجري تصليحها في مناطق السلطة الفلسطينية هي سيارة غير صالحة، لم يحظَ بأيّ تدعيم حقائقي خلال بلورة القانون.
وينصّ القانون على منع جارف ضد أيّ نوع من التصليحات، لأية سيارة، في جميع المناطق التابعة للسيطرة المدنية للسلطة الفلسطينية، أي في جميع مناطق الضفة الغربية، باستثناء مناطق المستوطنات، كما أنه يفرض على تصليح سيارة (كما هو مذكور أعلاه) عقوبة سجن تصل مدتها إلى ثلاث سنوات، إضافة إلى عقوبات تتمثل في إلغاء رخصة السيارة وإلغاء رخصة السياقة.

ويهدف هذا القانون، أولا وأخيرًا، إلى المسّ بمصادر رزق أصحاب الكراجات الفلسطينيين خصوصاً، وبالاقتصاد الفلسطيني عموماً، وهو جزء من منظومة قوانين تهدف لخلق عزلة اقتصادية ضد السّكان الفلسطينيين في المناطق المحتلة وإلى إحداث فصل عنصريّ، هو غير قانونيّ بالتأكيد.

قانون حبس مقاتلين غير قانونيين (تعديل) 2008السماح باعتقال إداري غير محدد لأجانب، تعتبرهم إسرائيل "محاربين غير قانونيين"، ووضع نظام جديد يراجع فيه الجيش هذه القضايا.

قانون حبس محاربين غير قانونيين (تعديل) 2008، يضيف إلى صعوبة وشدّة ظروف حبس المحاربين الذي وقعوا في الأسر الإسرائيلي، ويشكّل استمراراً للسياسة التي تلتفّ على القوانين الدولية الإنسانية التي تنظّم موضوع أسرى الحرب وتحدّد مكانتهم وحقوقهم أثناء الأسر والعمليات الإجرائية المتعلقة بمحاكمتهم، والتي أدّت (هذه السياسة) إلى تشريع القانون الأصلي في سنة 2002 .

وينفي القانون حقوقاً أساسية تخص أسرى الحرب (وفق تعريفهم في القانون الدولي)، مثل: الحق بالتواجد في المداولات، علانية المداولات، تأسيسات قرائنية صلبة للتهم الموجهة ضدهم وغيرها.

ويمنح القانون الجديد لتعديل القانون، والذي تبلور على خلفية الحرب الثانية على لبنان والوضع في غزة، صلاحية للجيش بمنع هؤلاء الأسرى من التقاء مُحاميهم لفترات طويلة تصل إلى 21 يوماً بعد احتجازهم
ويشكّل اقتراح القانون الجديد مسّاً صارخاّ بحقّ هؤلاء المعتقلين الأساسي بإجراء مُنصف وبمنع الاعتقال الاعتباطي، والممنوح لكلّ إنسان معتقل وفق البند رقم 9 من المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية الصادرة في العام 1966، كما يمسّ واجب توفير المعاملة الإنسانية والمُنصفة لأسرى الحرب، المُثبت في ميثاق هاغ من العام 1907.

من الجدير بالذكر أنّ القانون الدوليّ لا يحوي فئة "محاربين غير قانونيين"، وهو تعريف ناتج عن الاحتلال الإسرائيلي يأتي كي يلتف على حقوق المحاربين أثناء الحرب، المضمونة وفق ميثاق هاغ ووفق قوانين حقوق الإنسان.

اقتراحات قوانين ما زالت قيد التشريع

اقتراح قانون لتعديل أمر السّجون (تقييد زيارة سجين أمنيّ) 2007سلب حق الأسرى الفلسطينيين وأبناء عوائلهم من زيارتهم في السجون

بتاريخ 23 كانون الثاني 2008 جرى التصديق على اقتراح قانون بادر إليه عضو الكنيست أرييه إلداد، بالقراءة التمهيدية في الكنيست الإسرائيلي، وذلك بدعم جزئي من الحكومة.

ويمنح اقتراح القانون وزير الأمن الداخلي تفويضاً بمنع الزيارات عن الأسرى الأعضاء في تنظيمات معيّنة "إذا كان تنظيم إرهابي يحتجز مواطنا إسرائيليا مخطوفاً بحيازته، ومنع عنه زيارة من ممثل عن الحكومة الإسرائيلية، ممثل عن تنظيم إنساني أو فرد من العائلة".

ويشكّل منع الزيارات كما ورد أعلاه خرقاً خطيراً لأوامر القوانين الدولية ولأوامر القوانين الإسرائيلية. كما يشكل عقاباً جماعياً ويخرق الحقوق الأساسية في الحرية والكرامة والمساواة والحياة الأسرية.

