خبر : كلمة السيد كريستيان ساوندرز المفوض العام بالنيابة في الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة العادية (153) لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري القاهرة معالي السيد الرئيس، معالي الأمين العام، الدكتور أحمد أبو الغيط، أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

الأحد 08 مارس 2020 08:58 ص بتوقيت القدس المحتلة

كلمة السيد كريستيان ساوندرز  المفوض العام بالنيابة  في الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة العادية (153) لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري  القاهرة  معالي السيد الرئيس،  معالي الأمين العام، الدكتور أحمد أبو الغيط،  أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،
دائرة شؤون اللاجئين -8/3/2020- كلمة السيد كريستيان ساوندرز

المفوض العام بالنيابة

في الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة العادية (153) لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري

القاهرة


معالي السيد الرئيس،

معالي الأمين العام، الدكتور أحمد أبو الغيط،

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

السيدات والسادة الحضور الكريم

إنه لشرف كبير دوما للأونروا أن يتم الترحيب بها في أروقة جامعة الدول العربية، الشريك متعدد الأطراف الأول لنا، وأن نخاطب هذا المجلس.

فكل فرصة للانخراط في الحوار تقوّي من أواصر هذه العلاقة الخاصة. وأنا ممتن للغاية لمعالي الأمين العام الدكتور أحمد أبو الغيط على دعمه القوي للأونروا ولولايتها التي تقضي بمساعدة لاجئي فلسطين.

وإنني ممتن أيضاً للدعم السياسي الذي قدمته الدول العربية من أجل تجديد ولاية الأونروا، وللسخاء منقطع النظير، إذ تظل المملكة العربية السعودية وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة ضمن الجهات المانحة الأكثر سخاءً عام 2019.

ولأصحاب المعالي الذين يمثلون حكومات المملكة الأردنية الهاشمية ولبنان وفلسطين، فإن الأونروا تعبر عن تقديرها العميق للوفاء بالمسؤوليات التاريخية والصعبة في استضافة اللاجئين لأكثر من سبعة عقود.

لقد أظهرت الدول الأعضاء لدى الجامعة العربية قيادة حازمة في الدفاع عن الحقوق الإنسانية للاجئي فلسطين بانتظام.

والأحداث في المنطقة تدفعنا للاستمرار في التخمين. والانتخابات الأخيرة في إسرائيل تضيف مزيدا من الشكوك حيال ما سيحدث تاليا. ولا يزال أصحاب العلاقة يقيّمون إلى أين ستذهب الخطة الأمريكية المسماة "من السلام إلى الازدهار" بالمنطقة.

إن الموقف القوي الصادر عن الجلسة الاستثنائية لمجلس جامعة الدول العربية نصّ على عدم القبول سوى بحلّ الدولتين في المنطقة، وذلك تماشيا مع القانون الدولي بما في ذلك قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومدعوماً بالقرارات السنوية للجمعية العامة.

وتعترينا شواغل بأن الخطة الأمريكية قد تشجعّ بالفعل ظهور تحديات سياسية بوجه الوكالة.

وإحدى تلك الشواغل تتمثل في جولة جديدة من الأسئلة حول ولايتنا والدور الذي نقوم به. وهذا بحدّ ذاته ليس بالأمر الجديد، وقد قمنا بإعداد رسائل قوية للجهات التي تستهدف ولايتنا، إلا أن حدّة وعدد الأطراف الفاعلة المنخرطة في هذا الأمر يتزايد يوما بعد يوم ويستهدف باضطراد صنّاع القرارات وأعضاء البرلمانات من شتى الأطياف السياسية في عواصم الدول المانحة بغية حرمان الأونروا من التمويل. وإذ ننخرط ونتواصل مع العواصم آملين مواصلة الدعم لنا، فإننا نكون جداً ممتنين لدعمكم ودعم فرق عملكم في مواصلة كسب التأييد لنا بقوة في كل فرصة بالنيابة عنا.

