خبر : "اعتقدنا أننا خسرناه": استخدام الغاز المسيل للدموع في مخيم الدهيشة

الجمعة 12 أبريل 2019 08:02 م بتوقيت القدس المحتلة

دائرة شؤون اللاجئين -12/4/2019-كانت الساعة حوالي السابعة والنصف صباحا من يوم السابع من آذار 2019 عندما اشتم أدهم غازا مدمعا ينساب خلال الزقاق الضيق المؤدي إلى منزله في مخيم الدهيشة بالضفة الغربية المحتلة. وهرع أدهم، وهو والد لثلاثة أطفال صغار، إلى غرفة نومه ليوقظ زوجته التي كانت نائمة إلى جوار طفلهما أحمد حديث الولادة.

وأصيب والدا أحمد بالهلع حال إدراكهما للوضع الصحي المزري له: "كان يبدو أن أحمد في غيبوبة. كان وجهه أزرقا ولم يكن يتحرك. لم يكن يستطيع أن يفتح عينيه!" يقول والده.

واتصل أدهم على الفور بالمسعفين المحليين الذين أسرعوا إلى المنزل وحاولوا إنعاش الطفل الذي يبلغ شهرا واحدا من العمر: "وصل المسعفون وبدأوا بإعطاءه الأكسجين وبالضغط على صدره الصغير بهدف إخراج الغاز منه". كان أحمد في حالة حرجة اضطرتهم إلى أخذه للمستشفى لإعادة إنعاشه. وقد تعافى أحمد منذ تلك الحادثة إلا أنه لا يزال يعاني من صعوبة في التنفس وهو بحاجة إلى استعمال جهاز الأكسجين بشكل يومي. "لم أشعر بجسمي عندما حدث الأمر. إن طفلي هو المتضرر!" يقول أدهم.

وفي الضفة الغربية في العام الماضي، قامت القوات الإسرائيلية بما معدله 19 عملية عسكرية يوميا، وصل مجموعها تقريبا إلى 7,000 عملية على مدار العام كله. ونتج عن العديد من تلك العمليات، مثل عمليات البحث والاعتقالات والرد على مظاهرات المدنيين الفلسطينيين، إطلاق الغاز المسيل للدموع تجاه المدنيين الفلسطينيين.

علاوة على ذلك، فإن حوالي 700 من تلك العمليات العسكرية قد حدثت على وجه التحديد في مخيمات لاجئي فلسطين وحولها، أي ما يعني حوالي 13 عملية في الأسبوع الواحد. والعديد من تلك العمليات العسكرية التي حدثت في المخيمات قد تمت في منتصف الليل وكانت بدايتها أشبه بغارات توغل عنيفة أو تطورت لتصبح كذلك. وتم استخدام الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية في بعض الأحيان في معظم تلك العمليات، وغالبا ما كان يتم إطلاق الرصاص الحي (في الغالب من قبل قناصين تم نشرهم على أسطح مساكن اللاجئين). وفي عام 2018، تسبب الرصاص الحي في المخيمات وحولها بإصابة ما لا يقل عن 78 لاجئ بجراح إلى جانب مقتل أربعة أشخاص، من بينهم طفل واحد. وتسببت تلك العمليات بأضرار في الممتلكات طالت أبواب وشبابيك وأثاث منازل بيوت لاجئي فلسطين. وأثرت تلك الغارات أيضا على سائر السكان في المخيم مما أدى إلى إصابة العديدين منهم بصدمات نفسية. كما تضررت منشآت الأونروا، وخصوصا جراء عبوات الغاز المسيل للدموع التي سقطت داخل المنشآت، بما في ذلك ساحات مدارس الأونروا.

ويتساءل أدهم عن السبب الذي يجعل الجنود يطلقون الغاز المسيل للدموع في الوقت الذي يعلمون فيه أن النساء والأطفال وكبار السن نائمون في منازلهم وعلى مقربة من الغاز. "شاهدت شبابا يركضون في شارع منزلي، ولكن ذلك كان بعيدا عن الاشتباكات التي كانت تحدث في الشارع الرئيسي"، يقول أدهم مضيفا: "إن كانوا يريدون اعتقال الناس، فبمقدورهم فعل ذلك. ولكن لماذا يقومون بإطلاق الغاز المسيل للدموع ويستخدمون الذخيرة الحية والقنابل الصوتية؟ إن الأمر ينتهي بإيقاظ الجميع داخل المخيم".

وفي أعقاب تلك الغارات، تقوم الأونروا بتنفيذ آليات حماية داخلية وتقدم استجابة مصممة خصيصا سواء مباشرة أو من خلال الإحالات إلى مزودي خدمة خارجيين. وفي الحالات التي يتم فيها الإضرار بالمنازل في أعقاب العمليات العسكرية، تستطيع الأونروا أيضا من تقديم مساعدة مالية للعائلات المستحقة من أجل القيام بإصلاح الأضرار والعمل على إعادة تجهيز المسكن بشكل مناسب. ويعد تعرض لاجئي فلسطين للأذى جراء الاستخدام المفرط للقوة من قبل القوات الإسرائيلية أحد الأمور التي لا تزال تسبب القلق. وتقوم وحدة الحماية والحيادية في الأونروا بشكل ممنهج بمراقبة الحالات الفردية ومراقبة المخاوف المتصلة بمواضيع الحماية، وتقوم بإثارة تلك القضايا بشكل خاص مع أصحاب العلاقة المعنيين وتطالب بالتقيد بالقانون الإنساني والدولي وحقوق الإنسان.

ونتيجة للاستخدام الكثيف للغاز المسيل للدموع في مخيمات لاجئي فلسطين في الضفة الغربية، أطلقت الأونروا استجابة عابرة للبرامج تعد الأولى من نوعها وذلك بهدف تقليل تعرض موظفي الأونروا ومنتفعيها لذلك الغاز. وتم إعطاء الأولوية لمخيمي عايدة والدهيشة وذلك بسبب المستويات العالية من التعرض وفقا للرصد الذي قامت به الأونروا. إن هذه الاستجابة تشمل تدريب عمال النظافة في الأونروا على أعمال التنظيف الخبيرة لعبوات الغاز المسيل للدموع في مدارسها ومنشآتها؛ وإحداث تغييرات معمارية لبعض المدارس من أجل منع التعرض للغاز؛ والفحص من قبل الأطباء لمعرفة الأثر الصحي للتعرض المتكرر للغاز المسيل للدموع في مخيمي عايدة والدهيشة. وقد تم عرض التقرير الصادر عن الفحص الطبي  على السلطات الإسرائيلية، وشهدت الأونروا منذ ذلك الحين انخفاضا كبيرا في استخدام الغاز المسيل للدموع في مخيم عايدة. إن تحديد انتهاكات حقوق الإنسان والتداخلات مع كافة أصحاب الواجب تعد أمورا أساسية في جهود الوكالة لمعالجة ومنع أية انتهاكات إضافية وللمطالبة بإيقاع مساءلة أكبر بحق انتهاكات حقوق الإنسان.

لا تتوفر نتائج حالياً