الغاية من وراء اقتراح القانون هذا باطلة - الانتقام والردع عن طريق تحويل الأسير إلى رهينة، تخضع حقوقه إلى أعمال أو إفشال شخص آخر لا يملك سيطرة عليه.

 ويكتسب الخرق الكامن في هذه الاقتراح خطورة أكبر في ظلّ الصعوبة الكبيرة القائمة سلفاً في إحقاق حقوق الأسرى الفلسطينيين في زيارات من أسرهم؛ نتيجة للتقييدات الجمّة المفروضة عليهم، ومن ضمنها تقييد الزائرين وتحديدهم بالقرابة الأولى، فقط.

 ظروف الزيارات والحواجز التي تفصل بين الأسرى وعوائلهم، وسياسة الحصار، وتصنيف غالبية أبناء العوائل كممنوعين من الدخول إلى إسرائيل، إلى جانب المنع المطلق المفروض على الأسرى من استخدام الهواتف؛ للحفاظ على علاقاتهم مع أبناء عوائلهم، والتقييدات المفروضة على إرسال واستقبال الرسائل. وإلغاء الزيارات...؛ في مثل هذه الظروف يلغى حق الأسير على أن يكون في أي اتصال مع عائلته.

اقتراح قانون الأضرار المدنية (مسؤولية الدولة) 2008محاولة الالتفاف على قرار المحكمة العليا وإعفاء الدولة من مسؤوليتها عن الأضرار التي ألحقتها بالفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 67

في يوم 10 حزيران 2008، تمت المصادقة على اقتراح قانون الأضرار المدنية (مسؤولية الدولة) (التعديل رقم 8) 2008، بالقراءة الأولى في الهيئة العامة للكنيست. ويسعى اقتراح القانون هذا، الذي بادر إليه وزير القضاء، إلى منع سكان المناطق المحتلة من إمكانية تقديم دعاوى أضرار ضد قوات الأمن، رغم أنّ الضرر لم يقع نتيجة لنشاطات حربية قتالية.

في سنة 2005 سنّ الكنيست الإسرائيلي قانون الأضرار المدنية (مسؤولية الدولة) (التعديل رقم 7)، الذي نصّ على أنّ الدولة لن تتحمّل مسؤولية الأضرار التي وقعت في منطقة نزاع نتيجة نشاط قامت به قوات الأمن أثناء عمليات ليست حربية (قتالية)، إلا أنّ المحكمة العليا قبلت التماس "عدالة" وتنظيمات حقوق إنسان أخرى ضد التعديل رقم 7 على قانون الأضرار المدنية وقالت: إنّ التعديل المذكور ليس دستورياً والدولة غير معفاة من مسؤوليتها على أضرار سببتها قوات الأمن خارج إطار النشاط الحربيّ. والآن، يسعى وزير القضاء إلى الالتفاف على قرار المحكمة العليا عن طريق التعديل رقم 8 وإعفاء الدولة من مسؤوليتها عن أضرار لحقت بالفلسطينيين سكان المناطق المحتلة.

وتشكل هذه الخطوة تصعيداً آخر في تنصّل إسرائيل من واجباتها وفق القانون الدولي تجاه الفلسطينيين، سكان المناطق المحتلة عام 67. وفي حال إتمام مبادرة التشريع هذه فإنّ الأمر سيؤدي إلى سدّ المسار المتبقي الذي يكاد يكون الوحيد للكشف عن القليل من الموبقات التي يلحقها الاحتلال بالفلسطينيين سكان المناطق المحتلة، والتي لا يجري التحقيق في غالبيتها في المسار الجنائي.

فلسطينيو 48 والانتخابات البرلمانية الإسرائيلية

الموقف من المشاركة في الانتخابات:

هناك إشكالية تاريخية تواجه فلسطينيي 48 بخصوص المشاركة العربية في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية؛ فمنذ الانتخابات البرلمانية الأولى، في الخامس والعشرين من كانون الأول للعام 1949، وفلسطينيو 48 منقسمون في موقفهم تجاه المشاركة في هذه الانتخابات إلى تيارين أساسيين، وهما:

التيار الأول: يرى ضرورة المشاركة في العملية السياسية برمتها؛ وفي القلب منها "العملية الانتخابية"، ترشيحًا وتصويتًا؛ لاستثمار الكنيست كمنبر مُتاح لمواجهة السياسات الإسرائيلية العنصرية تجاه فلسطينيي 48، ومن أجل الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم اليومية.

التيار الثاني: يرى أنه لا فائدة من المشاركة في العملية السياسية، وتحديدًا في الانتخابات؛ فالاندماج في ظل أيديولوجية الدولة وممارستها المستندة إلى المثل الصهيونية، أمر مستحيل؛ لأن إسرائيل مصرة على طابعها اليهودي؛ فيما يشكل العرب هوية مغايرة تمامًا.