وشاغل آخر لنا هو الجهد المبذول لإنهاء وجود الأونروا في القدس الشرقية. ففي عام 2018 بدأ مسؤولو البلدية بالتدخل في أنشطة الأونروا وقاموا بتهديدات متكررة تشير إلى نية إغلاق مرافق الأونروا والمسّ بمقدرتنا على تقديم الخدمات. وفي ذلك الوقت، ظلت تلك حملة محلية شنها رئيس بلدية القدس حتى نهاية العام الماضي حين قدّم مسودة قانون في البرلمان الإسرائيلي من شأنه إنهاء وجود الأونروا وأنشطتها في المدينة.

ولم يُدرَج التشريع في جدول أعمال الكنيست حتى الآن، ولكننا نثير هذه المسألة استباقياً في المداخلات والاجتماعات كاجتماعنا هذا، لأنه من الأهمية بمكان أن ينخرط المجتمع الدولي مع الحكومة الإسرائيلية والحكومات الأخرى دعماً لنشاطاتنا وولايتنا في القدس الشرقية، في محاولة منه لتفادي أي عمل أحادي يُتَّخذ ضد الوكالة. وفي العديد من المناسبات أوضحنا لوزارة الخارجية الإسرائيلية بأن الاتفاقيات القائمة بين الأونروا وبين إسرائيل والموقعة عام 1967 لا تزال سارية المفعول وبأن اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الامتيازات والحصانات تحمي مرافق الأمم المتحدة وأصولها من التدخّل. وإنه من الأهمية بمكان أن نتذكر بأن ولاية الأونروا تنبع من الجمعية العامة للأمم المتحدة وأن الأونروا بحاجة لأن تستمر في تقديم الحماية والخدمات الأساسية بما يتوافق مع تلك الولاية حتى يتم التوصل إلى حلّ عادل ودائم و/أو أن تقرر الجمعية العامة للأمم المتحدة خلاف ذلك.

هذا وقد تحدث السيد نيكولاي ملادينوف منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط عن هذه القضية في إحاطاته لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

ويقوم مكتبنا في القدس الشرقية بمراقبة الوضع عن كثب.

إن الضغوطات على الأونروا تحيط بها من كل جانب. ففي الوقت الذي ننخرط فيه مع المناهضين لولايتنا ونواجههم – الأمر الذي يستغرق وقتا وجهدا كبيرين – يستمر وضعنا المالي بالتدهور وقد انخفضت الترتيبات التمويلية الحالية للوكالة كثيرا عن الحدّ الأدنى لمتطلباتنا.

إن الالتزامات إزاء ولايتنا وتمديدها في كانون الأول 2019 – لمدة ثلاث سنوات ولغاية 30 حزيران/يونيه 2023 – من جانب الأغلبية الساحقة لأعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أرسل رسالة حاسمة للمجتمع الدولي وللاجئي فلسطين أنفسهم.

ومع ذلك، فإن هذا الدعم السياسي العالمي لولايتنا يأتي معه مسؤوليات وجزء من تلك المسؤوليات هو توفير التمويل الكافي للأونروا من أجل تنفيذ هذه الولاية.

ولا يمكن التقليل بأي حال من الأحوال من حجم السخاء الممنوح للأونروا. ولا أقصد لوهلة التلميح بأن مجتمع المانحين غير مبال باحتياجات اللاجئين الفلسطينيين. بل العكس من ذلك، حيث زاد شركاؤنا في المنطقة بشكل كبير من تبرعاتهم الإجمالية للوكالة على مدار العقد الماضي وسنّ العديد من دول الخليج قدوة حسنة في العطاء الخيِّر. وتخونني الكلمات للتعبير عن مدى تقديرنا لهذا الدعم.

ولكن القيود المالية المفروضة علينا منذ منتصف عام 2019 أصبحت بحقّ لا تُطاق ويشعر اللاجئون الفلسطينيون بعواقبها.

ففي عام 2019، اضطررنا لتأمين تمويل طارئ من الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ لضمان استمرار عملياتنا – وليس مرة واحدا بل مرتين، بما في ذلك قرض بقيمة 30 مليون دولار. ولولا هذين القَرضين لما تمكنّا من دفع رواتب موظفينا. كما أنه لم يكن لدينا الخيار سوى بتأخير الدفع لموردي البضائع والخدمات لنا في الربع الأخير من العام المنصرم.