ويلقى تيار المقاطعة الدعم الأساسي من "الحركة الإسلامية -الشق الشمالي" برئاسة الشيخ رائد صلاح، وحركة "أبناء البلد" الذين يرون أن المشاركة في الانتخابات البرلمانية لا يمكن أن تحقق طموحات الجماهير العربية؛ بل إن مشاركة فلسطينيي 48 فيها يمكن أن تخلق انطباعًا بأن إسرائيل دولة ديمقراطية حقيقية؛ ما يفيدها عالميًا؛ فيما الحقيقة عكس ذلك.

وتبقى هذه الإشكالية المتمثلة بالانقسام تجاه المشاركة في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية تطفو على السطح وتخبو في فترات متفاوتة أو متباعدة؛ لكنها لا تغيب أبدًا.  إلا أن الثابت تاريخيًا أن فلسطينيي 48 كان لهم مشاركات فردية في إطار أحزاب إسرائيلية أو مشتركة أو قوائم حزبية عربية متعددة ومنقسمة ومتنافسة منذ عام 1949م.

الأحزاب والحركات العربية والمشاركة في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية:

منذ عام 1949 وحتى أواخر ثمانينيات القرن الماضي، لم تظهر أحزاب عربية خالصة على الساحة الحزبية الإسرائيلية، تشارك في الانتخابات البرلمانية؛ واقتصرت مشاركة فلسطينيي 48 في الانتخابات، كمرشحين في إطار الأحزاب الإسرائيلية أو المختلطة المنتسبين لها، أو في إطار قوائم هامشية، تشكل للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، ثم ما تلبث أن تختفي.

وقد شهدت خمسينيات وستينيات القرن الماضي بعض المحاولات لتشكيل حركات سياسية تتحدث باسم فلسطينيي 48؛ لكنها لم تتمكن من الاستمرار بسبب خلافات داخلية، أو بسبب التضييق الذى كانت تمارسه السلطات الإسرائيلية عليها؛ ومع ذلك يمكن الإشارة إلى بعض المحاولات التي كان لها تأثيرًا إيجابيًا كبيرًا في التاريخ السياسي لفلسطينيي 48، وهما:

المحاولة الأولى: هي تأسيس "الجبهة العربية الشعبية" في عام 1958 على يد مجموعة من الشيوعيين والقوميين - الناصريين، والتي كانت محسوبة على التيار القومي، لسيطرة القوميين عليها؛ وكانت تطالب بإلغاء الحكم العسكري، وعودة اللاجئين، وإلغاء سياسة التمييز؛ ما عرض أعضاءها لمعاملة عدائية من السلطات الإسرائيلية.  وقد حلت الجبهة بعد احتدام الخلافات بين التيار الشيوعي والقومي بداخلها.

المحاولة الثانية: تأسيس "حركة الأرض" على يد القوميين، في عام 1964م، في أعقاب حل "الجبهة العربية الشعبية"، والتحاق الشيوعيين بالحزب الشيوعي.  وقد حاول مؤسسو "حركة الأرض" تسجيلها كحزب سياسي؛ لكنهم فشلوا بعد أن قررت المحكمة العليا الإسرائيلية اعتبار الحركة تمس بوجود إسرائيل؛ وبالتالي تم حظر نشاطها ومنع أعضائها من المشاركة في انتخابات الكنيست السادسة عام 1965 تحت اسم القائمة الاشتراكية.

وفي مطلع سنوات السبعينيات ظهرت حركتان وهما:

الحركة الإسلامية: حركة دينية سياسية أقيمت في 1971 على يد الشيخ عبد الله نمر درويش وكان موقفها رافض للمشاركة في الانتخابات البرلمانية،  وفي 1996 انقسمت إلى قسمين:

  1.  الجناح الشمالي بقيادة رائد صلاح: استمر في رفضه للمشاركة بالانتخابات البرلمانية الإسرائيلية والدعوة لمقاطعتها.
  2. "الجناح الجنوبي بقيادة إبراهيم صرصور: شارك في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية في إطار تحالف "القائمة العربية الموحدة" مع "الحزب العربي الديمقراطي" و"الحركة العربية للتغيير".

حركة أبناء البلد: تأسست حركة أبناء البلد عام 1972، واعتبرها الكثيرون امتدادًا لـ"حركة الأرض"؛ لكنها دعت إلى مقاطعة المشاركة في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية.