ونتيجة لذلك بدأنا عام 2020 بدين مقداره 55 مليون دولار. وحتى اللحظة تلقينا تعهدات بقيمة 299 مليون دولار من إجمالي متطلبات تبلغ 1,4 مليار دولار. وإذا لم نتلقى تعهدات إضافية أو لم يقم من تعهد بالوفاء بالتعهدات الحالية فسينفذ المال منا بنهاية الشهر القادم. وفي هذه اللحظة لا يمكنني أن أرى كيف يمكن تلبية احتياجات لاجئي فلسطين هذا العام إذا بقى مستوى الدعم على ما كان عليه عام 2019 وبالتالي فإن البرامج الرئيسة التي يتم تنفيذها في غزة والأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ستتوقف.

وأود أيضا أن استذكر بأن القيود المؤلمة على الإنفاق لسنوات يشعر بها الجميع في كل أقاليمنا، مثل تجميد التوظيف وعدم استبدال السيارات والمعدات الأساسية. فالكثير من أسطول سياراتنا عمره عشر سنوات والكثير من المعدات في مدارسنا قديمة أو تالفة.

لقد تعرض مجتمع اللاجئين للاهتزاز أيضا جراء التدابير التي اضطررنا لاتخاذها، بدءا من التعليق الوشيك لبرنامجنا التعليمي وصولا إلى التخفيضات في المعونة الطارئة المقدمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وسوريا. وقد قاومت لغاية الآن الضغوطات لتعليق البرامج الرئيسة، إلا أن الأمر في النهاية يتعلق بالموارد المتاحة ولن يكون لدي خيار اخر.

وإنني هنا أناشد شركاءنا بتعزيز الدعم، وبضمان تعهدات جديدة وتحويل التعهدات الحالية في أقرب فرصة ممكنة لكي نتمكن من استدامة الاحتياجات الأساسية لمجتمعات اللاجئين الفلسطينيين وكرامتهم. كما أناشد كلّ الشركاء بالالتزام بمعدلات التمويل التي قدّموها عام 2018. أو إن أمكن العطاء بسخاء أكبر منها.

واسمحوا لي أن أذكركم، باعتباركم الشركاء الأقرب إلينا والشاعرين بالضغوطات التي تواجه الأونروا، بأن الأطراف التي تتحدى ولايتنا قد تشجعت بالفعل جراء التطورات السياسية الأخيرة. فالتصور بأن الالتزامات بتلبية احتياجات اللاجئين قد وصلت إلى حدها الأقصى ستعطي دون شك زخما لتلك التحديات. والتخفيض الكبير للخدمات الأساسية التي تقدمها الأونروا أو في الواقع انعدامها سيكون له أثر غير معروف على الاستقرار في المنطقة.

نحن حقاً بحاجة لدعم المجتمع الدولي بأكمله.

أشكركم مرة أخرى للسماح لي بمخاطبة هذا الاجتماع الهام والذي يأتي في وقته وأكرر عميق تقديري للتضامن والسخاء الذي تم إظهاره للاجئين منذ عام 1948.

الأونروا شريكة لكم. وإنه لشرف أن تكونوا شركاءنا.

وبإمكان جامعة الدول العربية أن تواصل الاعتماد علينا لمساعدة لاجئي فلسطين ولتقديم المساعدة التي يحتاجونها من أجل العيش بكرامة طالما تمكنّا من ذلك.

وستقف الأونروا جنبا إلى جنب مع اللاجئين وستساعدهم إلى أن يشهد هذا النزاع المأساوي نهايته، وذلك من خلال حل تفاوضي يكون عادلا ومتفقا عليه بين الأطراف ويحترم حقوق لاجئي فلسطين ويصمد أمام محك الزمن.

عملنا لم ينته بعد ونحن لا نزال بحاجة إلى دعمكم القوي.

ولكم مني جزيل الشكر.

لا تتوفر نتائج حالياً