ومع قرب نهاية عقد الثمانينات، وتحديدًا في عام 1988م، كان الحدث الأبرز على الساحة الحزبية في مسيرة فلسطينيي 48 السياسية؛ حيث تم إنشاء "الحزب الديمقراطي العربي" على يد عبد الوهاب دراوشة؛ وكان أول حزب عربي صرف، ولم تحظره السلطات الإسرائيلية؛ ما أدى إلى قيام أحزاب عربية أخرى شاركت في الانتخابات البرلمانية اللاحقة، ومنها: "التجمع الوطني الديمقراطي"، الذي تأسس  عام 1996؛ و"الحركة العربية للتغيير" التي تأسست عام 1996؛ و"الحركة الإسلامية- الشق الجنوبي" التي ظهرت عام 1996م، بعد انشقاق الحركة الإسلامية إلى جزء شمالي مقاطع للانتخابات؛ وجنوبي مشارك فيها.

حجم المشاركة في الانتخابات:

شارك فلسطينيو 1948م  في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية منذ الكنيست الأولى مشاركة فاعلة، وصلت ما بين 79.3% و93.1% بين عامي 1949م و1977م؛ لكن بعد  سنوات الثمانينيات تراجعت نسبة المشاركة لتصل أدنى مستوياتها عام 2009؛ حيث بلغت نسبة مشاركة فلسطينيي 48 في انتخابات الكنيست الثامنة عشرة 54%.  ويرد متابعو شؤون فلسطينيي 48 هذا التراجع إلى تعدد الأحزاب العربية وانقسامها، وفشلها في  إقامة كتلة عربية موحدة، رغم تشابه أطروحاتها وبرامجها الحزبية؛ وفي المقابل تصاعد التيار المنادي بمقاطعة الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية.

إن مشاركة فلسطينيي 1948 في الانتخابات لا تعني تصويتهم لصالح القوائم العربية؛ بل إن هناك نسبة لا بأس بها تدلي بأصواتها لصالح الأحزاب الإسرائيلية؛ ففي انتخابات 2003م، بلغت نسبة الأصوات العربية لصالح الأحزاب الإسرائيلية 34%.  إن تلك النسبة يقابلها عدم تصويت اليهود لأي من الأحزاب العربية؛ وهو الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات حول دوافع تلك النسب المرتفعة من فلسطينيي 48 للتصويت لأحزاب إسرائيلية رغم وجود الأحزاب العربية.  ربما يعود ذلك إلى نجاح الأحزاب الإسرائيلية، وحزب العمل تحديدًا، في خطب ودِّ فلسطينيي 48 وإقناعهم ببرنامجه؛ وربما يكون هذا التصويت احتجاجًا على عدم فعالية الأحزاب العربية.

إن ارتفاع نسبة مشاركة فلسطينيي 48 في الانتخابات البرلمانية لم يواكبه ارتفاع في حجم تمثيلهم داخل الكنيست الإسرائيلي؛ هذا بالإضافة إلى العديد من القوانين العنصرية التي يأتي في مقدمتها قانون يمنع أي حزب أو قائمة انتخابية من المشاركة في انتخابات الكنيست، إذا كانت أهدافها أو أعمالها تؤدي صراحة أو ضمنيًا إلى واحدة من النقاط التالية:

- إنكار وجود دولة إسرائيل،  كدولة للشعب اليهودي.

- إنكار الطبيعة الديمقراطية للدولة.

- التحريض على العنصرية.

الفلسطينيون يتوحدون لمعركة الانتخابات 2015:

وبعد 67 عامًا من الفرقة والتشظي العربي الفلسطيني، ولأول مرة في تاريخها، اتفقت الأحزاب العربية لفلسطينيي 48 على خوض انتخابات الكنيست العشرين في 17 آذار (مارس) 2015م، ضمن قائمة موحدة التي أعلن عن تشكيلها في شهر كانون ثاني 2015م؛ ولعل الأسباب التي دفعت نحو هذه الوحدة هي:

- ضغط  الجماهير العربية على قيادة الأحزاب العربية لتشكيل قائمة موحدة لخوض الأنتخابات البرلمانية.

- لتجاوز نسبة التصويت المطلوبة (الحسم) وهي 3.25%.

- التحديات التي تواجه فلسطينيي 48، والمتمثلة في رزمة من القوانين العنصرية التي أقرت داخل الكنيست الإسرائيلي.

- مواجهة اصطفافات قوى اليمين واليمين المتطرف، ولمقارعة استبداد الأغلبية الصهيونية، من خلال زيادة وزنها في البرلمان الإسرائيلي، لاستغلال النافذة الوحيدة المتاحة لفلسطينيي 48 لتحسين أوضاعهم والدفاع عن مصالحهم في ظل الجو العنصري الذي يزداد تعمقًا في الساحة الإسرائيلية، خاصة في ظل تصاعد عدد دعاة التخلص من فلسطينيي 48 لتأسيس دولة يهودية خالصة.

لا تتوفر نتائج حالياً